• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: دفن الميت في اللحد أو الشق
  • رقم الفتوى: 4059
  • تاريخ الإضافة: 14 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    ما هو الشق واللحد في القبر ؟ وهل يجوز دفن الميت فيهما؟ وهل يصح شيء في الطوب الذي يبنى على الميت في القبر؟
  • الاجابة

    الشق في الأرض وهو ما يسمى : الضَّرْحُ ، فتح القبر بشكل مستقيم وينتهي الأمر، ويسمى هذا ضرحاً وغالب قبور الناس اليوم من الشق.

    وأما اللحد: وهو الشق في جانب القبر - يعني أن تحفر القبر وتنزل فيه مسافة، ثم في آخره من جهة القبلة في آخر جداره من أسفل تحفر إلى جهة القبلة - فهذا يسمى لحداً.

    كلاهما جائز الشق واللحد نقل النووي رحمه الله الإجماع - إجماع العلماء - على جواز اللحد والشق ([1]) فهذا جائز وهذا جائز، ولكن اللحد أفضل.

    لِما جاء في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه: «الحدوا لي لحداً، وانصبوا علي اللبن نصباً، كما صنع برسول الله ﷺ»([2])، فاللحد أولى وأفضل؛ لأنه الذي فعله الصحابة للنبي ﷺ، فقد حفروا له لحداً ونصبوا عليه اللبن نصباً، وهو أكمل الصور وأجودها.

    فيحفر القبر أولاً شقاً كالقبور التي نراها اليوم، ثم نأتي إلى جدار القبر الذي من جهة القبلة، من أسفل القبر، ثم نحفر في الجدار شقاً واسعاً يكفي الميت، فيوضع الميت فيه على شقه الأيمن، ثم ينصب اللبن فيكون مائلاً ويغلق عليه، ثم بعد ذلك يُهال التراب عليه.

    وجاء أيضاً في حديث البراء عند أبي داود «...خرجنا في جنازة مع رسول الله ﷺ، فانتهينا إلى القبر ولم يُلحَد بعد »([3]) ، فهذا يدل على أن القبور التي كانت تفعل في عهد النبي ﷺ من نوع اللحد، لكن كما ذكرنا هذا جائز وهذا جائز، لكن الأفضل والأولى أن يكون لحداً.

    وكذلك الحديث المتقدم - حديث سعد - يبين لنا أن نصب اللَبِنِ (الطوب) مشروع، وهو الذي فُعل بالنبيﷺ. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى

    قال البغوي في شرح السنة (5/ 388): سمي اللحد؛ لأنه في ناحية ملتحداً معدولاً، ولو كان مستقيماً كان ضريحاً. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 371):  ومعنى اللحد: أنه إذا بلغ أرض القبر، حفر فيه مما يلي القبلة مكاناً يوضع الميت فيه، فإن كانت الأرض رخوة جعل له من الحجارة شبه اللحد. قال أحمد ولا أحب الشق. انتهى

    قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 498): وقد اختلف في اللحد والشق، فاستحب أكثر أهل العلم اللحد؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لحد له، وروينا عن عمر بن الخطاب أنه أوصاهم «إذا وضعتموني في لحدي فافضوا بخدي إلى الأرض». 

    وقال: وممن استحب اللحد: إبراهيم النخعي، وإسحاق بن راهويه، وأصحاب الرأي، وكان الشافعي يقول: «إذا كانوا بأرض شديدة لحد لهم، وإن كانوا ببلاد رقيقة شق لهم شقا».
    قال أبو بكر: الذي قال الشافعي حسن. انتهى 

    وقال(5/ 502): "ذكر نصب اللبن على اللحد". وذكر حديث سعد، فقال: "فالذي يجب أن ينصب اللبن على اللحد، أو ما قام مقام اللبن إن لم يحضر اللبن، وإن شق للميت جعل جوائز؛ لأن ذلك أحكم. انتهى 

    وقال النووي في شرح صحيح مسلم (7/ 34): اللَّحد واللُّحد بفتح اللام وضمها، معروف، وهو الشق تحت الجانب القبلي من القبر، وفيه دليل لمذهب الشافعي والأكثرين في أن الدفن في اللحد أفضل من الشق إذا أمكن اللحد، وأجمعوا على جواز اللحد والشق. قوله (الحدوا لي لحداً، وانصبوا علي اللبن نصباً، كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه استحباب اللحد ونصب اللبن، وأنه فُعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم باتفاق الصحابة رضي الله عنهم، وقد نقلوا أن عدد لبناته صلى الله عليه وسلم تسع. انتهى 

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (5/ 359): قوله: «واللحد أفضل من الشق»، أي: القبر إذا كان لحداً فهو أفضل. واللحد: أن يحفر للميت في قاع القبر حفرة من جهة القبلة ليوضع فيها، ويجوز من جهة خلف القبلة، لكنها من جهة القبلة أفضل؛ وسمي لحداً؛ لأنه مائل من جانب القبر.
    قوله: «أفضل من الشق»، الشق: أن يحفر للميت في وسط القبر حفرة. ولكن إذا احتيج إلى الشق فإنه لا بأس به، والحاجة إلى الشق إذا كانت الأرض رملية، فإن اللحد فيها لا يمكن؛ لأن الرمل إذا لحدت فيه انهدم، فتحفر حفرة، ثم يحفر في وسطها ثم يوضع لبن على جانبي الحفرة التي بها الميت؛ من أجل ألا ينهد الرمل، ثم يوضع الميت بين هذه اللبنات.
    وعلم من قوله: «اللحد أفضل من الشق» أن الشق جائز، وهو كذلك، ولكنه خلاف الأفضل. انتهى 


    ([1]) انظر المجموع (5/ 287)، و« شرح صحيح مسلم »(7/ 34)، شرح الحديث رقم (966).

    ([2]) أخرجه مسلم (966).

    ([3]) أخرجه أحمد (30/499)، وأبو داود (3212)، والنسائي (2001)، وابن ماجه (1549).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم