• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: السنة في إدخال الميت في قبره
  • رقم الفتوى: 4067
  • تاريخ الإضافة: 14 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    ما هي السنة في كيفية إدخال الميت في قبره ؟
  • الاجابة

    يُدخلُ الميت إلى قبره من جهة رجلي القبر، أي جهة الموضع الذي تكون فيه رجلا الميت بعد أن يوضع في القبر. أي أنك عندما تدخل الميت القبر تأتي من عند موضع الرجلين في القبر وتدخله من هناك، تبدأ بإدخال رأس الميت أولاً إلى القبر.

    تضع الجنازة على الأرض ورأس الميت من جهة رجلي القبر، ويكون الرجل الذي يريد دفن الميت في القبر، فيأخذ برأس الميت ويدخله برفق وتأن إلى القبر.  

    هذا الأفضل، وكيفما أدخلته جاز. 

    والحديث الذي ورد في هذه الصفة اختُلف في صحته، والراجح أنه صحيح([1]) ، فمن السنة إدخال الميت من رجلي القبر، وصح هذا عن بعض الصحابة رضي الله عنهم.

    وقد اختلف أئمة الفقهاء في هذه المسألة، فقال البعض: الأفضل أن يُدْخَلَ من رجلي القبر، والبعض الآخر يقول: بل من جهة القبلة معترضاً، والبعض يقول الأمر واسع ولا يفضل شيئاً. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 499): "ذكر صفة أخذ الميت عند إدخاله القبر
    اختلف أهل العلم في صفة الميت عند إدخاله القبر، فقالت طائفة: يسل سلاً من قبل رجل القبر، روينا هذا القول عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وعبد الله بن يزيد الأنصاري، والشعبي، والنخعي"

    وقال: وبه قال الشافعي، وقال: " هذا من الأمور العامة التي يستغنى فيها عن الحديث، ويكون الحديث فيها كالتكليف بعموم معرفة الناس لها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون، والأنصار بين أظهرنا ينقل إلينا العامة عن العامة لا يختلفون في ذلك أن الميت يُسل سلاً.
    وقالت طائفة: يؤخذ الميت من القبلة معترضاً، روي هذا القول عن علي، وابن الحنفية".

    وقال: الصحيح أن علياً، أخذ يزيد بن المكفف من قبل القبلة. وبه قال إسحاق.
    وقالت طائفة: لا بأس أن يدخل الميت من نحو رأس القبر، أو رجليه، أو وسطه، هذا قول مالك، وقال أحمد بن حنبل: من حيث يكون أسهل عليهم

    قال أبو بكر: قد روينا في هذا الباب حديثين أحدهما:

    من حديث حجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن ابن عباس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذه من قبل القبلة، يعني الميت»

    .. عن ابن عمر، «أن النبي صلى الله عليه وسلم سل في قبره سلا»
    وليس منهما ثابت، والذي أحب أن يفعله ما يفعله أهل الحجاز قديماً وحديثاً يسلون الميت سلاً من قبل رجل القبر، وإن فعل فاعل غير ذلك فلا شيء عليه" . انتهى مختصراً.

    وقال البغوي في شرح السنة (5/ 397): اختلف أهل العلم في أخذ الميت من شفير القبر، فذهب بعضهم إلى أن الجنازة توضع في أسفل القبر، ويسل من قبل رأسه، وبه قال الشافعي، ومنهم من قال: يؤخذ من قبل القبلة، وإليه ذهب أصحاب الرأي، لما روي عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبراً ليلاً، فأسرج له سراج، فأخذ من قبل القبلة، وقال: «رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن»، وإسناده ضعيف.

    والأول هو المشهور بأرض الحجاز. انتهى 

    وقال النووي في المجموع (5/ 294): وقول الصحابي من السنة كذا مرفوع، ولأن سله من قبل رأسه هو المعروف عن جمهور الصحابة، وهو عمل المهاجرين والأنصار بمكة والمدينة، كذلك رواه الشافعي في الأم وغيره من العلماء عن أهل مكة والمدينة من الصحابة ومن بعدهم، وهم بأمور رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم من غيرهم. انتهى  

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 370): مسألة: قال: (ويدخل قبره من عند رجليه إن كان أسهل عليهم) الضمير في قوله " رجليه " يعود إلى القبر. أي: من عند موضع الرجلين. وذلك أن المستحب أن يوضع رأس الميت عند رجل القبر، ثم يسل سلاً إلى القبر. روي ذلك عن ابن عمر، وأنس، وعبد الله بن يزيد الأنصاري، والنخعي، والشعبي، والشافعي.
    وقال أبو حنيفة توضع الجنازة على جانب القبر، مما يلي القبلة، ثم يدخل القبر معترضاً؛ لأنه يروى عن علي - رضي الله عنه - ولأن النخعي قال: حدثني من رأى أهل المدينة في الزمن الأول يدخلون موتاهم من قبل القبلة وأن السل شيء أحدثه أهل المدينة.

    ولنا ما روى الإمام أحمد، بإسناده عن عبد الله بن يزيد الأنصاري، «أن الحارث أوصى أن يليه عند موته، فصلى عليه، ثم دخل القبر، فأدخله من رجلي القبر، وقال: هذا السنة» .
    وهذا يقتضي سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى ابن عمر وابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سل من قبل رأسه سلاً» وما ذكر عن النخعي لا يصح؛ لأن مذهبه بخلافه، ولأنه لا يجوز على العدد الكثير أن يغيروا سنة ظاهرة في الدفن إلا بسبب ظاهر، أو سلطان قاهر.
    قال: ولم ينقل من ذلك شيء، ولو ثبت فسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدمة على فعل أهل المدينة.

    وإن كان الأسهل عليهم أخذه من قبل القبلة، أو من رأس القبر، فلا حرج فيه؛ لأن استحباب أخذه من رجلي القبر، إنما كان طلباً للسهولة عليهم، والرفق بهم فإذا كان الأسهل غيره كان مستحباً. قال أحمد - رحمه الله -: كل لا بأس به. انتهى

    وقال ابن باز: دل حديث عبد الله بن يزيد أن الميت يوضع من جهة رجلي القبر، ثم يسل إلى جهة رأسه، على جنبه الأيمن، مستقبلاً القبلة، هذا هو الأفضل والسنة. انتهى مجموع الفتاوى (13/ 189).

    وقال ابن عثمين في الشرح الممتع (5/ 359):  يدخل من عند رجليه، فيؤتى بالميت من عند رجلي القبر، ثم يدخل رأسه سلاً في القبر، هذا هو الأفضل.
    والطريقة الثانية: أن يؤتى بالميت من قبل القبر ويوضع فيه بدون سل، وهذا أيضا جائز، وعليه عمل الناس اليوم، فإن أمكنت الصفة الأولى فهي الأفضل، وإن لم تمكن فإن ذلك مجزئ. انتهى


    ([1]) أخرجه أبو داود (3211)، والبيهقي (4/ 89) عن أبي إسحاق، قال: أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد، " فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر، وقال: هذا من السنة "

    وصحح إسناده البيهقي، وعبد الله مختلف في صحبته، والظاهر أن له رؤية، كما قال أبو إسحاق.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم