• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: السنة في وضع الميت في قبره
  • رقم الفتوى: 4068
  • تاريخ الإضافة: 14 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    ما كيفية وضع الميت في قبره؟
  • الاجابة

    يوضع الميت في قبره على جنبه الأيمن، مستقبلاً القبلة، ويقرب من الحائط، ويسند من الخلف بالتراب كي يثبت على جنبه الأيمن ولا ينقلب، وإذا رفع رأسه بشيء من التراب كالمخدة فلا بأس، ولا يضع في القبر شيئاً لا ثوباً ولا غيره، ولا يكشف وجهه، بل يحل عقد الكفن فقط([1])؛ لأن العقد عقدت كي لا يحل الكفن عنه أثناء نقله، ثم ينصب عليه اللبن (الطوب)، انظر الفتوى رقم (4095)، وتسد الفراغات التي بينها بحجارة أو طين، ثم يهال عليه التراب. ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر مسنماً -أي على هيئة السنام- لثبوت ذلك في صفة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم - في صحيح البخاري (1390)، وليعلم أنه قبر فلا يهان.

    نقل العلماء الاتفاق على وضع الميت في قبره على جنبه الأيمن([2]) ، ولا يزال هذا عمل المسلمين وكذلك عملهم على دفنه مستقبل القبلة. هذه خلاصة الفتوى والله أعلم 

    قال البغوي في شرح السنة (5/ 400): ويدفن الميت مستقبل القبلة على جنبه الأيمن.
    قال عمر وذكر الكعبة: والله ما هي إلا أحجار نصبها الله قبلة لأحيائنا، ويوجه إليها موتانا. انتهى 

    قلت: خبر عمر لا يصح، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى(3/ 540و573) وضعفه الذهبي في المهذب(3/ 1317).

    وقال ابن حزم في المحلى (3/ 404): مسألة: ويجعل الميت في قبره على جنبه اليمين، ووجهه قبالة القبلة، ورأسه ورجلاه إلى يمين القبلة، ويسارها، على هذا جرى عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، وهكذا كل مقبرة على ظهر الأرض. انتهى 

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 372):  ويضع الميت في اللحد على جنبه الأيمن، مستقبل القبلة بوجهه، ويضع تحت رأسه لبنة، أو حجراً، أو شيئاً مرتفعاً، كما يصنع الحي.
    وقد روي عن عمر - رضي الله عنه - قال: إذا جعلتموني في اللحد فأفضوا بخدي إلى الأرض.

    ويدنى من الحائط لئلا ينكب على وجهه، ويسند من ورائه بتراب، لئلا ينقلب. قال أحمد - رحمه الله -: ما أحب أن يجعل في القبر مضربة ولا مخدة. وقد جعل في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قطيفة حمراء، فإن جعلوا قطيفة فلعله. انتهى

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (5/ 362): قوله: «ويضعه في لحده على شقه الأيمن»، ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الأفضلية أن يكون على الشق الأيمن.
    وعللوا ذلك: بأنها سنة النائم، والنوم والموت كلاهما وفاة، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال للبراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ: «إذا اتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن»، فالموت كذلك.
    قوله: «مستقبل القبلة» أي: وجوباً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكعبة قبلتكم أحياء وأمواتا»، وهذا الحديث ضعيف، إلا أن له شاهداً من حديث البراء بن معرور ـ رضي الله عنه ـ، ولأن هذا عمل المسلمين الذي أجمعوا عليه؛ ولأنه أفضل المجالس([3]).
    فإن وضعه على جنبه الأيسر مستقبل القبلة، فإنه جائز، لكن الأفضل أن يكون على الجنب الأيمن.
    ولم يذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ أنه يضع تحته وسادة كلبنة، أو حجر، فظاهر كلامه أنه لا يسن، وهذا هو الظاهر عن السلف، فإن من خطب عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ أنه قال: «إنكم تدعون الميت في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد».
    فالأصل: عدم السنية، ولا أعلم في ذلك سنة، ومن ادعى السنية فعليه الدليل، ولهذا عد ذلك بعض العلماء من البدع.
    واستحب بعض العلماء: أن يوضع له وسادة لبنة صغيرة ليست كبيرة.
    ثم إن المؤلف ـ رحمه الله ـ لم يذكر أنه يكشف شيء من وجهه، وعلى هذا فلا يسن أن يكشف شيء من وجه الميت، بل يدفن ملفوفا بأكفانه، وهذا رأي كثير من العلماء.
    وقال بعض العلماء: إنه يكشف عن خده الأيمن ليباشر الأرض.
    واستدلوا: بأن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: «إذا أنا مت ووضعتموني في القبر فأفضوا بخدي إلى الأرض»، أي: اجعلوه مباشرا للأرض، ولأن فيه استكانة وذلا.
    فأما كشف الوجه كله فلا أصل له، وليس فيه دليل إلا فيما إذا كان الميت محرماً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تخمروا وجهه» . وإن كانت هذه اللفظة «وجهه» اختلف العلماء في ثبوتها([4])، أما الرأس بالنسبة للمحرم فإنه لا يغطى. انتهى 


    ([1]) قال أبو داود: سمعت أحمد سُئِل عن العقد تُحل -يعني: في القبر؟ قال: نعم. "مسائل أبي داود" (1057). قال عبد اللَّه: مات أخ لي صغير ، فلما وضعته في القبر وأبي قائم على شفير البئر ، قال لي: يا عبد اللَّه حل العقد، فحللتها. "مسائل عبد اللَّه" (538)

    ([2]) قال النووي: واتفقوا على أنه يستحب أن يضجع على جنبه الأيمن، فلو أضجع على جنبه الأيسر مستقبلاً القبلة جاز وكان خلاف الأفضل لما سبق في المصلي مضطجعاً. والله أعلم. «المجموع» (5/ 293).

    وأما استقبال القبلة فهو قول الجمهور.

    وحديث: «واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتاً» الذي يستدلّ به على توجيهه إلى القبلة أخرجه أبو داود (2875) وغيره، وهو ضعيف، في سنده عبد الحميد بن سنان، لا يحتجً به. ولكن هذا ما عليه المسلمون.

    ([3]) الحديث الذي ذكره الشيخ ضعيف، انظر الفتوى رقم (3868). قال التنووي في المجموع (5/ 293): يجب وضع الميت في القبر مستقبل القبلة، هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور، وقد ذكره المصنف بعد هذا في الفصل الأخير، في مسألة من دفن بغير غسل أو إلى غير القبلة نبش. وقال القاضي أبو الطيب في كتابه المجرد: استقبال القبلة به مستحب ليس بواجب، والصحيح الأول. انتهى وقال (5/ 299):  أما إذا دفن إلى غير القبلة، فقال المصنف وجمهور الأصحاب: الدفن إلى القبلة واجب كما سبق ، قالوا: فيجب نبشه وتوجيهه إلى القبلة إن لم يتغير، وإن تغير سقط فلا ينبش؛ لما ذكره المصنف، هذه طريقة الأصحاب من العراقيين والخراسانيين إلا القاضي أبا الطيب فقال في كتابه المجرد: لا يجب التوجيه إلى القبلة، بل هو سنة، فإذا ترك استحب نبشه ولا يجب. وهذا شاذ ضعيف. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 412): وإن دفن من غير غسل، أو إلى غير القبلة، نبش، وغسل، ووجه، إلا أن يخاف عليه أن يتفسخ، فيترك. وهذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور. وقال أبو حنيفة: لا ينبش؛ لأن النبش مثلة، وقد نهي عنها. ولنا، أن الصلاة تجب ولا تسقط بذلك، كإخراج ما له قيمة. وقولهم: إن النبش مثلة. قلنا: إنما هو مثلة في حق من يقبر ولا ينبش. انتهى

    ([4]) ذكر الوجه شاذ، انظر الفتوى رقم (3916).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم