• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم القعود على القبر
  • رقم الفتوى: 4174
  • تاريخ الإضافة: 22 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    ما حكم القعود على القبر ؟
  • الاجابة

    الجلوس على القبور محرم، لقول النبي ﷺ: «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتَخْلُصَ إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر»([1]). فينبغي احترام القبور احتراماً لأهلها بما يليق بها من غير غلو، فشريعة الله دائماً بين الإفراط والتفريط، واعتدال في كل الأمور، ولا يمكن أن تكون معتدلاً إلا إذا تقيدت بكتاب الله وسنة رسول الله ﷺ . هذه خلاصة الفتوى والله أعلم

    قال ابن هبيرة في الإفصاح (8/ 102): في هذا الحديث كراهية الجلوس على القبر، وذلك لأنه ينبغي للمسلم إذا رأى قبرا أن يتعظ به، وينزجر برؤيته.
    فأما أن يتخذه موطنا لجلوسه أو لراحته، فإنه بخلاف ما وضع له، ويعني بذكر الجمرة أنها لو أحرقت ثوب هذا الرجل، وخصلت على جلده، فأحس بوقعها نفر أن يجلس عليها، وأن جلوسه على القبر لا يخلص إليه فيه ألم يحس به ويزعجه عن مقره ذلك؛ بل هو ألم معقول يكسبه عند الله مذمة وسوء حالة، فكانت الجمرة أهون من هذا. انتهى

    وقال ابن حزم في المحلى (3/ 358): ولا يحل لأحد أن يجلس على قبر، فإن لم يجد أين يجلس: فليقف حتى يقضي حاجته، ولو استوفز ولم يقعد لم يبن أنه يحرج.
     عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر» .
    وروينا أيضا من طريق جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن القعود على القبر: وقد ذكرناه قبل هذا بيسير.

     ورويناه أيضا من طريق واثلة بن الأسقع عن أبي مرثد الغنوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» . 

    فهذه آثار متواترة في غاية الصحة
    وهو قول جماعة من السلف - رضي الله عنهم -، منهم أبو هريرة.

     ومن طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن سالم البراد عن ابن عمر قال: لأن أطأ على رضف أحب إلي من أن أطأ على قبر
    وعن ابن مسعود: لأن أطأ على جمرة حتى تبرد أحب إلي من أن أتعمد وطء قبر لي عنه مندوحة.
    وعن سعيد بن جبير: لأن أطأ على جمرة حتى تبرد أحب إلي من أن أطأ على قبر - وهو قول أبي سليمان.

    فقال قائلون بإباحة ذلك، وحملوا الجلوس المتوعد عليه إنما هو للغائط خاصة.

     وهذا باطل بحت لوجوه:

    أولها: أنه دعوى بلا برهان، وصرف لكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن وجهه، وهذا عظيم جدا.

    وثانيها: أن لفظ الخبر مانع من ذلك قطعا، بقوله - عليه السلام - «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده؛ خير له من أن يجلس على قبر» .
    وبالضرورة يدري كل ذي حس سليم: أن القعود للغائط لا يكون هكذا ألبتة، وما عهدنا قط أحدا يقعد على ثيابه للغائط إلا من لا صحة لدماغه.

    وثالثها: أن الرواة لهذا الخبر لم يتعدوا به وجهه من الجلوس المعهود، وما علمنا قط في اللغة - جلس فلان - بمعنى تغوط، فظهر فساد هذا القول - ولله تعالى الحمد. انتهى باختصار.

    وقال ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 63): وعن الحسن وابن سيرين ومكحول: كراهية المشي على القبور والقعود عليها. انتهى 

    قال النووي في شرح صحيح مسلم (7/ 27): وفي هذا الحديث كراهة تجصيص القبر والبناء عليه، وتحريم القعود. والمراد بالقعود الجلوس عليه، هذا مذهب الشافعي وجمهور العلماء، وقال مالك في الموطأ: المراد بالقعود الحدث، وهذا تأويل ضعيف أو باطل، فالصواب أن المراد بالقعود الجلوس، ومما يوضحه الرواية المذكورة بعد هذا:" لا تجلسوا على القبور"، وفي الرواية الأخرى:" لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده؛ خير له من أن يجلس على قبر". قال أصحابنا: تجصيص القبر مكروه -(انظر الفتوى رقم 4173)-، والقعود عليه حرام ، وكذا الاستناد إليه والاتكاء عليه. انتهى 


    ([1]) أخرجه مسلم (971).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم