• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: فقه
  • رقم الفتوى: 4217
  • تاريخ الإضافة: 28 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يوجد عندنا بعض الرجال من القبائل ينطقون حرف "ذ" "ز" وهذه لهجتهم, فيقول الإمام في سورة الفاتحة ( الزين أنعمت عليهم ) ،فهل تصح الصلاة خلفه؟ وجزاكم الله خيراً
  • الاجابة

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد؛ فحروف الفاتحة يجب النطق بها صحيحة سليمة لصحة الصلاة، فمن كان قادراً على نطقها بشكل صحيح ولا يفعل؛ تبطل صلاته، ولا تصح الصلاة خلفه، ولا يُتساهل في هذه المسألة إلا في الضاد والظاء لقرب مخرجيهما وصعوبة التمييز بينهما عند الكثيرين.

    وأما من لا يقدر إلا على ما نطق به وإن غير الحرف؛ كالألثغ -وهو الذي لا يستطيع نطق بعض الحروف فيغيرها بغيرها- فصلاته صحيحة، وصلاة من يأتم به صحيحة على الراجح، ولكن الأفضل في مثل هذا أن لا يؤم إلا من هم مثله، وإن حصل وأم قوماً يحسنون القراءة فصلاتهم صحيحة؛ لأنه عمل ما يقدر عليه وصلاته لنفسه صحيحة فصلاة من خلفه صحيحة؛ فمن صحت صلاته صحت إمامته، والقول بصحة الاتمام به قول المالكية، وقول للشافعية([1]). والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال النووي في المجموع (3/ 392): تجب قراءة الفاتحة في الصلاة بجميع حروفها وتشديداتها، وهن أربع عشرة تشديدة، في البسملة منهن ثلاث، فلو أسقط حرفاً منها، أو خفف مشدداً، أو أبدل حرفاً بحرف مع صحة لسانه؛ لم تصح قراءته.

    ولو أبدل الضاد بالظاء ففي صحة قراءته وصلاته وجهان للشيخ أبي محمد الجويني، قال إمام الحرمين والغزالي في البسيط والرافعي وغيرهم: أصحهما: لا تصح، وبه قطع القاضي أبو الطيب، قال الشيخ أبو حامد: كما لو أبدل غيره.

    والثاني: تصح لعسر إدراك مخرجهما على العوام وشبههم.

    وقال:" إذا لحن في الفاتحة لحناً يخل المعنى، بأن ضم تاء أنعمت، أو كسرها، أو كسر كاف إياك نعبد، أو قال: إياء بهمزتين؛ لم تصح قراءته وصلاته إن تعمد، وتجب إعادة القراءة إن لم يتعمد، وإن لم يخل المعنى؛ كفتح دال نعبد، ونون نستعين، وصاد صراط، ونحو ذلك؛ لم تبطل صلاته ولا قراءته، ولكنه مكروه ويحرم تعمده، ولو تعمده لم تبطل قراءته ولا صلاته، هذا هو الصحيح، وبه قطع الجمهور، وفي التتمة وجه: أن اللحن الذي لا يخل المعنى لا تصح الصلاة معه، قال: والخلاف مبني على الإعجاز في النظم والإعراب جميعاً، أو في النظم فقط . انتهى

    وقال ابن تيمية : وأما من لا يقيم قراءة الفاتحة؛ فلا يصلي خلفه إلا من هو مثله، فلا يصلي خلف الألثغ الذي يبدل حرفاً بحرف؛ إلا حرف الضاد إذا أخرجه من طرف الفم كما هو عادة كثير من الناس، فهذا فيه وجهان: منهم من قال: لا يصلى خلفه ولا تصح صلاته في نفسه؛ لأنه أبدل حرفاً بحرف؛ لأن مخرج الضاد الشدق ومخرج الظاء طرف الأسنان. فإذا قال (ولا الظالين) كان معناه ظل يفعل كذا.

    والوجه الثاني: تصح وهذا أقرب؛ لأن الحرفين في السمع شيء واحد، وحس أحدهما من جنس حس الآخر لتشابه المخرجين. والقارئ إنما يقصد الضلال المخالف للهدى وهو الذي يفهمه المستمع، فأما المعنى المأخوذ من ظل فلا يخطر ببال أحد، وهذا بخلاف الحرفين المختلفين صوتاً ومخرجاً وسمعا كإبدال الراء بالغين؛ فإن هذا لا يحصل به مقصود القراءة. انتهى مجموع الفتاوى (23 / 351)

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (3/ 66):

    فإن قال قائل: ذكرتم أنه إذا أبدل حرفاً بحرف فإنها لا تصح، فما تقولون فيمن أبدل الضاد في قوله: {ولا الضالين} بالظاء؟

    قلنا: في ذلك وجهان لفقهاء الحنابلة:

    الوجه الأول: لا تصح؛ لأنه أبدل حرفاً بحرف.

    الوجه الثاني: تصح، وهو المشهور من المذهب، وعللوا ذلك بتقارب المخرجين، وبصعوبة التفريق بينهما، وهذا الوجه هو الصحيح، وعلى هذا فمن قال: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} بالظاء فصلاته صحيحة، ولا يكاد أحد من العامة يفرق بين الضاد والظاء. انتهى

    وقال ابن حزم في المحلى (3/ 134): وأما الألثغ، والألكن، والأعجمي اللسان، واللحان: فصلاة من ائتم بهم جائزة.
    لقول الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [البقرة: 286]
    فلم يكلفوا إلا ما يقدرون عليه، لا ما لا يقدرون عليه، فقد أدوا صلاتهم كما أمروا، ومن أدى صلاته كما أمر فهو محسن.
    قال تعالى: {ما على المحسنين من سبيل} [التوبة: 91] . والعجب كل العجب ممن يجيز صلاة الألثغ واللحان والألكن لنفسه - ويبطل صلاة من ائتم بهم في الصلاة، وهم - مع ذلك - يبطلون صلاة من صلى وهو جنب ناسياً، ويجيزون صلاة من ائتم به وهو لا صلاة له وبالله تعالى التوفيق. انتهى 

    وسئل ابن عثيمين رحمه الله: أيضاً تقول المستمعة: لقد سمعت أحدهم يقول: إن المرء الألثغ لا تصح له الإمامة بالناس -أي: لا تصح الصلاة خلفه- لأن به عيباً، فهل هذا صحيح أم لا؟ وفقكم الله.

    فقال الشيخ: هذا صحيح عند بعض أهل العلم، يرون أن الألثغ إذا كانت صفته في إبدال الحروف بعضها ببعض مثل أن يبدل الراء فيجعلها غيناً أو يجعلها لاماً أو ما أشبه ذلك فإن بعض أهل العلم يرون أنه لا تصح إمامته؛ لأنه بمنزلة الأمي الذي لا تصح إمامته إلا بمثله. ويرى آخرون أنه تصح إمامته؛ لأن من صحت صلاته صحت إمامته؛ ولأنه قد أتى بما يجب عليه وهو تقوى الله تعالى ما استطاع، وقال الله تعالى: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾. وإذا كان العاجز عن القيام يصلي بالمأمومين القادرين عليه فإن هذا مثله؛ لأن كلاً منهما عاجزٌ عن القيام بركن؛ هذا عن القيام، وهذا عن القراءة. وهذا القول هو الصحيح؛ أن إمامة الألثغ تصح وإن كان يبدل حرفاً بحرف ما دامت هذه قدرته، ولكن مع هذا ينبغي أن يختار من يصلي بالجماعة وأن يكون إنسان ليس فيه عيب احتياطاً وخروجاً من الخلاف. انتهى من فتوى صوتية على موقع الشيخ الرسمي ([2])

    وقال الشيرازي في المهذب (1/ 185): وفي صلاة القارئ خلف الأمي وهو من لا يحسن الفاتحة، أو خلف الأرت والألثغ، قولان: أحدهما: تجوز لأنه ركن من أركان الصلاة، فجاز للقادر عليه أن يأتم بالعاجز عنه؛ كالقيام. والثاني: لا تجوز؛ لأنه يحتاج أن يحمل قراءته، وهو يعجز عن ذلك، فلا يجوز أن ينتصب للتحمل؛ كالإمام الأعظم إذا عجز عن تحمل أعباء الأمة. انتهى

    وانظر المجموع للنووي (4/ 266).

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ([1]) انظر شروح مختصر خليل.
    ([2]) 
    http://binothaimeen.net/content/7171

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم