• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم ترك الزكاة
  • رقم الفتوى: 4225
  • تاريخ الإضافة: 29 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    ما حكم الزكاة؟ وهل يكفر من تركها بخلاً؟
  • الاجابة

    الزكاة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة الواردة في حديث ابن عمر، والعلماء مجمعون على وجوبها، ومن أنكر وجوبها بعلم أو بجهل لا يعذر به كفر، وأما من أقر بها وامتنع عن إخراجها بغير عذر يفسق ولا يكفر على الصحيح([1])، ويجب على الإمام أخذها منه وتعزيره على منعها، وإذا اجتمع جماعة لهم قوة على منعها وجب على ولي الأمر قتالهم حتى يؤدوها. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال ابن قدامة في المغني (2/ 428): الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي واجبة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله، وإجماع أمته؛ أما الكتاب، فقول الله تعالى: {وآتوا الزكاة} [البقرة: 43]. وأما السنة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذاً إلى اليمن، فقال: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم» . متفق عليه.
    في آي وأخبار سوى هذين كثيرة. وأجمع المسلمون في جميع الأعصار على وجوبها، واتفق الصحابة - رضي الله عنهم - على قتال مانعيها، فروى البخاري بإسناده عن أبي هريرة، قال: لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؟» فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق. ورواه أبو داود، وقال: " لو منعوني عقالاً".
    قال أبو عبيد: العقال، صدقة العام. قال الشاعر:
    سعى عقالاً فلم يترك لنا سبداً ... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
    وقيل: كانوا إذا أخذوا الفريضة أخذوا معها عقالها. ومن رواه " عناقاً " ففي روايته دليل على أخذ الصغيرة من الصغار.

    فصل: فمن أنكر وجوبها جهلاً به، وكان ممن يجهل ذلك إما لحداثة عهده بالإسلام، أو لأنه نشأ ببادية نائية عن الأمصار؛ عرف وجوبها، ولا يحكم بكفره؛ لأنه معذور، وإن كان مسلماً ناشئاً ببلاد الإسلام بين أهل العلم فهو مرتد، تجري عليه أحكام المرتدين ويستتاب ثلاثاً، فإن تاب وإلا قتل؛ لأن أدلة وجوب الزكاة ظاهرة في الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فلا تكاد تخفى على أحد ممن هذه حاله، فإذا جحدها لا يكون إلا لتكذيبه الكتاب والسنة، وكفره بهما. انتهى

    وقال (2/ 428): وإن منعها معتقداً وجوبها، وقدر الإمام على أخذها منه، أخذها وعزره، ولم يأخذ زيادة عليها، في قول أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأصحابهم. وكذلك إن غل ماله فكتمه حتى لا يأخذ الإمام زكاته، فظهر عليه. انتهى

    وقال النووي: "من جحد مجمعًا عليه، فيه نص، وهو من أمور الإسلام الظاهرة، التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام؛ كالصلاة، أو الزكاة، أو الحج، أو تحريم الخمر، أو الزنا، ونحو ذلك فهو كافر". انتهى من روضة الطالبين (1/ 667).

    وبوب الإمام البخاري رحمه الله: (باب قتل من أبى قبول الفرائض، وما نسبوا إلى الردة)
    فقال ابن بطال (8/ 576): قال المهلب: من أبى قبول الفرائض فحكمه مختلف، فمن أبى من أداء الزكاة وهو مقر بوجوبها، فإن كان بين ظهرانى المسلمين، ولم ينصب الحرب، ولا امتنع بالسيف؛ فإنه يؤخذ من ماله جبراً، ويدفع إلى المساكين ولا يقتل. وقال مالك فى الموطأ: الأمر عندنا فيمن منع فريضة من فرائض الله، فلم يستطع المسلمون أخذها منه كان حقاً عليهم جهاده حتى يأخذوها منه. ومعناه: إذا أقر بوجوبها، لا خلاف فى ذلك. قال المهلب: وإنما قاتل أبو بكر الصديق الذين منعوا الزكاة؛ لأنهم امتنعوا بالسيف، ونصبوا الحرب للأمة. وأجمع العلماء أن من نصب الحرب فى منع فريضة، أو منع حقاً يجب عليه لآدمي أنه يجب قتاله، فإن أبى القتل على نفسه فدمه هدر. انتهى 

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ([1]) نقل ابن تيمية (7/ 302)، وابن رجب في فتح الباري (1/ 22) الخلاف في كفر من ترك الزكاة متعمداً مع الإقرار بوجوبها، ولكنه خلاف ضعيف، ويدل على إسلامه حديث أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار»
    قيل: يا رسول الله، فالإبل؟ قال: «ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها، إلا إذا كان يوم القيامة، بطح لها بقاع قرقر، أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيلا واحدا، تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار»

    قيل: يا رسول الله، فالبقر والغنم؟ قال: «ولا صاحب بقر، ولا غنم، لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر، لا يفقد منها شيئا، ليس فيها عقصاء، ولا جلحاء، ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار». متفق عليه. 

    فقوله: " فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" دليل واضح على إسلام من لا يخرج الزكاة إذا كان مقراً بوجوبها. والله أعلم 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم