• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الحيوانات التي تجب فيها الزكاة
  • رقم الفتوى: 4255
  • تاريخ الإضافة: 2 رجب 1441
  • السؤال
    هل تجب الزكاة في كل الحيوانات؟
  • الاجابة

    الحيوانات التي تجب فيها الزكاة هي الإبل والبقر والغنم، وهي النَّعَم، وهذه أجمعوا على وجوب الزكاة فيها(1)، واختلفوا في الخيل، فلا تجب في كل الحيوانات، ودليل وجوبها في هذه الثلاثة دون غيرها إلا إذا كانت للتجارة، حديث أنس(2) وأبي ذر(3) حيث ذكر الزكاة في الإبل والبقر والغنم ولم يذكر غيرها، وهذا بيان من النبي صلى الله عليه وسلم للآيات التي فيها الأمر بالزكاة، والأصل عدم الوجوب.

    وأما الخيل فورد في وجوب زكاتها حديث ضعيف، والأحاديث الصحيحة تدل على عدم وجوب الزكاة فيها، منها: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَغُلاَمِهِ صَدَقَةٌ» متفق عليه(4)، والله أعلم هذه خلاصة الفتوى

    قال ابن رشد في بداية المجتهد (2/ 11): " وأما ما تجب فيه الزكاة من الأموال: فإنهم اتفقوا منها على أشياء واختلفوا في أشياء. وأما ما اتفقوا عليه فصنفان من المعدن: الذهب والفضة اللتين ليستا بحلي، وثلاثة أصناف من الحيوان: الإبل والبقر والغنم، وصنفان من الحبوب: الحنطة والشعير، وصنفان من الثمر: التمر والزبيب، وفي الزيت خلاف شاذ".

    وقال: "وأما ما اختلفوا فيه من الحيوان" : فمنه ما اختلفوا في نوعه، ومنه ما اختلفوا في صنفه.
    وأما ما اختلفوا في نوعه: فالخيل..."

    وقال: "وأما ما اختلفوا في صنفه: فهي السائمة من الإبل والبقر والغنم من غير السائمة منها..."

    وقال: "فهذا هو ما اختلفوا فيه من الحيوان الذي تجب فيه الزكاة". انتهى

    وقال الترمذي في جامعه (628): والعمل عليه عند أهل العلم: أنه ليس في الخيل السائمة صدقة، ولا في الرقيق إذا كانوا للخدمة صدقة، إلا أن يكونوا للتجارة، فإذا كانوا للتجارة ففي أثمانهم الزكاة إذا حال عليها الحول . انتهى

    وقال النووي في شرح صحيح مسلم (7/ 55): هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها، وأنه لا زكاة في الخيل والرقيق؛ إذا لم تكن للتجارة، وبهذا قال العلماء كافة من السلف والخلف؛ إلا أن أبا حنيفة وشيخه حماد بن أبي سليمان ونفراً؛ أوجبوا في الخيل إذا كانت إناثاً أو ذكوراً وإناثاً، في كل فرس ديناراً، وإن شاء قومها وأخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم، وليس لهم حجة في ذلك، وهذا الحديث صريح في الرد عليهم . انتهى 

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 463):  ولا زكاة في غير بهيمة الأنعام من الماشية، في قول أكثر أهل العلم. وقال أبو حنيفة في الخيل الزكاة، إذا كانت ذكوراً وإناثاً، وإن كانت ذكوراً مفردة، أو إناثاً مفردة، ففيها روايتان، وزكاتها دينار عن كل فرس، أو ربع عشر قيمتها، والخيرة في ذلك إلى صاحبها، أيهما شاء أخرج؛ لما روى جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الخيل السائمة، في كل فرس دينار».
    وروي عن عمر أنه كان يأخذ من الرأس عشرة، ومن الفرس عشرة، ومن البرذون خمسة. ولأنه حيوان يطلب نماؤه من جهة السوم، أشبه النعم.

    ولنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «قال: ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة» متفق عليه. وفي لفظ: «ليس على الرجل في فرسه ولا في عبده صدقة» وعن علي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق» رواه الترمذي.
    وهذا هو الصحيح. وروى أبو عبيد، في " الغريب "، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في الجبهة، ولا في النخة، ولا في الكسعة صدقة» وفسر الجبهة بالخيل، والنخة بالرقيق، والكسعة بالحمير. وقال الكسائي: النخة: بضم النون: البقر العوامل.
    ولأن ما لا زكاة في ذكوره المفردة، وإناثه المفردة، لا زكاة فيهما إذا اجتمعا، كالحمير. ولأن ما لا يخرج زكاته من جنسه من السائمة لا تجب فيه، كسائر الدواب، ولأن الخيل دواب، فلا تجب الزكاة فيها، كسائر الدواب، ولأنها ليست من بهيمة الأنعام، فلم تجب زكاتها، كالوحوش.
    وحديثهم يرويه غورك السعدي، وهو ضعيف. وأما عمر فإنما أخذ منهم شيئا تبرعوا به، وسألوه أخذه، وعوضهم عنه برزق عبيدهم، فروى الإمام أحمد، بإسناده عن حارثة، قال: جاء ناس من أهل الشام إلى عمر فقالوا: إنا قد أصبنا مالا وخيلا ورقيقا، نحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور. قال: ما فعله صاحباي قبلي، فأفعله فاستشار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيهم علي فقال: هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها من بعدك. قال أحمد: فكان عمر يأخذ منهم، ثم يرزق عبيدهم،.
    فصار حديث عمر حجة عليهم من وجوه؛ أحدها، قوله: ما فعله صاحباي. يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر، ولو كان واجبا لما تركا فعله. الثاني، أن عمر امتنع من أخذها، ولا يجوز له أن يمتنع من الواجب. الثالث، قول علي: هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها من بعدك.
    فسمى جزية إن أخذوا بها، وجعل حسنه مشروطا بعدم أخذهم به، فيدل على أن أخذهم بذلك غير جائز. الرابع، استشارة عمر أصحابه في أخذه، ولو كان واجبا لما احتاج إلى الاستشارة. الخامس، أنه لم يشر عليه بأخذه أحد سوى علي بهذا الشرط الذي ذكره، ولو كان واجبا لأشاروا به. السادس، أن عمر عوضهم عنه رزق عبيدهم، والزكاة لا يؤخذ عنها عوض
    ولا يصح قياسها على النعم؛ لأنها يكمل نماؤها، وينتفع بدرها ولحمها، ويضحى بجنسها، وتكون هديا، وفدية عن محظورات الإحرام، وتجب الزكاة من عينها، ويعتبر كمال نصابها، ولا يعتبر قيمتها، والخيل بخلاف ذلك. انتهى

    وانظر المجموع للنووي (5/ 339).

    قال الشوكاني في الدراري المضيئة (2/ 151): إنما تجب منه النعم وهي الإبل والبقر والغنم.
    أقول: الزكاة هي فريضة من فرائض الدين، وركن من أركانه، وضرورة من ضروياته، ولكنها لاتجب إلا فيما أوجب فيه الشارع الزكاة من الأموال، وبينه للناس، فإن ذلك هو بيان لمثل قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة:103] {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:43] كما بين للناس قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة:43] بما شرعه الله من الصلوات التي يبنها رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس.
    وقد توسع كثير من أهل العلم في إيجاب الزكاة في أموال لم يوجب الله الزكاة فيها، بل صرح النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأموال بعدم الوجوب كقوله: "ليس على المرء في عبده ولا فرسه صدقة" وقد كان للصحابة أموال وجواهر وتجارات وخضروات ولم يأمرهم صلى الله عليه وسلم بتزكية ذلك، ولا طلبها منهم، ولو كانت واجبة في شيء من ذلك لبين للناس ما نزل إليهم. انتهى 

    ـــــــــــــــــــــــــــ

    (1) قال ابن المنذر في الإجماع (ص45): وأجمعوا على وجوب الصدقة في: الإبل، والبقر، والغنم. انتهى وقال في الأوسط (12/ 114): وأجمع أهل العلم على أن الإبل، والبقر، والغنم داخل في جملة ما أمر الله بأخذ الصدقة منها. انتهى وقال في الإشراف (3/ 5): أجمع أهل العلم على وجوب الصدقة في الإبل والبقر والغنم إذا كانت سائمة. وانظر الإقناع (1/ 165) لابن المنذر، والمحلى لابن حزم (4/ 12)، والمجموع للنووي (5/ 338).

    (2) أخرجه البخاري (1454)

    (3) أخرجه البخاري (1460)، ومسلم (990).

    (4) أخرجه البخاري (1463)، ومسلم (982).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم