• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: أخذ المعيبة في الزكاة
  • رقم الفتوى: 4296
  • تاريخ الإضافة: 6 رجب 1441
  • السؤال
    هل يجوز إخراج ما فيه عيب من الحيوان في الزكاة؟ أم يجب أن يخرج أفضل ما عنده؟
  • الاجابة

    يخرج الوسط هذا الواجب، لا تجب الغالية النفيسة، ولا تجوز الرخيصة الرديئة.

    الزكاة تكون من أوسط الأموال، فما كان فيه ضرر على صاحب المال أو على الفقير فإنه لا يجوز أخذه من صاحب المال؛ لحديث أنس، قال: قال عليه الصلاة والسلام: «ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المُصَّدِّقُ»([1]) . فالهرمة وذات العوار أي ذات العيب - تدخل فيها أي شاة معيبة بعيب معروف عند أهل العلم بالمواشي أنه عيب مؤثر يثبت به الرد في البيع -، وكذلك التيس الذي هو الفحل، لا يؤخذ في الزكاة.

    وقوله: «إلا أن يشاء المصدق» أي إلا أن يشاء المُصّدِّقُ - وهو المتصدق صاحب المال - إخراج التيس؛ لأن في أخذه ضرراً على المصَّدِّق، والمنع من أخذه لمصلحته، فإن أذن فيه أو رأى أن لا ضرر عليه في ذلك، أُخِذ. هذا أحد القولين، وقيل غير ذلك.

    ويقاس عليه ما يعود بالضرر على صاحب المال.

    وقد ورد أيضا في «البخاري» و«مسلم» من حديث معاذ المعروف، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وأعلمهم أن الله افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم...» ثم قال في نهاية الحديث: «وإياك وكرائم أموالهم»([2]) .

    هذا يدل على أن الكريمة من مال الشخص لا تُؤخذ في الزكاة، بل يُؤخذ الشيء المعتدل المتوسط، لا النفيس ولا الرديء.

    وأما بالنسبة للهرمة وذات العوار، فلا تؤخذ لأن الضرر فيها عائد على الفقير. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال النووي في المجموع (5/ 389): وأما قوله صلى الله عليه وسلم " ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولاذات عوار، ولا تيس؛ إلا ما شاء المصدق " ، وفي روايات أبي داود: " إلا أن يشاء المصدق "، وفي رواية له: " ولا تيس الغنم "، أي فحلها المعد لضرابها.

    واختلف في معناه؛ فقال كثيرون أو الأكثرون: المصَّدِّق هنا - بتشديد الصاد - وهو رب المال، قالوا: والاستثناء عائد إلى التيس خاصة، ومعناه: لا يخرج هرمة ولا ذات عيب أبداً، ولا يؤخذ التيس إلا برضاء المالك، قالوا: ولابد من هذا التأويل؛ لأن الهرمة وذات العيب لا يجوز للمالك إخراجهما، ولا للعامل الرضا بهما؛ لأنه لا يجوز له التبرع بالزكاة، وأما التيس فالمنع من أخذه لحق المالك؛ وهو كونه فحل الغنم المعد لضرابها، فإذا تبرع به المالك جاز، وصورته: إذا كانت الغنم كلها ذكوراً بأن ماتت الإناث وبقيت الذكور، فيجب فيها ذكور، فيؤخذ من وسطها، ولا يجوز أخذ تيس الغنم إلا برضاء المالك.

    هذا أحد التأويلين، والثاني - وهو الأصح المختار- : ما أشار إليه الشافعي رضي الله عنه في البويطي، فإنه قال: ولا يؤخذ ذات عوار ولا تيس ولا هرمة؛ إلا أن يرى المصَدِّق أن ذلك أفضل للمساكين فيأخذه على النظر، هذا نص الشافعي رضي الله عنه بحروفه.

    وأراد بالمصَدِّق الساعي وهو - بتخفيف الصاد - فهذا هو الظاهر، ويعود الاستثناء إلى الجميع، وهو أيضاً المعروف من مذهب الشافعي رضي الله عنه: أن الاستثناء إذا تعقب جملاً عاد إلى جميعها. والله تعالى أعلم. انتهى

    وقال ابن حجر في فتح الباري (3/ 321): (المصدق) اختلف في ضبطه فالأكثر على أنه بالتشديد، والمراد: المالك، وهذا اختيار أبي عبيد، وتقدير الحديث: لا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب أصلاً، ولا يؤخذ التيس -وهو فحل الغنم- إلا برضا المالك؛ لكونه يحتاج إليه، ففي أخذه بغير اختياره إضرار به، والله أعلم، وعلى هذا فالاستثناء مختص بالثالث، ومنهم من ضبطه بتخفيف الصاد، وهو الساعي، وكأنه يشير بذلك إلى التفويض إليه في اجتهاده؛ لكونه يجري مجرى الوكيل فلا يتصرف بغير المصلحة، فيتقيد بما تقتضيه القواعد، وهذا قول الشافعي في البويطي، ولفظه: ولا تؤخذ ذات عوار ولا تيس ولا هرمة ؛ إلا أن يرى المصدق أن ذلك أفضل للمساكين فيأخذه على النظر. انتهى، وهذا أشبه بقاعدة الشافعي في تناول الاستثناء جميع ما ذكر قبله، فلو كانت الغنم كلها معيبة مثلاً أو تيوساً أجزأه أن يخرج منها، وعن المالكية: يلزم المالك أن يشتري شاة مجزئة؛ تمسكاً بظاهر هذا الحديث، وفي رواية أخرى عندهم كالأول.

    قوله: (هرمة) بفتح الهاء وكسر الراء: الكبيرة التي سقطت أسنانها. قوله: (ذات عوار) بفتح العين المهملة وبضمها، أي: معيبة، وقيل: بالفتح: العيب، وبالضم: العور.

    واختلف في ضبطها، فالأكثر على أنه ما يثبت به الرد في البيع، وقيل: ما يمنع الإجزاء في الأضحية.

    ويدخل في المعيب: المريض، والذكورة بالنسبة إلى الأنوثة، والصغير سناً بالنسبة إلى سن أكبر منه. انتهى


    ([1]) أخرجه البخاري (1495) عن أنس بن مالك .

    ([2])أخرجه البخاري (1395)، ومسلم (19) عن ابن عباس رضي الله عنه

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم