• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: أصناف الثمار والزروع التي تجب فيه الزكاة
  • رقم الفتوى: 4436
  • تاريخ الإضافة: 22 رجب 1441
  • السؤال
    ما هو الراجح عند فضيلتكم في أنواع الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة ، فهل تجب في كل خارج من الأرض أم في أصناف معينة ؟
  • الاجابة

    الراجح أنها تجب في أربعة أصناف، وهي: القمح والشعير والتمر والزبيب، ولا تجب في غيرها، قال ابن المنذر وابن عبد البر: «وأجمع العلماء على أن الصدقة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب»([1])، والحنطة، هي القمح.

    وتجب في هذه الأربعة دون غيرها لحديث أخرجه الحاكم والبيهقي وغيرهما عن موسى بن طلحة قال: «عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي أنه إنما أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والتمر والزبيب»([2]).

    قال البيهقي: رواته ثقات وهو متصل، والظاهر أن الحديث صحيح إن شاء الله.

    وهذا يدل على أنه أخذ الزكاة من هذه الأربعة فقط، ولم يأخذها من غيرها من الأصناف.

    وبحصر الزكاة في هذه الأصناف الأربعة قال جمع من العلماء، منهم: ابن عمر، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، والحسن البصري، والثوري، والشعبي وغيرهم، وهو رواية عن الإمام أحمد، وقول ابن عباس إلا أنه زاد الزيتون، قالوا: إن الزكاة في النباتات لا تجب إلا في هذه الأصناف الأربعة، وهو الصحيح، وبه نأخذ؛ لأن حديث معاذ المتقدم يدل على ذلك، فإنه لما ذهب إلى اليمن، لم يأخذ الزكاة إلا من هذه الأربعة، فتخصّص عموم الأدلة به.

    وفي هذه المسألة خلاف كبير بين العلماء، فمنهم من جعل الزكاة في الأصناف الأربعة بناء على حديث معاذ، والبعض صحح الحديث وزاد الذرة، والبعض الآخر قاس عليها غيرها وجعلوا فيه زكاة، ولكنهم اختلفوا في العلة، والمذاهب في هذه المسألة كثيرة . هذه خلاصة الفتوى. والله أعلم 

    قال ابن المنذر في الإشراف (3/ 28): باب ما يجب فيه الصدقة مما أخرجت الأرض:

    أجمع عوام أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.

    واختلفوا في وجوب الصدقة في سائر الحبوب والثمار:

    فقالت طائفة: لا صدقة إلا في هذه الأربعة الأشياء، هذا قول الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والشعبى، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح، وابن المبارك، ويحيى بن آدم، وأبو عبيد.

    وفيه قول ثان: وهو ضم السلت إلى الأصناف الأربع، هذا قول ابن عمر
    وقد قيل: إن السلت نوع من الشعير، فإن كان هكذا فهو موافق لقول هؤلاء.

    وفي قول ثالث: وهو ضم الذرة إلى الحنطة، والتمر، والشعير، والزبيب، والسلت، هذا قول النخعي.

    وفيه قول رابع: وهو إيجاب الصدقة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والسلت، والزيتون، روينا هذا القول عن ابن عباس.

    وفيه قول خامس: وهو إيجاب الصدقة في النخل، والعنب، والحبوب كلها، هذا قول عطاء.
    وقال مكحول، وعمر بن عبد العزيز، وحماد أبي سليمان، والزهري، في القطانيّ العشر، وبه قال مالك، والأوزاعي.

    وفيه قول سادس: وهو أن ما جمع أن يزرعه الآدميون ويَبُس ويدخر، ويقتات مأكولاً، أو سويقاً، أو طبيخاً ففيه الصدقة، والقطانيّ فيها الزكاة، وليس في الأبازير، ولا الفثّ، ولا الثُفّاء، ولا من حبوب البقل، ولا الأسبيوش صدقة، ولا يؤخذ من شيء من الشجر صدقة إلا النخل والعنب، هذا قول الشافعي.

    وقد اختلف فيه عن أحمد فحكي عنه أنه قال: كما قال أبو عبيد.
    وحكى عنه أنه قال: كل شيء يدّخر ويبقى فيه الزكاة.

    وقال إسحاق: كل ما وقع عليه اسم الحب وهو مما يبقى في أيدي الناس مما يصير في بعض الأزمنة عند الضرورة طعاماً لقوم، فهو حب يؤخذ منه العشر.

    وقال أبو ثور: في الحنطة، والشعير، والرزّ، والحمّص، والعدس، والذرة، وكل جميع الحبوب مما يوكل ويدّخر، والثمر، والسلت، والدخن واللوبيا، والقرطم، ومما أشبه ذلك صدقة.

    وقال أصحاب الرأي: في الحنطة، والشعير، والحلبة، والتّين، والزيتون، والذرة، والزبيب، والسمسم، والأرز، وجميع الحبوب إذا كان ذلك في أرض الصدقة العشر. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (3/3): "وأجمع أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.
    قاله ابن المنذر، وابن عبد البر"

    وقال: هذه المسألة تشتمل على أحكام؛ منها، أن الزكاة تجب فيما جمع هذه الأوصاف: الكيل، والبقاء، واليبس، من الحبوب والثمار، مما ينبته الآدميون، إذا نبت في أرضه، سواء كان قوتا، كالحنطة، والشعير، والسلت، والأرز، والذرة، والدخن، أو من القطنيات، كالباقلا، والعدس، والماش والحمص، أو من الأبازير، كالكسفرة، والكمون، والكراويا، أو البزور، كبزرالكتان، والقثاء، والخيار، أو حب البقول، كالرشاد، وحب الفجل، والقرطم، والترمس، والسمسم، وسائر الحبوب، وتجب أيضا فيما جمع هذه الأوصاف من الثمار، كالتمر، والزبيب، والمشمش، واللوز، والفستق، والبندق. ولا زكاة في سائر الفواكه، كالخوخ، والإجاص، والكمثرى، والتفاح، والمشمش، والتين، والجوز. ولا في الخضر، كالقثاء، والخيار، والباذنجان.، واللفت، والجزر.
    وبهذا قال عطاء في الحبوب كلها، ونحوه قول أبي يوسف ومحمد، فإنهما قالا: لا شيء فيما تخرجه الأرض، إلا ما كانت له ثمرة باقية، يبلغ مكيلها خمسة أوسق. وقال أبو عبد الله بن حامد: لا شيء في الأبازير، ولا البزور، ولا حب البقول. ولعله لا يوجب الزكاة إلا فيما كان قوتا أو أدما؛ لأن ما عداه لا نص فيه، ولا هو في معنى المنصوص عليه فيبقى على النفي الأصلي.

    وقال مالك، والشافعي: لا زكاة في ثمر، إلا التمر والزبيب، ولا في حب، إلا ما كان قوتاً في حالة الاختيار لذلك، إلا في الزيتون، على اختلاف.

    وحكي عن أحمد: إلا في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب. وهذا قول ابن عمر، وموسى بن طلحة، والحسن، وابن سيرين، والشعبي، والحسن بن صالح وابن أبي ليلى، وابن المبارك، وأبي عبيد.
    والسلت: نوع من الشعير. ووافقهم إبراهيم، وزاد الذرة. ووافقهم ابن عباس، وزاد الزيتون؛ لأن ما عدا هذا لا نص فيه ولا إجماع، ولا هو في معنى المنصوص عليه، ولا المجمع عليه، فيبقى على الأصل.

    وقد روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، أنه قال: «إنما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة في الحنطة والشعير، والتمر والزبيب»، وفي رواية، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «والعشر في التمر والزبيب، والحنطة والشعير» .

    وعن موسى بن طلحة، عن عمر، أنه قال: «إنما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة في هذه الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب».

    وعن أبي بردة، عن أبي موسى ومعاذ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم، فأمرهم أن لا يأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب . رواهن كلهن الدارقطني.

    ولأن غير هذه الأربعة لا نص فيها ولا إجماع، ولا هو في معناها في غلبة الاقتيات بها، وكثرة نفعها، ووجودها، فلم يصح قياسه عليها، ولا إلحاقه بها، فيبقى على الأصل.

    وقال أبو حنيفة: تجب الزكاة في كل ما يقصد بزراعته نماء الأرض، إلا الحطب، والقصب، والحشيش؛ لقوله - عليه السلام -: "فيما سقت السماء العشر". وهذا عام، ولأن هذا يقصد بزراعته نماء الأرض، فأشبه الحب.

    ووجه قول الخرقي، أن عموم قوله - عليه السلام -: «فيما سقت السماء العشر» . وقوله - عليه السلام - لمعاذ: «خذ الحب من الحب» . يقتضي وجوب الزكاة في جميع ما تناوله، خرج منه ما لا يكال، وما ليس بحب، بمفهوم قوله - عليه السلام -: «ليس في حب ولا تمر صدقة، حتى يبلغ خمسة أوسق». رواه مسلم والنسائي. فدل هذا الحديث على انتفاء الزكاة مما لا توسيق فيه، وهو مكيال، ففيما هو مكيل يبقى على العموم، والدليل على انتفاء الزكاة مما سوى ذلك ما ذكرنا من اعتبار التوسيق.
    وروي عن علي، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس في الخضراوات صدقة» . وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما أنبتت الأرض من الخضر صدقة» .

    وعن موسى بن طلحة، عن أبيه، وعن أنس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله. رواهن الدارقطني. وروى الترمذي، بإسناده عن «معاذ، أنه كتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن الخضراوات، وهي: البقول، فقال: ليس فيها شيء» . وقال: يرويه الحسن بن عمارة، وهو ضعيف، والصحيح أنه عن موسى بن طلحة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل.

    وقال موسى بن طلحة: جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خمسة أشياء: الشعير، والحنطة، والسلت، والزبيب، والتمر، وما سوى ذلك مما أخرجت الأرض فلا عشر فيه. وقال: إن معاذاً لم يأخذ من الخضر صدقة.

    وروى الأثرم، بإسناده، أن عامل عمر كتب إليه في كروم، فيها من الفرسك والرمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافاً، فكتب عمر: إنه ليس عليها عشر، هي من العضاه. انتهى


    ([1]) « الإجماع » لابن المنذر (ص 45)، و «التمهيد» لابن عبد البر (20 /148).

    ([2]) أخرجه أحمد (21989)، والحاكم في «المستدرك» (1457)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (7474) عن موسى بن طلحة.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم