• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الرق في الإسلام
  • رقم الفتوى: 4490
  • تاريخ الإضافة: 26 رجب 1441
  • السؤال
    بعض من عنده حقد على الإسلام يرى أن الرق وهو تملك الناس للناس جناية على الإنسانية، ويبدأ بالطعن في دين الله من هذا الباب، فأرجو من فضيلتكم بيان حقيقة الرق في الإسلام ؟ ولماذا لم يمنع في الإسلام مطلقاً؟
  • الاجابة

    تملك الإنسان، أي أن يكون الإنسان ملكاً لإنسان آخر، يبيعه ويشتريه ويستخدمه، وهو الذي يسمى في الشرع بـ (الرِّق).

    اعلم أولاً أن الإسلام لما جاء كان الرق مفتوحاً بشكل كبير، فكان الناس يستعبد بعضهم بعضاً بشكل واسع، سواء من أصحاب الأديان كاليهود والنصارى أو من المشركين، فلما جاء الإسلام ضيّق سبله ومنع الكثير من طرق الرق، ووسّع سبل العتق وتحرير الناس.
    وهنا يأتي السؤال : لماذا لم ينه الرق مطلقاً ويمنعه؟
    قلنا: لأن هناك مصلحة في صورة معيّنة، لا بد أن تبقى، وهي محقّقة في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «عجب ربنا من أناس يُقادون إلى الجنة بالسلاسل» ([1]).
    صورة الرق الباقية هي في الجهاد، فما المصلحة من ذلك:

    أولاً: إدخالهم في الإسلام وهي أعظم مصلحة، فيكسبون برقهم في الدنيا آخرتهم، فَرِقٌّ في الدنيا مقابل سعادة الآخرة الأبدية خير عظيم، فبالرق يتعرفون على الإسلام بصورته الحقيقية بعيداً على المؤثرات الخارجية، والتلبيس والكذب الذي يفعله أعداء الإسلام، ويتخلصون من كل الموانع التي تمنعهم من الدخول فيه.

    ثانياً: حفظهم في الدنيا، ففي حال الحروب والقتال فإن أكثر من يضيع النساء والأطفال، يصيبهم جوع وقتل وعذاب واعتداء، وصف ما تشاء في النساء والأطفال. فإذا أخذوا رقيقاً حفظوا، فقد جعل الشارع لهم حقوقاً، فلا يجوز الاعتداء عليهم بأي نوع من أنواع العذاب ولا الإهانة، ويجدون لهم مكاناً يحفظهم ويؤويهم، فيأكلون ويشربون وينامون ويستريحون ولا يشرّدون ويضيعون كالحال الحاصلة اليوم، والمصالح كثيرة هذه منها .

    ومع هذه المصالح العظيمة، فإن الإسلام ضيق أسباب الرق، وفتح أبوباً وأسباباً كثيرة للحرية ورغب في ذلك وحث عليه، فتجد العتق في الكفارات؛ ككفارة اليمين، وكفارة القتل، وكفارة الظهار، وغيرها، ورغب في المكاتبة، وجعل عتق الرقاب من مصارف الزكاة، وغير ذلك، وبنى على العتق أجوراً عظيمة في أحاديث كثيرة. والله أعلم 

    والأمر الذي أريد أن أنبهك عليه، وهو قاعدة تعرف بها رد الكثير من شبهات أعداء الإسلام، وهي أن الإسلام جاء لتحقيق المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها.

    وأن الكثير من الأفعال فيها مصالح ومفاسد، ولابد عند فعلها من وجود المصالح والمفاسد معاً، فالشرع يقدم الفعل الذي تتحقق به المصلحة الأعظم فيشرعه، أو ما فيه دفع المفسدة الأكبر.

    فيتعلق أعداء الإسلام بالمصلحة أو المفسدة الأضعف، ويعظمونها في عينك ويزينونها بطرقهم الشيطانية؛ كي يظهروا لك أن الإسلام باطل وظالم فتنبه لهذا. والله أعلم 


    ([1]) أخرجه البخاري (3010).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم