• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: إعطاء الزكاة للأقارب
  • رقم الفتوى: 4517
  • تاريخ الإضافة: 29 رجب 1441
  • السؤال
    هل يجوز أن يعطي الرجل زكاته لولده أو زوجته أو أبويه أو أحد إخوته أو أخواته إذا كانوا فقراء؟
  • الاجابة

    لا تُعْطى الزكاة لمن تجب على المزكي نفقته؛ كالزوجة والأولاد والآباء في حال وجبت عليه نفقتهم، وهو قادر عليها؛ لأن دفع الزكاة لهؤلاء يغنيهم عن النفقة الواجبة عليه، فيحفظ ماله بزكاته، ولا يعتبرون محتاجين للزكاة فهم أغنياء بغناه، كونه هو المنفق عليهم. 

    وكذلك الأخوة والأخوات إذا وجبت عليه نفقتهم فلا يجوز، وإذا لم تجب عليه نفقتهم جاز. والله أعلم 

    قال ابن المنذر في الإشراف (3/ 104): أجمع أهل العلم على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة؛ لأن نفقتها تجب عليه، وهي غنية بغناه. انتهى

    وقال (3/ 102): باب دفع الزكاة إلى الوالدين والقرابات.
    أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين 
    والولد؛ في الحال الذي يجبر الدافع ذلك إليهم على النفقة عليهم.

    واختلفوا في دفع الزكاة إلي سائر القرابات.
    فكان سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وشريك، وأبو عبيد، يقولون: من يجبر المرء على نفقته فلا يعطى منها شيئاً.

    وكان ابن عباس يقول: إذا كانت له قرابة محتاجون فليدفعها إليهم، وبه قال عطاء.

    وقال الحسن البصري، وطاووس: لا يعطى ذو قرابة لقرابته من الزكاة شيئاً.

    واختلفوا فيمن يجبر المرء على نفقته.
    فكان مالك، وسفيان الثوري، وأبو ثور، وأبو عبيد، يقولون: يجبر الرجل على أن ينفق على والديه إذا كانا محتاجين.
    وقال الشافعي: يجبر الرجل على نفقة والديه إذا كانا زمنين ولا مال لهما.

    واختلفوا في الجد.
    فكان مالك: لا يرى أن يجبر الرجل على النفقة على جده، غير أن الشافعي إنما يوجب ذلك على من كان منهم زمناً ولا مال له.
    وكان مالك يقول: الذين يلزمه نفقتهم الولد: ولد الصلب دنيّاً، يلزمه في الذكور حتى يحتلموا، وفي النساء حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن، فإن طلقها أو مات عنها؛ فلا نفقة لها على أبيها، فإن طلقها قبل البناء كانت نفقتها على أبيها. 

    وكان الشافعي يقول: يجبر الرجل على أن ينفق على ولده حتى يبلغوا الحلم والمحيض، ثم لا نفقة لهم عليه إلا أن يكونوا زمنى سواء في ذلك الذكر والأنثى، وسوى ولده أو ولد ولده وإن سفلوا، ما لم يكن لهم أموال، وما لم يكن لهم أب دونه يقدر على أن ينفق عليهم.

    وقال أحمد، وإسحاق: لا يعطى الزكاة الولد وإن سفل، ولا يعطى الجد وإن ارتفع.
    وقال الثوري: يجبر الرجل على أن ينفق على ذوي أرحامه الذين يرثهم على قدر ميراثه، ومن لم يرثه لم يجبر على نفقته.

    وقال النعمان: يعطي الرجل زكاته كل فقير إلا امرأته، أو ولده، أو والده، أو زوجته. انتهى 

    وجاء في المجموع للنووي (6/ 229): قال المصنف رحمه الله: (ولا يجوز دفعها إلى من تلزمه نفقته من الأقارب والزوجات من سهم الفقراء؛ لأن ذلك إنما جعل للحاجة، ولا حاجة بهم مع وجوب النفقة)

    قال النووي رحمه الله: هذا الذي ذكره متفق عليه عندنا، وقد اختصر المصنف هذه المسألة، وهي مبسوطة في كتب الأصحاب أكمل بسط، وأنا أنقل فيها عيون ما ذكروه إن شاء الله تعالى.
    قال أصحابنا: لا يجوز للإنسان أن يدفع إلى ولده ولا والده الذي يلزمه نفقته من سهم الفقراء والمساكين؛ لعلتين: إحداهما: أنه غني بنفقته. والثانية: أنه بالدفع إليه يجلب إلى نفسه نفعاً، وهو منع وجوب النفقة عليه.

    إلى أن قال: "وأما إذا كان الولد أو الوالد فقيراً أو مسكيناً، وقلنا في بعض الأحوال: لا تجب نفقته؛ فيجوز لوالده وولده دفع الزكاة إليه من سهم الفقراء والمساكين بلا خلاف؛ لأنه حينئذ كالأجنبي..." انتهى المراد. 

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/ 249): 
    قوله: «ويسن إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤونتهم» أي: يسن صرف الزكاة في أقاربه الذين لا تلزمه مؤونتهم مثل أخيه، وعمه، وخاله، وابن أخيه، وما أشبه ذلك.
    فإذا كانوا من أهل الزكاة، فإن السنة والأفضل أن تصرف زكاتك فيهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة» فيجمع بين أمرين. لكن اشترط المؤلف ألا تلزمه مؤونتهم، أي: لا يلزمه الإنفاق عليهم، فإن لزمه الإنفاق عليهم فلا تجزئ؛ لأنه يدفع عن ماله ضررا؛ لأنه إذا أعطاهم زكاته واغتنوا بها سقطت عنه نفقتهم، فصار ببذله الزكاة مسقطا لواجب عليه، والقاعدة أنه لا يجوز للإنسان أن يسقط بزكاته أو بكفارته واجبا عليه.
    مثال الزكاة: هؤلاء إخوتي فقراء وأنا رجل غني، وتلزمني نفقتهم، وعندي زكاة إذا أعطيتهم إياها كفتهم لمدة سنة أو أقل أو أكثر، فلا يجوز أن أعطيهم إياها؛ لأنهم إذا اغتنوا بها سقط الواجب عني، فأسقطت بها واجبا علي.
    مثال الكفارة: علي كفارة إطعام عشرة مساكين، فيجوز أن أغديهم، أو أعشيهم على الصحيح، وهؤلاء الفقراء نزلوا أضيافا علي، والضيف يجب إكرامه بغدائه وعشائه يومه وليلته، فغديت هؤلاء ونويتها كفارة، فلا يجزئ؛ لأنني بهذا الإطعام أسقطت واجبا علي؛ لأنه يجب علي أن أضيفهم بغداء وعشاء، وبكل ما يلزم في الضيافة، فإذا غديتهم وعشيتهم، ونويته كفارة علي، فقد أسقطت واجبا.
    مسألة: إذا كان الأب فقيرا، وعند الابن زكاة وهو عاجز عن نفقة أبيه، فهل يجوز أن يصرفها لأبيه؟
    الجواب: يجوز أن يعطيها لوالده؛ لأنه لا تلزمه نفقته؛ لأن الابن لا يملك شيئا، وهو هنا لا يسقط واجبا، والزكاة إما ستذهب إلى الوالد أو إلى غيره، فهل من الأولى عقلا فضلا عن الشرع، أن أعطي غريبا يتمتع بزكاتي ويدفع حاجته وأبي يتضور من الجوع؟
    الجواب: لا؛ لأنني لا أستطيع أن أنفق على والدي ففي هذه الحال تجزئ الزكاة للوالد، وربما يؤخذ من قول المؤلف: «الذين لا تلزمه مؤونتهم»؛ لأن من شرط وجوب النفقة حتى عند المؤلف ومن قال بقوله من الأصحاب غنى المنفق، وهنا المنفق غير غني؛ لأنه لا يجد ما ينفق على هؤلاء، والقاعدة (أنه لا يجوز إسقاط الواجب بالزكاة)، وهذه القاعدة نافعة، فطبقها على الأخ والعم، إذا وجبت نفقتهما لا تعطيهما من الزكاة.
    أما إذا أعطى من تجب عليه نفقتهم لغير النفقة، ولكن لكونهم غزاة أو غارمين أو من العاملين عليها فيجوز. انتهى 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم