• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: خطبة المرأة في عدتها
  • رقم الفتوى: 4589
  • تاريخ الإضافة: 14 شعبان 1441
  • السؤال

    رجل يريد خطبة امرأة في عدتها فهل يجوز له ذلك ؟

  • الاجابة

    العِدَّةُ: تربص المرأة مُدة محددةً شرعاً بسبب فُرقة نكاح أو وفاة ، فإن المرأة إذا طُلِّقَت دخلت في العِدّة – وهي مدة زمنية حددها الشارع- فتبقى فيها إلى أن تنتهي، ثم بعد ذلك يَحِلّ لها الزواج، وأما قبل انتهاء العدة؛ فلا يحل لها الزواج؛ فتسمى هذه المدة الزمنية عدّة، وكذلك المرأة التي يُتوفَى عنها زوجها، تتربص بنفسها مدة زمنية إلى أن تنتهي، أي تراقب نفسها وتنتظر انتهاء المدة، ثم بعد ذلك يجوز لها أن تتزوج ، فالمراد بالعدّة : عدة الطلاق أو الموت.

    ويحرم التصريح بالخِطبة لجميع المعتدات.

    وأما التعريض فيجوز لبعض المعتدات.

    التعريض هو: أن يذكر لها إشارة أنّه يرغب بها ولا يُصرّح؛ كقوله: « أريدك للزواج » هذا تصريح؛ والإشارة؛ كأن يقول لها مثلاً: «أريد الزواج »، أو «وَدِدت أن يُيسر الله لي امرأة صالحة»، فتكون هذه إشارة يشير بها أنّه يريد أن يتزوجها، فهذا يسمى تعريضاً.

    والتعريض جائزٌ لبعض المعتدات لا كلهن؛ كالمُتوفَى عنها زوجها مادامت في العدة.

    أمّا المعتدة عدة طلاق رجعي؛ فلا يُعرِّض ولا يُصرِّح لها؛ لأنّها لا تزال زوجةً لرجل، ولزوجها فيها حقٌ ، الطلاق الرجعي يكون في الطلقة الأولى أو الثانية، لزوجها أن يرجعها ما دامت المرأة لم تُنه العدة، يرجعها من غير عقد جديد ولا مهر جديد.

    وأما المُطلقة طلاقاً بائناً - يعني لا رجعة فيه ويكون في الطلقة الثالثة- فمُختلف في جواز التعريض لها، والصحيح الجواز؛ لحديث فاطمة بنت قيس(1)، قال الحافظ ابن حجر: « والحاصل أن التصريح بالخِطبة حرام لجميع المعتدات، والتعريض مباح للأولى، حرام في الأخيرة، مختلف فيه في البائن »(2). انتهى

    الأولى هي المُتوفَى عنها زوجها، والأخيرة: هي المعتدة من طلاق رجعي، والبائن: أي المطلقة طلاقاً بائناً لا رجعة فيه.

    ودليل تحريم الخِطبة في العدّة مفهوم قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ } [البقرة، 235]، فمفهوم هذه الآية: أن ما صرحتم به فعليكم جناح ، وتحريم التصريح والتعريض للمطلقة طلاقاً رجعياً؛ لأنّها زوجة لزوجها، لم تنته الزوجية بعد، فحق زوجها لايزال قائماً فيها، وأمّا تحريم التصريح لغيرها خشية أن تكذب المرأة في العدّة استعجالاً للزواج ممن طلبها صراحة، لذلك مُنِع الرجل من طلبها صراحة مادامت في عدّتها. . والله أعلم هذه خلاصة الفتوى

    قال ابن حزم: "واتفقوا أن التصريح بالخطبة في العدة حرام" (3).
     وقال البغوي : "اتفق أهل العلم على أن التصريح بالخطبة لا يجوز في عدة الغير" (4).
     وقال ابن تيمية : "لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة، ولو كانت من عدة وفاة، باتفاق المسلمين" (5).

    قال البغوي بعد أن ذكر حديث فاطمة بنت قيس، وكانت مطلقة ثلاثاً، قال: ومعنى البتة المذكورة في الحديث: هو الثلاث.
    وقد روي أنها كانت آخر تطليقة بقيت لها من الثلاث.
    وفيه جواز التعريض للمرأة بالخطبة في العدة عن الغير؛ لأن قوله لها: «فإذا حللت فآذنيني»، تعريض بالخطبة، واتفق أهل العلم على أن التصريح بالخطبة لا يجوز في عدة الغير، أما التعريض بالخطبة، فيجوز في عدة الوفاة، قال الله سبحانه وتعالى وتقدس: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} [البقرة: 235]، أما المعتدة عن فرقة الحياة، نُظِر إن كانت ممن لا يحل لمن بانت منه نكاحها كالمطلقة ثلاثاً، والمبانة باللعان، والرضاع، يجوز خطبتها تعريضاً كالمعتدة عن الوفاة، وإن كانت ممن يحل للزوج نكاحها كالمختلعة، والمفسوخة نكاحها، فيجوز لزوجها خطبتها تصريحاً وتعريضاً، وهل يجوز للغير تعريضاً؟، فيه قولان: أحدهما: يجوز كالمطلقة ثلاثاً.
    والثاني: لا يجوز، لأنه يجوز لصاحب العدة معاودتها، كالرجعية لا يجوز للغير تعريضها بالخطبة بالاتفاق.

    والتعريض بالخطبة: أن يعرض لها بما يدلها به على إرادته خطبتها من غير تصريح، وتجيبه المرأة بمثل ذلك، مثل أن يقول: إذا حللت فآذنيني، رب راغب فيك، رب حريص عليك، من يجد مثلك.

    قال القاسم: يقول: إنك علي لكريمة، وإني فيك لراغب، وإن الله سائق إليك خيراً، ونحو ذلك من القول.
    وقال عطاء: يعرض، ولا يبوح، يقول: إن لي حاجة، أبشري، وأنت بحمد الله نافقة، وتقول هي: قد أسمع ما تقول: ولا تعد شيئا، ولا يواعدها وليها بغير علمها، وإن واعدت رجلا في عدتها، ثم نكحها بعد، لم يفرق بينهما.
    وقال ابن عباس في قوله سبحانه وتعالى: {فيما عرضتم به} [البقرة: 235] يقول: إني أريد التزويج، ولوددت أنه يسر لي امرأة صالحة.
    وقال الحسن {لا تواعدوهن سرا} [البقرة: 235] الزنى.
    قال الشافعي: والتعريض عند أهل العلم جائز سرا وعلانية، على أن السر الذي نهي عنه الجماع.
    قال أبو عبيد: السر: الإفصاح بالنكاح، يقال للمجامعة: سر، وللزنى: سر، ولفرجي الرجل والمرأة: سر. انتهى من شرح السنة (9/ 299).

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (12/ 23): فعلم من كلام المؤلف أن خطبة المعتدة لها ثلاث حالات:

    الأولى: تحرم تصريحاً وتعريضاً.

    الثانية: تجوز تصريحاً وتعريضاً.

    الثالثة: تجوز تعريضا لا تصريحا.

    تحرم تصريحاً وتعريضاً خطبة الرجعية من غير زوجها؛ لأنها زوجة، ولا يجوز لأحد أن يخطب زوجة غيره لا تصريحاً ولا تعريضاً، ومثلها المبانة بثلاث من زوجها.

    وتباح الخطبة تصريحاً وتعريضاً لزوج أبان زوجته بغير الثلاث، بطلاق على عوض، أو فسخ.

    ويحرم التصريح دون التعريض في خطبة المبانة من غير الزوج، والمعتدة من الوفاة.

    وهل يجوز التصريح أو التعريض في خطبة المحرمة بحج أو عمرة؟
    لا يجوز؛ لأنه لا يجوز عقد النكاح عليها.

    إذا القاعدة: كل من لا يجوز العقد عليها فإنه تحرم خطبتها تصريحاً، أما تعريضاً ففيه تفصيل. انتهى


    (1) عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: «ليس لك عليه نفقة»، فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: «تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني»، قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد» فكرهته، ثم قال: «انكحي أسامة»، فنكحته، فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت به. أخرجه مسلم (1480).

    (2) « فتح الباري » (9/ 179).

    (3) مراتب الإجماع (122).

    (4) شرح السنة (9/ 298).

    (5) مجموع الفتاوى (8/ 32).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم