• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: النظر إلى المرأة لأجل خطبتها
  • رقم الفتوى: 4591
  • تاريخ الإضافة: 14 شعبان 1441
  • السؤال

    أريد أن أخطب بنتاً، وأريد أن أراها، فهل يجوز لي أن أرى شعرها؟

  • الاجابة

    النّظر إلى المخطوبة مُستحب؛ لحث النبي على ذلك، كما جاء في خبر الرجل الذي أخبر النبيَّ ﷺ أنّه تزوج امرأة من الأنصار، أي طلبها للزواج، فقال له ﷺ: «أنظرت إليها؟» قال: لا، قال: « فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً»([1]) ، وأخرج أبو داود عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا خطب أحدكم المرأة فإذا استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل»، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى إذا رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها؛ تزوجتها ([2]).

    دلَّ هذا على أنّ رؤية المرأة ممن أراد أن يخطبها جائزة؛ سواء كانت تعلم أنّه يراها أو لا تعلم ذلك، لا فرق.

    واختلف العلماء فيما يجوز له رؤيته منها على مذاهب:

    فالبعض قال: الجائز من ذلك الوجه والكفان فقط. وعزاه البعض للجمهور.

    والبعض قال: يرى ما يظهر غالباً كالرقبة والساقين والشعر ونحوه، وهو رواية عن الإمام أحمد، وقريب منه قول الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام في زمنه.

    والبعض قال: النّظر إليها كلّها عورة وغير عورة، ينظر إلى كل شيء، نسب إلى داود الظاهري وابن حزم. واستبعد بعض أهل العلم هذا المذهب الأخير.

    والراجح عندي الثاني؛ لظاهر حديث جابر، والأول أحوط للدين. والله أعلم، هذه خلاصة الفتوى

    قال ابن قدامة في المغني: لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها، وقال: ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة، ولا لريبة، قال أحمد في رواية صالح: ينظر إلى الوجه ولا يكون عن طريق لذة، وله أن يردد النظر إليها، ويتأمل محاسنها؛ لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك ، وقال: فصل: ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها، وذلك لأنه ليس بعورة، وهو مجمع المحاسن، وموضع النظر.

    ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة، وحُكي عن الأوزاعي أنه ينظر إلى مواضع اللحم. وعن داود أنه ينظر إلى جميعها؛ لظاهر قوله - عليه السلام -: «انظر إليها».

    وقال: فأما ما يظهر غالباً سوى الوجه، كالكفين والقدمين ونحو ذلك، مما تظهره المرأة في منزلها؛ ففيه روايتان؛ إحداهما: لا يباح النظر إليه؛ لأنه عورة فلم يبح النظر إليه، كالذي لا يظهر، فإن عبد الله روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المرأة عورة» حديث حسن، ولأن الحاجة تندفع بالنظر إلى الوجه، فبقي ما عداه على التحريم.

    والثانية: له النظر إلى ذلك، قال أحمد في رواية حنبل: لا بأس أن ينظر إليها، وإلى ما يدعوه إلى نكاحها، من يد أو جسم ونحو ذلك.

    قال أبو بكر: لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة، وقال الشافعي: ينظر إلى الوجه والكفين.

    ووجه جواز النظر إلى ما يظهر غالباً، أن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا أذن في النظر إليها من غير علمها، عُلم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة؛ إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور؛ ولأنه يظهر غالباً، فأبيح النظر إليه كالوجه، ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع، فأبيح النظر منها إلى ذلك، كذوات المحارم. انتهى باختصار.

    وقال ابن رشد في بداية المجتهد (3/ 31): وأما النظر إلى المرأة عند الخطبة، فأجاز ذلك مالك إلى الوجه والكفين فقط. وأجاز ذلك غيره إلى جميع البدن عدا السوأتين. ومنع ذلك قوم على الإطلاق. وأجاز أبو حنيفة النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين.
    والسبب في اختلافهم أنه ورد الأمر بالنظر إليهن مطلقاً، وورد بالمنع مطلقاً، وورد مقيداً، أعني بالوجه والكفين، على ما قاله كثير من العلماء في قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: 31] أنه الوجه والكفان، وقياساً على جواز كشفهما في الحج عند الأكثر، ومن منع تمسك بالأصل وهو تحريم النظر إلى النساء. انتهى 

    وقال ابن حجر في فتح الباري (9/ 182): قال الجمهور: لا بأس أن ينظر الخاطب إلى المخطوبة.

    قالوا: ولا ينظر إلى غير وجهها وكفيها. وقال الأوزاعي: يجتهد وينظر إلى ما يريد منها إلا العورة. وقال ابن حزم : ينظر إلى ما أقبل منها وما أدبر منها.

    وعن أحمد ثلاث روايات: الأولى كالجمهور، والثانية: ينظر إلى ما يظهر غالباً، والثالثة: ينظر إليها متجردة.

    وقال الجمهور أيضاً: يجوز أن ينظر إليها إذا أراد ذلك بغير إذنها، وعن مالك رواية: يشترط إذنها.

    ونقل الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال لأنها حينئذ أجنبية ورد عليهم بالأحاديث المذكورة. انتهى


    ([1]) أخرجه مسلم (1424) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

    [2]) أخرجه أحمد 22/ 140)، وأبو داود (2082) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم