• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: ولي المرأة في النكاح وشروطه
  • رقم الفتوى: 4619
  • تاريخ الإضافة: 21 شعبان 1441
  • السؤال

    من هو الولي الذي يزوج المرأة؟

  • الاجابة

    الوليّ هو من يتولى تزويج المرأة، والأحقّ بذلك أبوها، ثم جدها لأب - والد الأب - أو جد أبيها.. وهكذا، ثم ابنها، ثم ابن ابنها.. وهكذا، ثم أخوها الشقيق، ثم أخوها لأب، ثم ابن أخيها ثم ابن ابنه.. وهكذا ، ثم عمها، ثم ابن عمها، ثم أقرب العصبة نسباً، وكله على حسب الميراث ما عدا الأب والجد يقدم على الأبناء، ثم الحاكم.

    شروط الولي:

    ويشترط في الوليِّ أن يكون ذكراً، فلا يصحُّ أن تكون الأنثى ولياً؛ لأنّها لا يصحّ أن تزوج نفسها، فغيرها من باب أولى.

    وأن يكون بالغاً.

    عاقلاً.

    مسلماً؛ فلا ولاية لكافرٍ، نقل ابن المنذر -رحمه الله- الاتفاق على أنّ الكافر لا يكون ولياً لابنته المسلمة([1]) .

    أن يكون أميناً على من يتولّاها، فيكفي أن يكون أميناً على من يتولى أمرها؛ أما العدالة فليست شرطاً على الصحيح من أقوال أهل العلم. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال ابن المنذر في الأوسط (8/ 268): واختلفوا في الولي. فقالت طائفة: الأولياء العصبة. كذلك قال مالك بن أنس، والليث بن سعد، وسفيان بن سعيد الثوري، والشافعي رحمه الله.

    وكان أبو ثور يقول: والنكاح لا يكون إلا بولي، إما عصبة وإما رجل توليه أمرها. ولما اختلفوا أن كل من لزمه اسم ولي جائز،

    وفي كتاب محمد بن الحسن: وإذا تزوجته المرأة، فولت أمرها رجلاً من المسلمين، فزوجها كفؤا فهو جائز، وذلك بمنزلة تزويجها نفسها، وكذلك لو زوجها امرأة أو عبد فأجازت ذلك كان جائزاً.

    قال أبو بكر: في قوله: {ولا تعضلوهن} دليل على أن الأولياء من العصبة، ولو كان الأمر إليهن لأشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأخت معقل حين أبى معقل أن يزوجها: لا يمنعك من النكاح امتناع أخيك، فإنما الأمر إليك. فلما دعا معقلاً وتلا عليه الآية، دل على أن الذي إليه الأمر العصبة، ولو كان الأمر إليها لم يكن في قوله: "والسلطان ولي من لا ولي له" فائدة، لأن كل امرأة إلا وهي تجد السبيل إلى أن تأمر من يزوجها. انتهى 

    وقال (8/ 304): ذكر اجتماع الولاة وافتراقهم
    اختلف أهل العلم في المرأة يكون لها أب وابن.
    فقالت طائفة: الابن أولى بإنكاحها من الأب، كذلك قال مالك بن أنس: إن الابن أحق بإنكاح أمه من أبيها، والصلاة عليها إذا ماتت، وكذلك قاله ابن راهويه. وحكي ذلك عن عبيد الله بن الحسن وأبي يوسف.
    وقالت طائفة: الأب أولى من الابن، وليس للابن أن يزوجها إلا أن يكون من عصبتها ويكون أقربهم إليها. هكذا قال الشافعي رحمه الله، وقال أحمد: أحقهم بالمرأة أن يزوجها أبوها ثم الابن. وحكي عن النعمان قول ثالث وهو: إن من زوجها منهما جائز...

    ذكر الجد والابن
    اختلفوا في الجد والابن فكان الشافعي رحمه الله يقول: لا ولاية لأحد مع الأب، فإذا مات فالجد أبو الأب. وقال أحمد في الجد والابن: الابن أعجب إلي. وبه قال إسحاق.
    ذكر الجد والأخ
    واختلفوا في الجد والأخ، فكان مالك يقول: الأخ أولى بإنكاح أخته من الجد، والصلاة عليها إذا ماتت.
    وقال الشافعي رحمه الله: الجد أولى من الأخ، وقال أحمد: الجد أعجب إلي من الأخ، وكذلك قال إسحاق، وهكذا نقول.
    ذكر الأب والأخ
    كان الشافعي رحمه الله يقول: لا ولاية لأحد مع الأب، فإن أنكحها الأخ ولها أب فالنكاح باطل في قوله، وهذا مذهب الزهري.
    وقال أحمد: الأب أحق من الأخ وبه قال إسحاق، وكذلك نقول.
    وحكي عن مالك أنه قال في المرأة الثيب لها الأب والأخ، فزوجها الأخ برضاها إذ أنكر الأب ذلك، قال مالك: ليس للأب هاهنا قول إذا زوجها الأخ برضاها، لأنها قد ملكت. وكان الشافعي رحمه الله وأحمد يقولان: الأخ أولى من العم.
    ذكر تغيب بعض الأولياء
    واختلفوا في الولي يزوج المرأة ولها من هو أقرب إليها من العصبة.
    فقالت طائفة: النكاح باطل، كذلك قال الشافعي رحمه الله، وقال ابن القاسم: سألت مالكاً عن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أو ذي الرأي من أهلها. من ذوي الرأي من أهلها؟ قال: الرجل من العشيرة وابن العم فإن إنكاحه إياها جائز. قال مالك: وإن كان ثم من هو أقعد منه، فنكاحه إياها جائز إذا كان له من الصلاح والفضل وأصاب وجه النكاح.
    وكان أحمد بن حنبل يقول في الأب والأخ، زوجها الأخ دون الأب وكان الأب غائباً قال: إن طالت غيبته، وكان موضعا بعيدا فتزويج الأخ جائز. وكان إسحاق يقول: إذا كان أخ الأب وأم، وأخ لأب، فزوج الذي للأب فقد أخطأ، ولكن لا يرد فعله إذا كان زوجها من كفؤ لها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أنكح الوليان فالأول أحق ".

    وكل من وصفت أولياء، وإن كان أحدهما أقرب من الآخر، فإنما يستحق بالقرب الميراث دون الآخر، ولا يزول عن أدناها اسم الولاية. كذلك قال مالك بن أنس ومن اتبعه.
    وقال أصحاب الرأي: إذا كان العم من الأب والأم غائبا في أرض منقطعة قد طالت غيبته بها، فنكاح العم من الأب جائز عليها، فإن رجع الغائب بعد فأنكر لم يلتفت إلى إنكاره، فإن كانا في السواد أو شبه ذلك فهو بمنزلة الحاضر في المصر يوصي عنهم. انتهى باختصار 

    قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (12/ 81): كامرأة لها أب ولها ابن يعصبها إذا ماتت، فالابن في باب الميراث مقدم، ولكن يقدم أبو المرأة في إنكاحها حتى على عيالها؛ أما الأبكار فواضح أن الأب يقدم؛ لأنه ليس لهن أولاد، والأخ لا يمكن أن يكون أولى من الأب وهو مدل به، وأما الثيبات فإن الأب مقدم على الابن؛ لأن الغالب أن الأكبر سنا يكون قد جرب الأمور، وعرف الناس، فيكون أكمل نظرا من الصغير.

    وقال: قوله: «ثم جدها لأب وإن علا»، فيقدم الأقرب فالأقرب، فالجد أولى من الابن في هذا الباب، وهنا قدموا الجد على الإخوة الأشقاء، أو لأب، وفي باب الميراث ورثوا الإخوة الأشقاء أو لأب مع الجد على تفصيل معروف، وتقديم الجد على الإخوة في باب ولاية النكاح يدل على ضعف القول بتوريث الإخوة مع الجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فما بقي فلأولى رجل ذكر»، وإذا كانوا قد اعترفوا بأن الجد أولى في ولاية النكاح من الأب، فإن الحديث يقتضي أن يكون أولى منه في الميراث.
    وقوله: «جدها لأب» احترازا من جدها لأم، فإن جدها للأم لا ولاية له، وهو الذي بينه وبين المرأة أنثى، فكل من بينه وبينها أنثى من الأجداد فإنه لا ولاية له.
    قوله: «ثم ابنها»، أي: ابن المرأة.
    قوله: «ثم بنوه وإن نزلوا»، أي: بنو الابن؛ احترازا من بني البنت فإنه لا ولاية لهم.

    قوله: «ثم أخوها لأبوين، ثم لأب، ثم بنوهما كذلك، ثم عمها لأبوين، ثم لأب، ثم بنوهما كذلك»، إذا على ترتيب العصبة في الميراث تماما، إلا في مسألة الأب والابن فقط، فتقدم الأبوة هنا على البنوة، فنقول:
    أبوة بنوة أخوة
    عمومة وذو الولا التتمة
    فبدلا من أن ما نقول في الميراث في العصبة: بنوة أبوة، نقول هنا: أبوة بنوة؛ لأن البنوة مفقودة تماما فيما إذا كانت المرأة بكرا، ولأننا لو قدرنا أن المرأة ثيب ولها أبناء ولها أب، فالأب غالبا أدرى بمصالح النكاح من الأبناء؛ لأن الأبناء صغار في الغالب، ولأنه أشد شفقة من الأبناء، فكان أولى بالتقديم.
    قوله: «ثم أقرب عصبة نسبا كالإرث»، فلما ذكر الجهات ذكر القرب، فالعم مع ابن العم فالولي العم؛ لأنه أقرب، والأخ مع ابن الأخ، فالولي الأخ؛ لأنه أقرب، وعلى هذا فنقول: جهات الولاية في عقد النكاح خمس، أبوة، ثم بنوة، ثم أخوة، ثم عمومة، ثم ولاء، فإن كانوا في جهة واحدة قدم الأقرب منزلة، والأقرب هو الذي يجتمع مع الآخر قبل المحجوب، فمن بينه وبين الجد ثلاثة أقرب ممن بينه وبين الجد أربعة، وهلم جرا، فإن كانوا في منزلة واحدة فالأقوى، فأخ شقيق وأخ لأب، الولي الأخ الشقيق. 

    وقال:  «ثم السلطان» وهو الإمام أو نائبه، وكان نواب الإمام فيما سبق في هذه المسائل القضاة، أما الآن فنائبه وزير العدل، ونائب وزير العدل المأذون في الأنكحة، قال الإمام أحمد: والقاضي أحب إلي من الأمير في هذا، وهذا بناء على ما سبق في عرفهم أنهم كلهم نواب للسلطان، أما الآن فليس للإمارة دخل إطلاقا، بل ولا للقضاة، فأصبحت مقيدة بناس مخصوصين، فالغالب أنها لا تصل إلى هذه الدرجة، يعني لو أنك تأملت زواجات الناس لوجدت أن المسألة ما تعدو عصبة النسب.
    وأيهما يقدم مأذون الأنكحة، أو الأخ لأم؟ مأذون الأنكحة يقدم على أخيها من أمها، بل على أبي أمها، فلو كانت هذه المرأة لها أبو أم قد كفلها منذ الصغر، وهو لها بمنزلة الأب، وخطبت فلا يتولى زواجها، بل يتولى زواجها مأذون الأنكحة، وهذه قد تبدو غريبة عند العامة، والشرع ليس فيه غرابة، مثل ما استغربوا مسألة رجل مات عن ابن أخيه الشقيق، وبنت أخيه الشقيق، فلمن التعصيب؟ لابن الأخ الشقيق، فيستغربونها ويقولون: أخواتهم لا يرثن معهم!! نقول: نعم؛ لأن بنات الأخ ليس لهن عصبة.
    وقوله: «السلطان» فإذا قدرنا أننا في بلد كفر، والسلطان لا ولاية له، فنقول: السلطان إذا لم يكن أهلا للولاية، فمن كان له الرئاسة في هذه الجالية المسلمة فهو الذي يتولى العقد؛ لأنه ذو سلطان في مكانه. انتهى باختصار


    ([1]) « الإجماع » (ص 78) لابن المنذر.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم