• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الاشهاد في عقد النكاح
  • رقم الفتوى: 4633
  • تاريخ الإضافة: 21 شعبان 1441
  • السؤال

    هل وجود شاهدين في النّكاح شرط لصحة النكاح أم لا؟

  • الاجابة

    لا ليس شرطاً ولا واجباً على الصحيح، وإن كان هو الأفضل.

    وهو راجع إلى صحة الزيادة الواردة في حديث: (لا نكاح إلّا بوليٍّ وشاهدين)، وجاء في بعض الروايات: «لا نكاح إلّا بوليٍّ وشاهدي عدل»([1]) ولكن زيادة: «وشاهدين» أو «وشاهدي عدل» لا تصح، والصحيح أنّها ضعيفة، الصحيح فقط: «لا نكاح إلا بولي».

    وقد اختلف العلماء في حكم الإشهاد في النّكاح؛ فجعل بعضهم ذلك شرطاً، والبعض جعل الشرط: الإعلان وليس الإشهاد، فبمجرد أن يُعلَن النّكاح يكون صحيحاً.

    والصحيح ما قاله ابن المنذر -رحمه الله-، قال: "وليس يثبت عن النبي في إثبات الشاهدين في النّكاح خبر، إلّا حديث مرسل عن الحسن عن النبي ﷺ في إثبات الشاهدين لا تقوم به الحجّة، ولم يرفعه أكثرهم".

    يعني أكثر المحدثين أو الرواة الذين رووا الحديث لم يرفعوه إلى النبي ﷺ.

    قال: "وإيجاب الشهود في عقد النكاح إيجاب فرض، والفرائض لا يجوز إيجابها إلّا بحجّة، ولا حجّة مع من أوجب الشاهدين عند عقد النّكاح".

    قال: "والدليل على صحة النكاح من غير شهود حديث أنس قال: « كنت رديف أبي طلحة يوم خيبر قال: ووَقَعَت في سهم دحية جارية جميلة فاشتراها رسول الله ﷺ من دحية بسبعة أرؤس، فجعل رسول الله وليمتها التمر والأقط والسمن، وقال الناس: ما ندري أتزوجها أم جعلها أم ولد، فقالوا: إن حجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد، فلمّا أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير، قال: فعرفوا أنّه تزوجها »([2])"

    قال ابن المنذر: "ففي هذا الحديث إذ استدل من حضر رسولَ الله على تزويج صفية بالحجاب دليلٌ على إجازة النكاح بغير شهود".

    أي أنّهم لم يعلموا أنّه تزوجها إلّا بالحجاب، ولو كان وجود الشهود في النّكاح شرطاً لأشهد النبي ﷺ على زواجه هذا، وعلموا ذلك من الشهود.

    قال: "وفي إنكاحِ أبي بكر النبيَﷺ عائشةَ دليلٌ على ذلك، إذ لا نعلم في شيء من الأخبار أنّ شاهداً حضر عقد ذلك النكاح([3])".

    هذا دليل آخر على صحة النكاح من غير شهود، وهو الذي نميل إليه، أي عدم وجود دليل يُثبت وجوب أو شرطية شاهدين، لا شك أنّ وجود الشهود أفضل وأحسن، لكن أن نجعل ذلك شرطاً هذا يحتاج إلى دليل قوي على ذلك. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى 

    قال ابن قدامة في المغني (7/ 8): الفصل الثاني: أن النكاح لا ينعقد إلا بشاهدين. هذا المشهور عن أحمد. وروي ذلك عن عمر، وعلي، وهو قول ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والحسن، والنخعي، وقتادة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي.

    وعن أحمد أنه يصح بغير شهود. وفعله ابن عمر، والحسن بن علي، وابن الزبير، وسالم وحمزة ابنا ابن عمر. وبه قال عبد الله بن إدريس، وعبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، والعنبري، وأبو ثور، وابن المنذر.
    وهو قول الزهري، ومالك، إذا أعلنوه. قال ابن المنذر: لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر. وقال ابن عبد البر: وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا نكاح إلا بولي وشاهدين عدلين» . من حديث ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر، إلا أن في نقله ذلك ضعيفا، فلم أذكره. قال ابن المنذر: وقد أعتق النبي - صلى الله عليه وسلم - صفية بنت حيي فتزوجها بغير شهود. قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جارية بسبعة قروش، فقال الناس: ما ندري أتزوجها رسول الله أم جعلها أم ولد؟ فلما أن أراد أن يركب حجبها، فعلموا أنه تزوجها» متفق عليه.
    قال: فاستدلوا على تزويجها بالحجاب. وقال يزيد بن هارون: أمر الله تعالى بالإشهاد في البيع دون النكاح، فاشترط أصحاب الرأي الشهادة للنكاح، ولم يشترطوها للبيع.

     ووجه الأولى أنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا نكاح إلا بولي مرشد، وشاهدي عدل» . رواه الخلال بإسناده. وروى الدارقطني، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا بد في النكاح من أربعة؛ الولي، والزوج، والشاهدان» . ولأنه يتعلق به حق غير المتعاقدين، وهو الولد، فاشترطت الشهادة فيه، لئلا يجحده أبوه، فيضيع نسبه، بخلاف البيع
    فأما نكاح النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير ولي وغير شهود، فمن خصائصه في النكاح، فلا يلحق به غيره. انتهى 


    ([1]) أخرجه ابن حبان (4063)، والدارقطني في « سننه » (3534) ، والبيهقي في « الكبرى » (7/202) من حديث عائشة رضي الله عنها.

    ولها شواهد أخرى؛ ولكنها لا تصح في شيء منها، انظرها في « الروض الباسم بترتيب وتخريج فوائد تمام » (2/401 فما بعده).

    ([2]) أخرجه البخاري (5159)، ومسلم (1365).

    ([3]) « الأوسط » (8/ 317- دار الفلاح).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم