• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: إذا رفض الولي تزويج المرأة من الكفء
  • رقم الفتوى: 4634
  • تاريخ الإضافة: 21 شعبان 1441
  • السؤال

    إذا رفض الولي تزويج المرأة للرجل المناسب، ماذا تفعل؟

  • الاجابة

    هذا ما يسمى في الشرع بـالعضل: وهو منع ولي المرأةِ المرأةَ التزويج من كُفء، أي من الرجل المناسب، فإذا كان الوليُّ عاضلاً - أي يمنع المرأة التزويج من الرجل المناسب- لا يكون له الحقّ في تزويجها، يزوجها وليها الآخر فإذا لم يوجد أو لم يمكنه ذلك ترفع أمرها للقاضي فَيُزوجها.

    والعضل مُحرّم لقول الله تبارك وتعالى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوف...} [البقرة الآية 232]، فإذا عضل الوليُّ انتقلت الولاية إلى من بعده؛ لأنّه ظالم لم يصن الأمانة التي حُمِّلَها، فإذا لم يكن هناك أحدٌ أهلٌ لهذه الولاية تُحَوَّلُ إلى القاضي فيزوجها. انتهى هذه خلاصة الفتوى 

    قال ابن قدامة في المغني (7/ 30 ): إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد. نص عليه أحمد.

    وعنه رواية أخرى: تنتقل إلى السلطان.

    وهو اختيار أبي بكر، وذكر ذلك عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وشريح، وبه قال الشافعي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له» . ولأن ذلك حق عليه امتنع من أدائه، فقام الحاكم مقامه، كما لو كان عليه دين فامتنع من قضائه.

    ولنا: أنه تعذر التزويج من جهة الأقرب، فملكه الأبعد، كما لو جن. ولأنه يفسق بالعضل، فتنتقل الولاية عنه، كما لو شرب الخمر. فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم. والحديث حجة لنا؛ لقوله: «السلطان ولي من لا ولي له» .
    وهذه لها ولي. ويمكن حمله على ما إذا عضل الكل؛ لأن قوله: (فإن اشتجروا) ضمير جمع يتناول الكل.

    والولاية تخالف الدين من وجوه ثلاثة؛ أحدها، أنها حق للولي، والدين حق عليه. الثاني، أن الدين لا ينتقل عنه، والولاية تنتقل لعارض؛ من جنون الولي. أو فسقه أو موته. الثالث، أن الدين لا يعتبر في بقائه العدالة، والولاية يعتبر لها ذلك، وقد زالت العدالة بما ذكرنا. فإن قيل: فلو زالت ولايته لما صح منه التزويج إذا أجاب إليه
    قلنا: فسقه بامتناعه، فإذا أجاب فقد نزع عن المعصية، وراجع الحق، فزال فسقه، فلذلك صح تزويجه. والله أعلم.

    فصل: ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه.

    قال معقل بن يسار: «زوجت أختاً لي من رجل، فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك، وأفرشتك، وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبداً. وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية: {فلا تعضلوهن} [البقرة: 232] . فقلت: الآن أفعل يا رسول الله. قال: فزوجها إياه» رواه البخاري.

    وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه.
    وبهذا قال الشافعي، وأبو يوسف، ومحمد، وقال أبو حنيفة: لهم منعها من التزويج بدون مهر مثلها؛ لأن عليهم في ذلك عاراً، وفيه ضرر على نسائها، لنقص مهر مثلهن.

    ولنا: أن المهر خالص حقها، وعوض يختص بها، فلم يكن لهم الاعتراض عليها فيه، كثمن عبدها، وأجرة دارها، ولأنها لو أسقطته بعد وجوبه، سقط كله، فبعضه أولى، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - «قال لرجل أراد أن يزوجه: التمس ولو خاتما من حديد» . «وقال لامرأة زوجت بنعلين: أرضيت بنعلين من نفسك؟»
    قالت: نعم. فأجازه النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقولهم: فيه عار عليهم. ليس كذلك، فإن عمر قال: لو كان مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يعني غلو الصداق. فإن رغبت في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلاً لها. فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها، فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها بهذا؛ لأنه لو زوجت من غير كفئها، كان له فسخ النكاح، فلأن تمنع منه ابتداء أولى. انتهى

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم