• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: نكاح المتعة
  • رقم الفتوى: 4649
  • تاريخ الإضافة: 22 شعبان 1441
  • السؤال

    ما حكم زواج المتعة؟ وهل صح عن ابن عباس أنه كان يجيزه؟

  • الاجابة

    نكاح المتعة هو: النكاح إلى أجل، أي إلى وقت محدد، مثل أن يقول: زوجتك ابنتي شهراً، أو سنة، أو إلى انقضاء الموسم، أو قدوم الحاج، وشبهه، سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة.

    وهو نكاح محرم وباطل، كان في بداية الإسلام جائزاً ثم نُسِخ، ثم جوِّز ثم نسخ إلى يوم القيامة.

    روى سبرة الجهني أنّه كان مع رسول الله ﷺ فقال النبي ﷺ: «يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإنّ الله قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخلّ سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً»([1]).

    الشاهد قوله ﷺ: «وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة» فهو مُحرّم تحريماً مؤبداً إلى قيام الساعة فلا نسخ لتحريمه، وقد استقر الإجماع على تحريمه إلّا الرّافضة من الشيعة ولا عبرة بهم ولا بدينهم، وأما ابن عباس فأجازه وقتاً ثم رجع عنه، وحرمه. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال الترمذي في جامعه (1121): والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم وإنما روي عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة، ثم رجع عن قوله حيث أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    وأمر أكثر أهل العلم على تحريم المتعة، وهو قول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

    وأخرج  عن ابن عباس قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فتحفظ له متاعه، وتصلح له شيئه، حتى إذا نزلت الآية: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}، قال ابن عباس: فكل فرج سوى هذين فهو حرام. انتهى 

    وقال ابن المنذر في الأوسط (8/ 417): ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن نكاح المتعة.
    عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء، وعن لحوم الحمر الإنسية.
    عن سالم بن عبد الله، أن رجلا سأل ابن عمر عن المتعة فقال: حرام. فقال: فإن فلانا يقول بها. فقال عبد الله: لقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمها يوم خيبر، ومتى كنا مسافحين.
    عن ربيع بن سبرة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم متعة النساء.

    قال أبو بكر: وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر يدل على أن تحريم المتعة لا يجوز أن يقع عليه النسخ، ويدل على أن التحريم كان بعد الرخصة؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة " يدل على إبطال دعوى من ادعى أن ذلك أبيح بعد الحظر أولا، غير جائز أن يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله - جل ثناؤه - أنه حرم ذلك إلى يوم القيامة، ثم يقع عليه التبديل.
    عن الربيع بن سبرة الجهني أن أباه أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حتى نزلوا عسفان، وإنه قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني مدلج يقال له سراقه بن مالك - أو مالك بن سراقة - فقال: يا رسول الله! اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم. فقال: "إن الله قد أدخل عليكم في حجتكم هذه عمرة، فإذا أنتم قدمتم فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل إلا من كان معه هدي "، فلما أحللنا قال: "استمتعوا من هذه النساء " - قال: والاستمتاع عندنا التزويج - فعرضنا ذلك على النساء فأبين إلا أن يضرب بيننا وبينهن أجلا فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "افعلوا "، فخرجت أنا وابن عمي ومعي برد ومعه برد، وبرده أجود من بردي، وأنا أشب منه، فأتينا امرأة وأعجبها بردة ابن عمي، وأعجبها شبابي، ثم صار من شأننا إلى أن قالت: برد كبرد، وكان الأجل بيني وبينها شهرا فبت عندها ليلة، ثم أصبحت فخرجت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بين الركن والباب وهو يقول: "أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من هذه النساء، ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيمتوهن شيئا ".

    قال أبو بكر: قد رويت عن الأوائل أخبار بالرخصة فيها، وليست فيها فائدة مع أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله - جل وعز - حرمها إلى يوم القيامة.

    وممن نهى عن المتعة: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال القاسم بن محمد: تحريمها في القرآن وقرأ: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} الآية. وروي عن ابن مسعود أنه قال: نسخها الطلاق والعدة والميراث، وروي عن علي أنه قال ذلك. وقال ابن عمر: ما أعلمه إلا السفاح. وقال ابن الزبير: المتعة الزنا الصريح، ولا أجد أحداً يعمل بها إلا رجمته. 

    عن عبد الله بن عمر، عن عمر قال: لو كنت تقدمت في متعة النساء لرجمت فيها.
    عن عبد الله بن الزبير قال: المتعة الزنا الصريح ولا أحدا يعمل بها إلا رجمته.

    عن ابن عمر قال: سئل ابن عمر عن المتعة؟ فقال: حرام.

    إبراهيم بن عبد الأعلى قال: سمعت سويدا يقول: سمعت عمر ينهى عن متعة النساء.
    عن ابن عباس أنه قال: المتعة حرام كالميتة، والدم، ولحم الخنزير.

    وقال الحسن البصري: ما كانت المتعة إلا ثلاثة أيام حتى حرمها الله ورسوله.
    وممن أبطل نكاح المتعة: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي رحمه الله وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ولا أعلم أحدا يجيز اليوم نكاح المتعة إلا بعض الرافضة. ولا معنى لقول يخالف القائل به كتاب الله وسنن رسوله.

    واختلفوا فيما على من نكح نكاح متعة؛ فكان الشافعي رحمه الله يقول: إن لم يصبها فلا مهر لها، فإن أصابها فلها مهر مثلها وعليها العدة.

    وكان أبو ثور يقول: إن لم يكن دخل بها كما قال الشافعي رحمه الله وإن كان دخل بها ولم يعلم نهي النبي صلى الله عليه وسلم فكما قال الشافعي رحمه الله، فإن تزوج رجل مبتدع على هذا، فرق بينه وبين المرأة وأدبه الإمام وعاقبه، وإن يكن صاحب بدعة، تقدم إليه في ذلك وأعلمه تحريم النبي صلى الله عليه وسلم لذلك. وحكي عن ابن شبرمة أنه قال: أضربه دون الحد. انتهى باختصار


    ([1]) أخرجه مسلم (1406).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم