• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم التيس المستعار
  • رقم الفتوى: 4650
  • تاريخ الإضافة: 22 شعبان 1441
  • السؤال

    رجل طلق امرأته طلاقا بائنا ثلاثاً، ثم أراد مراجعتها فاتفق هو ورجل آخر على أن يتزوجها ثم يطلقها كي تحل له، فما حكم هذا العمل؟

  • الاجابة

    هذا ما يسميه أهل العلم بنكاح التحليل، وهو: أن يتزوج الرجلُ المرأةَ لا رغبة فيها، بل ليُحلّها لزوجها الذي طلّقها ثلاثاً وصارت مُحرّمة عليه بتطليقه لها ثلاث طلقات.

    فإن من طلق ثلاث طلقات حَرُمَتْ عليه زوجته حتى ينكحها زوجاً آخر، فيذوق عسيلتها وتذوق عسيلته؛ أي حتى ينكحها نكاح رغبة، ويجامعها ثم يطلقها من غير اتفاق على طلاقها عند عقده عليها، أو رغبة مسبقة بطلاقها، فإن طلقها الثاني بعد زواج رغبة؛ جاز للأول الذي طلّقها ثلاثاً أن يتزوجها.

    من طرق التحايل على هذا الحكم: أن يتزوج الرجل المرأة التي طلقت زوجها ثلاثاً، ثم يُطلقها من أجل أن تحلّ لزوجها الأول، وهذا محرم؛ لقول النبيﷺ: «لا، حتى تذوقي عُسيلته ويذوق عُسيلتك »([1])، يعني حتى يتزوجها زواج رغبةٍ ويجامعها أيضاً، وقد جاء في حديث علي رضي الله عنه؛ قال: «لعن رسول ﷺ المحَلِّل والمحلَّل له»([2]).

    المحلِّل: يعني الذي تزوج المرأة ليحلّها لزوجها الأول، والمحلَّل له: الذي هو الزوج الأول، فإذا كان الزواج للتحليل، فيكون النكاح باطلاً. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى

    قال البغوي في شرح السنة (9/ 101): وأراد بالمحل المحلل، وأراد به أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا، فنكحت زوجا آخر حتى يصيبها، فتحل للأول، ثم يفارقها، فهذا منهي عنه.
    فإن شرط في العقد مفارقتها، فالنكاح باطل عند الأكثرين، كنكاح المتعة، وسمي محللا لقصده إليه، وإن كان لا يحصل التحليل به، وقيل: يصح النكاح، ويفسد الشرط، ولها صداق مثلها، فأما إذا لم يكن ذلك في العقد شرطا، وكان نية وعقيدة، فهو مكروه غير أن النكاح صحيح، وإن أصابها، ثم طلقها، وانقضت عدتها، حلت للأول عند أكثر أهل العلم.
    وقال إبراهيم النخعي: لا تحل إلا أن يكون نكاح رغبة، فإن كانت نية أحد الثلاثة: إما الزوج الأول، أو الثاني، أو المرأة التحليل، فالنكاح باطل، وقال سفيان الثوري: إذا تزوجها على نية التحليل للأول، ثم بدا له أن يمسكها لا يعجبني إلا أن يفارقها، ويستأنف نكاحا جديدا، وكذلك قال أحمد بن حنبل، وقال مالك: يفرق بينهما بكل حال. انتهى

    وقال ابن تيمية: (32/ 93):  فأما " نكاح المحلل " فإنه لا يحلها للأول عند جماهير السلف، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن الله المحلل والمحلل له"، وقال عمر بن الخطاب: لا أوتى بمحلل ومحلل له إلا رجمتهما. وكذلك قال عثمان وعلي وابن عباس وابن عمر وغيرهم: إنه لا يبيحها إلا بنكاح رغبة؛ لا نكاح محلل. ولم يعرف عن أحد من الصحابة أنه رخص في نكاح التحليل. انتهى

    وقال حرب: سُئِلَ أحمدَ عَنْ: التحليل: إذا هَمَّ أحد الثلاثة بالتحليل؟
    فقال أحمد: كان الحسن وإبراهيم والتابعون يشددون في ذلك، وقال أحمد: الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أتريدينَ أنْ ترجعي إلى رِفاعة؟ ".
    يقول أحمد: إنها قد كانت هَمَّت بالتحليل، ونية المرأة ليست بشيء؛ إنّما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لعنَ اللَّه المحْلل والمحلل له" وليست نية المرأة بشيء.
    قلت لإسحاق: فإن تزوجها في عدتها ففرق بينهما، هل له أن يتزوجها بعد ذلك؟ قال: نعم، وذكرتُ له قول عمر، فكأنه لم يذهب إليه، وذكر أنها تتم عدتها من الأول، ثم تعتد من الثاني.
    "مسائل حرب" (ص 87)

    قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد عن الرجل يتزوج المرأة وفي نفسه أن يحللها لزوجها الأول ولم تعلم المرأة بذلك؟
    قال: هو محلل، إذا أراد بذلك الإحلال فهو ملعون.
    "بيان الدليل" (ص 41) "إغاثة اللهفان" (ص 277) "معونة أولي النهى" (9/ 127) . انتهى من الجامع لعلوم الإمام أحمد (11/ 147).


    ([1]) أخرجه البخاري (2639)، ومسلم (1433) من حديث عائشة رضي الله عنها.

    ([2]) أخرجه أحمد (2/94)، وأبو داود (2076)، والترمذي (1119)، وابن ماجه (1935) من حديث علي رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم