• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: نكاح الشِّغار
  • رقم الفتوى: 4651
  • تاريخ الإضافة: 22 شعبان 1441
  • السؤال

    ما هو نكاح الشِّغَار؟ وما حكمه ؟

  • الاجابة

    نكاح الشِّغَار: أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهن من النساء اللاتي يتولى تزويجهن، على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته أو غيرهن، من غير مهر.

    يعني هو الذي يسميه الناس اليوم زواج البدل، يزوجه أخته -مثلاً- ليزوجه الآخر أخته، ويجعل المهر هو البدل، فلا مهر للبنات والمستفيد هم الأولياء. 

    جاء في حديث ابن عمر؛ قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشّغار، والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، ليس بينهما صداق ([1]) ، الصداق هو المهر، وتفسير الشغار في الحديث من تفسير نافع كما بينته رواية عبيد الله عن نافع، قال: « قلت لنافع: ما الشغار؟..»([2]).

    وفي حديث أبي هريرة عند مسلم: والشِّغَار: أن يقول الرجلُ للرجلِ: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي ([3]).

    صورته: زيد عنده ابنة أو أخت، وعمرو عنده ابنة أو أخت، يأتي زيد لعمرو ويقول له: زوجني ابنتك من أجل أن أزوجك ابنتي -هذا شرط: لا أزوجك ابنتي حتى تزوجني ابنتك- ولا يسميان بينهما مهراً، فيكون مهر البنات البُضع أي فرج الأخرى، بُضع الأولى هو مهر الثانية، وبُضع الثانية هو مهر الأولى.

    وهو محرم وباطل عند كثير من أهل العلم؛ لما جاء في حديث ابن عمر؛ قال: "نهى رسول الله عن الشّغار"، والمنتفع بهذا المهر هم الأولياء، والمهر حقّ للبنت التي ستتزوج، وهذان – عمرو وزيد في مثالنا - جعلا المهر من حقّهما وانتفعا به، فلذلك كان هذا النكاح باطلاً عند الكثير من العلماء، ففيه ظلم للنساء.

    وشرط صحة هذا النكاح أن يُسمي كلّ واحدٍ منهما مهراً للبنت التي يريد أن يتزوجها كمهر النساء اللاتي هن مثلها، لا أقل، ويكون برضا النساء. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال الترمذي في جامعه (1124): والعمل على هذا عند عامة أهل العلم: لا يرون نكاح الشغار، والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، أو أخته، ولا صداق بينهما.

    وقال بعض أهل العلم: نكاح الشغار مفسوخ، ولا يحل وإن جعل لهما صداقاً، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وروي عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: يقران على نكاحهما ويجعل لهما صداق المثل، وهو قول أهل الكوفة. انتهى

    وقال النووي في شرح صحيح مسلم (9/ 201): وأجمع العلماء على أنه منهي عنه لكن اختلفوا هل هو نهي يقتضي إبطال النكاح أم لا فعند الشافعي يقتضي إبطاله، وحكاه الخطابي عن أحمد واسحق وأبي عبيد.

    وقال مالك: يفسخ قبل الدخول وبعده، وفي رواية عنه: قبله لا بعده.

    وقال جماعة: يصح بمهر المثل، وهو مذهب أبي حنيفة، وحكي عن عطاء والزهري والليث، وهو رواية عن أحمد واسحق، وبه قال أبو ثور وابن جرير.

    وأجمعوا على أن غير البنات من الأخوات وبنات الأخ والعمات وبنات الأعمام والإماء؛ كالبنات في هذا، وصورته الواضحة: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، ويضع كل واحدة صداقاً للأخرى، فيقول: قبلت . والله أعلم. انتهى

    وقال البغوي في شرح السنة (9/ 98): صورة نكاح الشغار ما ورد في الحديث، وهو منهي عنه، وأصل الشغر في اللغة: الرفع، يقال: شغر الكلب: إذا رفع رجله عند البول، سمي هذا النكاح شغارا، لأنهما رفعا المهر بينهما.
    واختلف أهل العلم في صحة هذا العقد، فذهب جماعة إلى أن النكاح باطل للنهي عنه، كنكاح المتعة، وكما لو نكح امرأة على عمتها، أو خالتها، يكون باطلا، وإليه ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وشبهه أبو علي بن أبي هريرة برجل زوج ابنته، واستثني عضوا من أعضائها، فلا يصح بالاتفاق، فكذلك الشغار، لأن كل واحد زوج وليته، واستثني بضعها حيث، جعله صداقا لصاحبتها.

    وذهب جماعة إلى أن النكاح جائز، ولكل واحدة منهما مهر مثلها، وهو قول عطاء بن أبي رباح، وبه قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي،

    وقال الشافعي: لو سمي لهما أو لإحداهما صداق، فليس بالشغار المنهي عنه، والنكاح ثابت، والمهر فاسد، ولكل واحدة منهما مهر مثلها. انتهى

    وقال ابن المنذر في الأوسط (8/ 358): اختلف أهل العلم في الرجل ينكح الرجل أخته على أن يزوجه الآخر أخته يكون مهر كل واحدة منهما نكاح الأخرى.
    فقالت طائفة: النكاح جائز، ولكل واحدة منهما صداق مثلها. وروي هذا القول عن عطاء، وعمرو بن دينار، ومكحول، والزهري.
    وقال الثوري: الشغار في الإماء مثل الشغار في الحرائر، وإذا شاغر فلها مهر مثلها.
    وقال أصحاب الرأي في الشغار: النكاح جائز، ولكل واحدة منهما مهر مثلها إن دخل بها، ولا يحل له فرجها بغير مهر، وإنما المنهي في هذا أن يستحل الفرج بغير مهر، وإن طلقها قبل أن يدخل بها فإن لها المتعة، وهذا قول النعمان، ويعقوب.

    وقالت طائفة: عقد النكاح على الشغار باطل، وإن أصاب كل واحدة منهما من عقد عليها هذا النكاح، فلكل واحدة منهما مهر مثلها وعليها العدة، وهو كالنكاح الفاسد في كل أحكامه لا يختلف، هذا قول الشافعي وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
    وكان مالك يرى أن يفسخ نكاح الشغار على كل حال. وبه قال أبو عبيد.
    قال أبو بكر: لا يجوز نكاح الشغار، لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، وليس مع من أبطل نكاح المرأة على عمتها وعلى خالتها غير نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالمفرق بين النهيين متحكم، لا حجة معه إذا أبطل أحد النكاحين وأثبت الآخر.

    وفي هذه المسألة قول ثالث: وهو أن المتشاغرين بالمرأتين إن كانتا لم يدخل بهما فسخ النكاح، واستقبلا نكاحاً مستقبلاً بالبينة والمهر، وإن كانتا قد دخل بهما فلهما مهر مثلهما، هذا قول الأوزاعي.

    ودل نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الشغار، على إغفال من زعم أنه يجعل ما أباحه الله من كتابه من عقد النكاح على غير صداق معلوم قياساً على ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشغار، وذلك عندي من إغفال من شبه ما أباحه الله، ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    واختلفوا في الرجل يقول للرجل: أزوجك أختي على أن تزوجني أختك على أن سميا لكل واحدة مهرا، أو سميا لإحداهما مهرا دون الأخرى.

    فقالت طائفة: ليس هذا بالشغار المنهى عنه، والنكاح ثابت، والمهر فاسد، ولكل واحدة منهما مهر مثلها إن دخل بها أو ماتت أو مات عنها، ونصف مهر مثلها إن طلقت قبل أن يدخل بها أو مات. هكذا قال الشافعي رحمه الله.

    وكره مالك هذا النكاح ورآه من وجه الشغار.

    وكان الأوزاعي يقول: إذا قال: أزوجك أختي بأربعين وتزوجني أختك بمثل ذلك. ومهورهما أكثر من ذلك قال: لا أحب ذلك؛ لأنه يضاهى به الشغار.

    وقال أصحاب الرأي: ولو زوج أحدهما ابنته الآخر على مهر، على أن يزوجه الآخر بمثل ذلك المهر كان هذا جائزا، وكان لكل واحدة منها من المهر ما سمى لها، ونصف ذلك إن طلقها قبل أن الدخول.

    وكان أحمد بن حنبل يقول: إن كان في الشغار صداق، وكان فيه شرط أن يزوج كل واحد منهما صاحبه، فقال: أما إذا كان صداق فليس بشغار. انتهى 


    ([1]) أخرجه البخاري (5112)، ومسلم (1415).

    ([2]) أخرجه البخاري (6960)، ومسلم (1415).

    ([3]) رقم (1416).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم