• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: قيمة المهر إذا لم يذكر في العقد
  • رقم الفتوى: 4775
  • تاريخ الإضافة: 6 شوال 1441
  • السؤال

    في بعض الأحيان يتم العقد ولا يذكر فيه المهر، ثم يقع الخلاف عليه بعد ذلك، فما الذي تستحقه المرأة في هذه الحالة؟

  • الاجابة

    إذا تزوج رجل امرأة ودخل بها، ولم يذكر في العقد قدر المهر؛ فلها مهر نسائها؛ أي لها مهر مثل ما تأخذ بقية النساء اللاتي هن مثلها من قريباتها؛ كأختها مثلاً وعمتها؛ فتأخذ قدرهن إذا دخل بها؛ لحديث معقل بن سنان الأشجعي - رضي الله عنه - : «أن النبي ﷺ سُئِلَ عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً حتى مات؛ فقضى لها على صداق نسائها»([1]) أي مَهْرُ مِثْلِها من نسائها، وعليها العدة ولها الميراث.

    الشاهد أنه قضى لها بصداق نسائها، أي لها مثل مهر نسائها يعني النساء اللاتي هن في مستواها في الجمال والبكارة من عصباتها؛ كأخواتها وعماتها وبنات أعمامها؛ هذا إن دخل بها.

    وأما إن لم يسم لها صداقاً وطلقها قبل الدخول؛ فعليه المتعة؛ لقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } [الأحزاب: 49]. فمتعوهن؛ أي أعطوهن ما يستمتعن به من مال أو منفعة، وتقدَّر هذه المتعة على حسب حال الرجل من عسرٍ ويسر وما يناسب المرأة عرفاً. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى

    قال ابن قدامة في المغني (7 / 237): مسألة؛ قال: وإذا تزوجها بغير صداق؛ لم يكن لها عليه إذا طلقها قبل الدخول إلا المتعة.

    وجملته أن النكاح يصح من غير تسمية صداق، في قول عامة أهل العلم. وقد دل على هذا قول الله تعالى {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} [البقرة: 236] ومتعوهن وروي أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقا، ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود: لها صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث. فقام معقل بن سنان الأشجعي، فقال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بروع بنت واشق، امرأة منا مثل ما قضيت. أخرجه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، ولأن القصد من النكاح الوصلة والاستمتاع دون الصداق فصح من غيره ذكره كالنفقة.
    وسواء تركا ذكر المهر، أو شرطا نفيه، مثل أن يقول: زوجتك بغير مهر. فيقبله كذلك.

    ولو قال: زوجتك بغير مهر في الحال، ولا في الثاني. صح أيضا. وقال بعض الشافعية: لا يصح في هذه الصورة، لأنها تكون كالموهوبة. وليس بصحيح؛ لأنه قد صح فيما إذا قال: زوجتك بغير مهر. فيصح هاهنا؛ لأن معناهما واحد، وما صح في إحدى الصورتين المتساويتين، صح في الأخرى.
    وليست كالموهوبة؛ لأن الشرط يفسد، ويجب المهر.

    إذا ثبت هذا؛ فإن المزوجة بغير مهر تسمى مفوضة، بكسر الواو وفتحها، فمن كسر أضاف الفعل إليها على أنها فاعلة، مثل مقومة، ومن فتح أضافه إلى وليها. ومعنى التفويض الإهمال، كأنها أهملت أمر المهر، حيث لم تسمه؛ ومنه قول الشاعر:
    لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهالهم سادوا
    يعني مهملين.
    والتفويض على ضربين؛ تفويض بضع، وتفويض مهر. فأما تفويض البضع، فهو الذي ذكره الخرقي، وفسرناه، وهو الذي ينصرف إليه إطلاق التفويض، وأما تفويض المهر، فهو أن يجعل الصداق إلى رأي أحدهما، أو رأي أجنبي، فيقول: زوجتك على ما شئت، أو على حكمك أو على حكمي، أو حكمها، أو حكم أجنبي. ونحوه. فهذه لها مهر المثل، في ظاهر كلام الخرقي لأنها لم تزوج نفسها إلا بصداق، لكنه مجهول، فسقط لجهالته، ووجب مهر المثل.
    والتفويض الصحيح، أن تأذن المرأة الجائزة الأمر لوليها في تزويجها بغير مهر، أو بتفويض قدره، أو يزوجها أبوها كذلك. فأما إن زوجها غير أبيها، ولم يذكر مهرا، بغير إذنها في ذلك، فإنه يجب مهر المثل. وقال الشافعي لا يكون التفويض إلا في الصورة الأولى.

    وقد سبق الكلام معه في أن للأب أن يزوج ابنته بدون صداق مثلها، فكذلك يجوز تفويضه. فإذا طلقت المفوضة البضع قبل الدخول، فليس لها إلا المتعة نص عليه أحمد، في رواية جماعة، وهو قول ابن عمر، وابن عباس، والحسن، وعطاء، وجابر بن زيد، والشعبي، والزهري، والنخعي، والثوري والشافعي، وإسحاق، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. وعن أحمد، رواية أخرى: أن الواجب لها نصف مهر مثلها؛ لأنه نكاح صحيح يوجب مهر المثل بعد الدخول، فيوجب نصفه بالطلاق قبل الدخول، كما لو سمى محرما.

    وقال مالك، والليث، وابن أبي ليلى: المتعة مستحبة غير واجبة؛ لأن الله تعالى قال: {حقا على المحسنين} [البقرة: 236] فخصهم بها فيدل أنها على سبيل الإحسان والتفضل، والإحسان ليس بواجب، ولأنها لو كانت واجبة لم تختص المحسنين دون غيرهم.
    ولنا، قوله تعالى: {ومتعوهن} [البقرة: 236] . أمر، والأمر يقتضي الوجوب. وقال تعالى: {وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين} [البقرة: 241] . وقال تعالى: {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن} [الأحزاب: 49] . ولأنه طلاق في نكاح يقتضي عوضا، فلم يعر عن العوض، كما لو سمى مهرا. وأداء الواجب من الإحسان، فلا تعارض بينهما. انتهى

    وقال ابن المنذر في الأوسط (9/ 433): اختلف أهل العلم فيمن تجب لها من النساء المتعة.
    فقالت طائفة: ليست المتعة التي تجب إلا للتي طلقت ولم يفرض لها صداق ولم يدخل بها. كذلك قال ابن عمر.
    وكان ابن عباس يقول: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها وقبل أن يفرض لها فليس لها إلا المتاع.

    وهذا قول الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، وجابر بن زيد.

    والنخعي، والشعبي يقولان: يجبر على أن يمتع من لم يدخل بها ولم يفرض لها وطلقها، وروي أن شريحاً أجبر رجلاً في المطلقة التي لم يفرض لها وطلقها على المتاع.
    وقال سفيان الثوري: يجبر أن يمتع من لم يدخل بها ولم يفرض لها وطلقها، وهكذا قال الشافعي وحكي ذلك عن الأوزاعي. وقال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد كذلك.
    وقال أصحاب الرأي: إذا طلقها قبل أن يدخل بها فلها متعة واجبة يؤخذ بها الزوج وحجتهم قول الله - تبارك وتعالى -: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن} الآية.... انتهى المراد . والله أعلم

    وقال (5/ 37):  باب قولهم: مهر مثلها
    كان الشافعي يقول: "متى قلت: لها مهر نسائها، فإنما أعني أخواتها وعماتها، وبنات أعمامها، ونساء عصبتها، وليس أمها من نسائها، وأعني مهر نساء بلدها في شبابها، وعقلها، وأدبها، وسيرها، وجمالها، وصرامتها. وبكراً كانت أم ثيباً؛ لأن المهور تختلف بهذه الأحوال".
    قال أبو بكر: وهذا من أحسن ما سمعت في مهر المثل، والله أعلم.
    وقال مالك: صداق مثلها في موضعها، وجمالها، ومالها وشبابها، ورغبة الناس فيها.وحكي عن النعمان أنه قال: نسائها أخواتها، وبنات عمها، وعن ابن أبي ليلى أنه قال: أمها وخالاتها.
    وقال أبو ثور نحواً من قول الشافعي: ولم يذكر بكراً ولا ثيباً ولا صبيحة، وفي كتاب ابن الحسن: نسائها أخواتها لأبيها، وأمها وعماتها، وبنات عماتها، وليس أمها ولا خالتها من نسائها، إلا أن تكون من عشيرتها وبنات عمها. انتهى


    ([1]) أخرجه أحمد (25/291)، وأبو داود (2114)، والترمذي (1145)، والنسائي (3354)، وابن ماجه (1891) من حديث معقل الأشجعي رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم