5- أمهات النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي أرضعنه وأخوته من الرضاعة


  • 5- أمهات النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي أرضعنه وأخوته من الرضاعة

    قال ابن القيم في زاد المعاد:

    فَمِنْهُنَّ ثويبة مولاة أبي لهب، أَرْضَعَتْهُ أَيَّامًا وَأَرْضَعَتْ مَعَهُ أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي بِلَبَنِ ابْنِهَا مسروح، وَأَرْضَعَتْ مَعَهُمَا عَمَّهُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَاخْتُلِفَ فِي إِسْلَامِهَا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

    ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ حليمة السعدية بِلَبَنِ ابْنِهَا عبد الله أَخِي أنيسة وجدامة وَهِيَ الشيماء أَوْلَادِ الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي، وَاخْتُلِفَ فِي إِسْلَامِ أَبَوَيْهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَرْضَعَتْ مَعَهُ ابْنَ عَمِّهِ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ شَدِيدَ الْعَدَاوَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ عَمُّهُ حمزة مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فَأَرْضَعَتْ أُمُّهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ أُمِّهِ حليمة، فَكَانَ حمزة رَضِيعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَتَيْنِ: مِنْ جِهَةِ ثويبة، وَمِنْ جِهَةِ السعدية.

     

    قلت: أما ثويبة مولاة عمه أبي لهب؛ فجاء في الصحيحين عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي أُخْتِي بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ؟ فَقَالَ: «أَفْعَلُ مَاذَا؟» قُلْتُ: تَنْكِحُهَا، قَالَ: «أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكِ؟» قُلْتُ: لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِي الْخَيْرِ أُخْتِي، قَالَ: «فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي»، قُلْتُ: فَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَخْطُبُ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ، وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ».

    فثبت بهذا أن ثويبة مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا سلمة أخوه من الرضاعة .

    وأبناؤها أخوته من الرضاعة.

    وفي الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقَالَ: «إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّحِمِ».

    ثبت بهذا أن عمه حمزة بن عبد المطلب أخوه من الرضاعة.

    وأما حليمة السعدية ففي صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ - فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ "، قَالَ أَنَسٌ: «وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ».

    قلت: الظئر هي المرضعة، وفي رواية عند الحاكم من طريق ابن إسحاق: أنها من بني سعد بن بكر، وحليمة السعدية من بني سعد بن بكر.

    وقال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: ومِنَ الدَّلِيلِ علَى أنَّ الخُمُسَ لِنَوائِبِ المُسْلِمِينَ مَا سَأَلَ هَوازِنُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَضَاعِهِ فِيهِم.

    قلت: وبني سعد بن بكر من قبيلة هوازن.

    قال الحافظ ابن حجر: وَقَوْلُهُ بِرَضَاعِهِ أَيْ بِسَبَبِ رَضَاعِهِ؛ لِأَنَّ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةَ مُرْضِعَتَهُ كَانَتْ مِنْهُمْ ، وَقَدْ ذَكَرَ قِصَّةَ سُؤَالِ هَوَازِنَ مِنْ طَرِيقِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ مَوْصُولَةً، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِذِكْرِ الرَّضَاعِ.

    وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِيمَا أخرجه ابن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ مُطَوَّلَةً، وَفِيهَا شِعْرُ زُهَيْرِ بْنِ صُرَدَ حَيْثُ قَالَ فِيهِ:

    امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ...إِذْ فُوكُ يَمْلَؤُهُ مِنْ مَحْضِهَا الدُّرَرُ. انتهى .

    فأبناؤها أخوته من الرضاعة .

     

    كتبه أبو الحسن علي الرملي

    ١ / ١١ / ١٤٣٩ هجري

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم