12- زواج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها


  • من صحيح السيرة النبوية:

    12- زواج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها

    هِيَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنُ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لؤي بن غالب بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كنانة.

    تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في النسب في قصي بن كلاب.

    ذكر أهل السير هنا كيف تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وذكروا سنه وسنها وقتها، وأشياء لا يثبت منها شيء.

    الثابت أنه تزوجها صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بسنين، وأنجبت له أكثر أولاده، ومنهم فاطمة رضي الله عنها.

    وأنها أول امرأة تزوجها، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت، وهي أول امرأة ماتت من نسائه.

    وكانت أول من أسلم من النساء، وصدقت النبي صلى الله عليه وسلم وأعانته رضي الله عنها، وسلم عليها ربنا تبارك وتعالى وجبريل، وبشرها ببيت في الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها، وماتت قبل الهجرة، رضي الله عنها وأرضاها.

    قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه:

    بَابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ وَفَضْلِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا

    ثم روى بعض الأحاديث، نذكر منها:

    عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ».

    وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ «إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ».

    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:" أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ، وَلاَ نَصَبَ". انتهى.

    وفي صحيح مسلم: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، فَيَقُولُ: «أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ» قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا».

    وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَدِيجَةَ حَتَّى مَاتَتْ».

    وفي الصحيحين: عن عَائِشَةَ، ذكرت أول نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قالت:

    فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ(1)، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»(2)، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ(3)، ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: «أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي» وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، قَالَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»، قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلَّا أَبْشِرْ، فَوَاللهِ، لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ(4)، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ(5)، وَتَقْرِي الضَّيْفَ(6)، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ(7)، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَآهُ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ (8) الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا (9)، يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟» قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ". انتهى. والله أعلم

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    (1) معنى ترجف ترعد وتضطرب، والبوادر جمع بادرة، وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق، تضطرب عند فزع الإنسان.

    (2) غطوني، غطوني.

    (3) الفزع، الخوف الشديد.

    (4) الإنفاق على الضعيف واليتيم والعيال وغير ذلك.

    (5) تكسب غيرك المال المعدوم أي تعطيه إياه تبرعاً.

    (6) تكرم الضيف بالطعام.

    (7) يعني تعين الشخص الذي مرت به حادثة يحتاج مساعدة فيها.

    قال أهل العلم: كلام خديجة رضي الله عنها إنك لا يصيبك مكروه لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق وكرم الشمائل.

    (8) جبريل عليه السلام.

    (9) يعني شاباً قوياً كي انصرك وأعينك.

     

     

    كتبه أبو الحسن علي الرملي

    ١٣ / ١١ /١٤٣٩ هجري

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم