18- بعد نزول الوحي


  • من صحيح السيرة النبوية

    18- بعد نزول الوحي

    قال ابن كثير رحمه الله: قال ابن إسحاق: ثم تتامَّ الوحي(1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مُصدِّق بما جاء منه، وقد قبله بقبوله، وتحمَّل منه ما حَمِله على رضا العباد وسخطهم.

    وللنبوة أثقال ومؤونة(2) لا يحملها ولا يستضلع بها(3) إلا أهل القوة والعزم من الرسل - بعون الله وتوفيقه - لما يلقون من الناس، وما يُردُّ عليهم مما جاؤوا به عن الله عز وجل.

    فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما أمر الله به على ما يلقى من قومه من الخلاف والأذى(4).

    قال ابن إسحاق: وآمنت خديجة بنت خويلد، وصدقت بما جاءه من الله، ووازرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله ورسوله، وصدقت بما جاء منه(5).

    فخفف الله بذلك عن رسوله، لا يسمع شيئاً يكرهه - من ردٍّ عليه، وتكذيب له، فيحزنه ذلك؛ إلا فرج الله عنه بها؛ إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه، وتصدقه وتهون عليه أمر الناس، رضي الله عنها وأرضاها(6).

    قال: وحدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب».

    وهذا الحديث مخرج في (الصحيحين) من حديث هشام(7)

    قال ابن هشام: (القصب) ها هنا: اللؤلؤ المجوف(8).

    انتهى من صحيح السيرة النبوية للألباني رحمه الله.

    ـــــــــــــــــــــــــ

    (1) استمر وتتابع.

    (2) تعب ومشقة.

    (3) يقوم بها ويقوى عليها.

    (4) وهذا حال ورثتهم من بعدهم، وهم العلماء الربانيون.

    (5) تقدم ما يدل على صحة ذلك.

    (6) هذا حال المرأة الصالحة التقية مع زوجها، تكون خير عون له على أعباء الدنيا وتعبها، وتعينه على ما يزيد قربه من ربه تبارك وتعالى، للأسف نساءنا اليوم تركنا التأسي بأمهاتهن من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، واتخذن الكافرات والفاجرات أسوة لهن يقتدين بهن في فجورهن، ففسدت البيوت دينياً ودنيوياً إلا ما رحم الله.

    (7) الحديث في الصحيحين من حديث عائشة وأبي هريرة وعبد الله بن أبي أوفى. وقد تقدم.

    (8)(من قصب) قَالَ أهل العِلم واللغة: القصَبُ فِي هَذَا الحَدِيث: لؤلؤٌ مُجَوَّفٌ واسِع؛ كالقصْر المُنِيفِ، أي طَوِيل فِي ارْتِفَاع. وقالوا: المراد بالبيت هنا القصر (صخب) الصخب الصوت المختلط المرتفع (نصب) النصب المشقة والتعب .

     

    كتبه أبو الحسن علي الرملي

    4 / 12 / 1439 هجري

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم