من صحيح السيرة النبوية

19- *في أول من أسلم*

اختلف العلماء اختلافاً كثيراً في أول من أسلم مطلقاً، لاختلاف الروايات الواردة في ذلك.

وأما بالتقييد؛ فأول من أسلم من الرجال الأحرار إما ورقة بن نوفل أو أبو بكر الصديق.

وأول من أسلم من الصبيان علي بن أبي طالب.

وأول من أسلم من النساء خديجة بنت خويلد.

وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة.

وأول من أسلم من العبيد بلال بن رباح .

*إسلام ورقة بن نوفل*

هو وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا.

جاء ذكره في الصحيحين في أول نزول الوحي، وقد تقدم حديثه، وفيه:

فانطلقت به- أي بالنبي صلى الله عليه وسلم- خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: أي عم، اسمع من ابن أخيك، قال ورقة بن نوفل: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رآه، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى صلى الله عليه وسلم، يا ليتني فيها جذعاً، يا ليتني أكون حياً حين يخرجك قومك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو مخرجي هم؟» قال ورقة: نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً .

وعند البخاري زيادة: «ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الْوَحْيُ»، أي لم تتأخر وفاته بعدها، فمات قبل نزول الوحي مرة ثانية.

وقد اختلف أهل العلم في إثبات إسلامه وصحبته، عده في الصحابة غير واحد من أهل العلم، ذكر الخلاف ابن حجر في الإصابة في ترجمة ورقة.

واستدلوا على إسلامه وصحبته بأحاديث لا يصح منها شيء سوى هذا الذي ذكرناه.

قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات بعد ذكر حديث الصحيحين: قال ابن منده: واختلفوا فى إسلام ورقة.

قال: وهذا الحديث الذي ذكرته ظاهر في إسلامه واتباعه وتصديقه. انتهى كلام النووي.

وقال بعض أهل العلم: هذا لا يدل على إسلامه.

ورجح إسلامه بهذا الحديث من المعاصرين ابن باز وشيخنا الوادعي رحمهما الله.

وكذلك رجحه ابن عثيمين والفوزان، وذكرا أنه صحابي. والله أعلم

كتبه أبو الحسن علي الرملي

٧ / ١٢ / ١٤٣٩ هجري