22- إسلام أبي ذر


  • من صحيح السيرة النبوية

    22- *إسلام أبي ذر*

    مختلف في اسمه واسم أبيه.

    والمشهور أنه جندب بن جنادة بن سكن. وقيل غير ذلك.

    من قبيلة يقال لها غِفار.

    عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما بلغ أبا ذر مَبعثُ النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني.

    فانطلق الأخ حتى قدمه، وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلاماً ما هو بالشعر، فقال: ما شفيتني مما أردت.

    فتزود وحمل شنة(1) له فيها ماء، حتى قدم مكة، فأتى المسجد فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل، فاضطجع، فرآه عليٌّ فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد، وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه، فمر به علي، فقال: أما نال(2) للرجل أن يعلم منزله؟ فأقامه فذهب به معه، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان يوم الثالث، فعاد علي على مثل ذلك، فأقام معه، ثم قال: ألا تحدثني ما الذي أقدمك؟ قال: إن أعطيتني عهداً وميثاقاً لترشدني فعلت، ففعل فأخبره.

    قال: فإنه حق، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أصبحت فاتبعني، فإني إن رأيت شيئاً أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل، فانطلق يقفوه(3) حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل معه، فسمع من قوله، وأسلم مكانه.

    فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري» قال: والذي نفسي بيده، لأصرخن بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه(4).

    وأتى العباس فأكب عليه، قال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجاركم إلى الشام، فأنقذه منهم، ثم عاد من الغد لمثلها، فضربوه وثاروا إليه، فأكب العباس عليه. متفق عليه.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    (1) قربة صغيرة بالية من جلد أو غيره يكون الماء فيها أبرد من غيرها.

    (2) أما حان للرجل.

    (3) (يقفوه) يتبعه.

    (4) رموه على الأرض.

     

    تنبيه: لم أجد شيئاً يصح في تحديد عدد السنين التي بقيت فيها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم سرًّا، حددها بعضهم بسنتين، وبعضهم بثلاثة.

    ولم أجد شيئاً يصح في كونه اتخذ دار الأرقم بن أبي الأرقم مقراً لدعوته في تلك الفترة، وأنه أسلم فيها جماعة من كبار الصحابة. والله أعلم

     

    كتبه أبو الحسن علي الرملي

    22 / 12 / 1439 هجري

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم