• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: معنى قول بعض العلماء في صفات الله: بلا كيف ولا معنى
  • رقم الفتوى: 1379
  • تاريخ الإضافة: 5 رجب 1440
  • السؤال
    قرأت كلام بعض العلماء في صفات الله تبارك وتعالى؛ فوجدتهم يقولون: نؤمن بها بلا كيف ولا معنى، مع أننا نعلم أن أهل السنة يثبتون معنى الصفات بلا كيف؛ فكيف نوفق بين القولين؟
  • الاجابة

    قولهم: بلا كيف؛ أي : لا نخوض في كيفيتها، ولا نبحث عنها؛ لأننا لا علم لنا بها، وليس معنى ذلك أن الصفة لا كيفية لها؛ بل لها كيفية؛ ولكننا لا نعلمها؛ لأنها من الغيب الذي لم يخبرنا الله به، ولا سبيل إلى العلم به إلا بالوحي.

    ومعنى قولهم: ( بلا معنى)؛ أي ولا معنى يخالف معناها الحقيقي، كما تفعله المعطلة الذين يحرفون الصفة عن حقيقتها؛ فيفسرونها بمعنى آخر؛ فإن المعنى الذي نزل به القرآن معروف مفهوم بمقتضى اللغة، كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "الاستواء معلوم - ليس به خفاء ولا جهالة-، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".

    فالمعنى المراد نفيه هنا؛ هو المعنى الباطل الذي تفسره به المعطلة، لا المعنى الحقيقي للصفة؛ لأن هذه الكلمة وما شابهها من كلام السلف تعلق بها المفوضة، ونسبوا القول بالتفويض للسلف، وقالوا: نفوض الكيف والمعنى؛ فهم ينفون المعنى عن الصفة؛ قالوا : نحن نفوض الكيف والمعنى.

    ولا شك أن هذا الكلام باطل؛ بدليل أن الإمام أحمد نفسه ورد عنه تفسير بعض الصفات بحقيقتها، وكذلك جاء عن غيره من السلف ممن قبله؛ كما جاء عن أبي العالية الرياحي أنه قال في الاستواء: "استوى أي: ارتفع"، وقال مجاهد: "استوى أي علا"؛ ففسروا الاستواء بمعناه الحقيقي.

    فالسلف ليس من مذهبهم تفويض المعنى؛ فالمعنى عندهم واضح لا خفاء فيه؛ لكنهم يفوضون الكيف؛ لأن الكيفية لم يذكرها لنا ربنا تبارك وتعالى؛ فلا سبيل إلى معرفتها؛ لذلك نفوضها إلى الله سبحانه وتعالى، أما المعنى فلا يفوض؛ فقد ذكر الله سبحانه وتعالى الصفات بكلام عربي فصيح واضح لا خفاء فيه؛ فنفهمها بمقتضاها اللغوي.
    ربما قال السلف: بلا معنى وبلا تفسير، ولكنهم يعنون به بلا معنى كالمعنى الذي قاله الجهمي، ولا تفسير كتفسير الجهمية، وربما أرادوا نفي تفسير الكيفية، فهم أنفسهم الذين قالوا هذا أثبتوا المعاني الحقيقية للصفات، وهذا تواتر عنهم.
    راجع الشريعة للآجري، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، والسنة للخلال، والرد على الجهمية لأحمد بن حنبل، ولعثمان بن سعيد الدارمي.

    قال الإمام أحمد: ونحن نؤمن بالأحاديث في هذا ونقرها، ونمرها كما جاءت بلا كيف، ولا معنى، إلا على ما وصف به نفسه تعالى. انتهى من الإبانة، والرد على الجهمية (3/ 53)

    وقال الدارقطني في الصفات (57) : حدثنا محمد بن مخلد حدثنا العباس الدوري سمعت أبا عبيد، وذكر الباب الذي يروى فيه حديث الرؤية والكرسي وموضع القدمين وضحك ربنا، وحديث أين كان ربنا؛ فقال: هذه أحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل لنا: كيف وضع قدمه؟ وكيف يضحك؟ قلنا: لا نفسر هذا ولا سمعنا أحداً يفسره. انتهى

     وقال البربهاري في شرح السنة (ص68) بعد أن ذكر أحاديث الصفات: فعليك بالتسليم والتصديق والتفويض والرضى، ولا تفسر شيئاً من هذه بهواك، فإن الإيمان بهذا واجب، فمن فسر شيئاً من هذا بهواه أو رده فهو جهمي.

     

     


     

     

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم