• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: حكم تارك بعض أعمال الجوارح
  • رقم الفتوى: 1482
  • تاريخ الإضافة: 14 رجب 1440
  • السؤال
    نعلم حفظكم الله أن عقيدة أهل السنة :الإيمان قول وعمل واعتقاد، وأن هذه الثلاثة أركان الإيمان، وأن زوال واحدة منها زوال للإيمان؛ فهل نفهم من هذا أن من ترك عملاً من أعمال الجوارح؛ كفر؟
  • الاجابة

    الإيمان الذي تقرر عندنا في الشرع؛ هو القول باللسان، واعتقاد القلب، وعمل الجوارح، انظر الفتوى رقم (1481).

    فأعمال الجوارح كلها من الإيمان، فإذا زال العمل بالكلية زال ركن من أركان الإيمان الثلاثة فيزول الإيمان، أما إذا زال بعضها فلا يزول الإيمان بالكلية.

    فإذا ذهب عمل الجوارح بالكامل زال ركن، وذهب الإيمان، وإذا زال القول زال ركن وذهب الإيمان، وإذا زال الاعتقاد زال ركن من الإيمان وذهب الإيمان؛ فالإيمان لا يتحقق إلا بهذه الثلاثة.

    أما آحاد العمل كالزكاة والصيام والحج، فإذا زال الحج عند المؤمن فلم يحج؛ يبقى مؤمناً، ولكنه نقص إيمانه الواجب، أي حصل عنده نقص في الإيمان الواجب، فهذا مستحق للعقاب عند الله تبارك وتعالى، وهكذا جميع أعمال الجوارح.

    قال ابن تيمية (6/ 479): مع أن الذي عليه أئمة أهل السنة والحديث - وهو مذهب مالك والشافعي وغيرهم - أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وأئمة المسلمين أهل المذاهب الأربعة وغيرهم - مع جميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان - متفقون على أن المؤمن لا يكفر بمجرد الذنب كما تقوله الخوارج؛ ولا يسلب جميع الإيمان كما تقوله المعتزلة...انتهى المراد.

    أما الصلاة فحصل فيها خلاف بين أهل العلم، والراجح في ذلك أن من ترك الصلاة بالكلية ذهب إيمانه ولم يعد مؤمناً، بل هو كافر خارج من الإسلام، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"، وقوله: "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة"؛ دليل على ذلك، مع فهم الصحابة فقد نُقل اتفاقهم على كفر تارك الصلاة.

    إذن لا يفصل العبد عن الكفر إلا ترك الصلاة؛ فمن تركها فقد دخل في الكفر على مقتضى قول النبي صلى الله عليه وسلم، فالحذرَ الحذر من التهاون في أمر الصلاة؛ فأمرها عظيم، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة.

    لكن القول بأن الإيمان لا يصح إلا بعمل الجوارح؛ غير متوقف على مسألة ترك الصلاة، فحتى الذين لا يقولون بكفر تارك الصلاة من أهل السنة؛ يقولون: إذا لم يوجد عمل الجوارح مطلقاً لا بعمل واحد ولا بأكثر لا يكون العبد مؤمناً؛ لأنه لم يُوجِد الأركان الثلاثة للإيمان، فيكون فقط قد أوجد القول والاعتقاد، وهذا لا يكفي عند أهل السنة؛ ومنهم الشافعي الذي لا يكفِّرُ تارك الصلاة؛ وهو الذي نقل اتفاق أهل السنة عليه، فالمسألة متعلقة بحقيقة الإيمان عند أهل السنة لا بترك الصلاة.

    قال الإمام الشافعي رحمه الله: وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون: الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر. انتهى ذكره ابن تيمية، انظر مجموع الفتاوى(7/ 209).

    قال الآجري في الشريعة (2/ 611): باب القول بأن الإيمان تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، لا يكون مؤمناً، إلا أن تجتمع فيه هذه الخصال الثلاث، قال محمد بن الحسين - الآجري- : اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، ثم اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً، ولا تجزيء معرفة بالقلب، ونطق باللسان، حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمناً، دل على ذلك القرآن، والسنة، وقول علماء المسلمين. انتهى

    وقد خالف أهلَ السنة في هذه العقيدة؛ طائفتان هم الخوارج والمرجئة:

    أما الخوارج فكفروا المسلمين بالكبيرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان" وذلك عن طريق تكفيرهم بالكبائر أو ببعضها، بل وربما اليوم يكفرونهم بما يظنونه ذنباً، كما تفعله القاعدة، وداعش.

    وقد حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلو رأينا منهم عبادات وطاعات نحتقر أعمالنا أمام أعمالهم؛ فلا نغترَّ بذلك؛ هذا ما تعلمناه من نبينا صلى الله عليه وسلم ؛ فعقيدتهم فاسدة، وشرهم على المسلمين كبير؛ لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم.

    وأما الفرقة الثانية وهي المرجئة، فهؤلاء اتفقوا جميعاً على أن أعمال الجوارح ليست من الإيمان؛ فبعضهم قال : الإيمان قول فقط، وبعضهم قال: الإيمان قول واعتقاد فقط، ولهم أقوال أخرى، ولكن اجتمعت جميعها على أن أعمال الجوارح ليست من الإيمان.
    كل هذا مقرر في كتب أهل السنة، انظرها في السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، والسنة للخلال، والشريعة للآجري، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي.

     

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم