• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم تبييت النية للصيام
  • رقم الفتوى: 1671
  • تاريخ الإضافة: 8 شعبان 1440
  • السؤال
    ما حكم تبييت النية للصيام قبل الفجر ؟
  • الاجابة

    أولاً: لا يصح صوم إلا بنية، إجماعاً، فرضاً كان أو تطوعاً، لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية، كالصلاة. قاله ابن قدامة في المغني(3/ 109).

    ثم الصيام إما أن يكون صياماً واجباً كصيام رمضان أو صيام قضاء أو نذر؛ فهذا يلزم له تبييت النية قبل الفجر. 

    وإما صيام النافلة؛ فلا يلزم له تبيين النية قبل الفجر بشرط ألا يفعل ما يفطر بعد الفجر؛ كالأكل والشرب. 

    ودليل ذلك حديث " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..»([1]) الحديث، وكذلك النظر ففي صيام الفريضة جميع الزمان - من أول اليوم إلى آخره - يجب فيه الصوم، والنية يجب أن تكون قبل البدء بالعمل كما في جميع العبادات، فيجب أن تكون النية سابقة للعمل، وبما أن الصيام واجب في كل جزء من أجزاء اليوم، فلا يصح أن تكون النية في أثناء النهار، إذ النية لا تنعطف على الماضي، بمعنى أنك إذا أردت أن تصوم اليوم الأول فيجب أن تبدأ الصيام من أوله، ومن نوى بعد طلوع الفجر لا يقال صام يوماً، هذا ما قاله ابن تيمية - رحمه الله – بالمعنى([2]).

     والجمهور الذين يقررون بأن الفريضة يجب أن ينوى لها قبل طلوع الفجر الصادق يستدلون، بحديث حفصة قالت: قال رسول الله ﷺ: «من لم يُبَيِّتِ الصيام قبل الفجر فلا صيام له» ([3]) أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما، ورَجَّح وقفه أبو داود والترمذي والنسائي، رجَّحوا وقفه على حفصة، وضعفه الإمام أحمد والبخاري وغيرهما، والصحيح أنه من قول حفصة، صح عنها وصح أيضاً عن ابن عمر من قوله، وهو قول صحيح، لكنه ليس مرفوعاً إلى النبي ﷺ.

    وصيام النافلة لا يلزم له تبيين النية قبل الفجر، دليل ذلك حديث عائشة أن النبي ﷺ دخل عليها فقال: «هل عندكم شيء؟»، قالت: قلنا: لا، قال: «فإني إذاً صائم»([4]) ، وتجويز عقد نية صيام النافلة في أثناء النهار توسيع على العباد للإكثار من التطوع، والله أعلم.

    قال البغوي في شرح السنة (6/ 269): اتفق أهل العلم على أن الصوم المفروض، إذا كان قضاء أو كفارة أو نذراً مطلقاً، أنه لا يصح إلا بأن ينوي له قبل طلوع الفجر.

     أما أداء صوم شهر رمضان والنذر المعين، فاختلفوا فيه، فذهب أكثرهم إلى أن تبييت النية فيه شرط؛ لأنه صوم مفروض كالقضاء والنذر المطلق، وهو قول عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وحكي عن إسحاق، أنه قال: إذا نوى أول ليلة من شهر رمضان صوم جميع الشهر، أجزأه(5). وظاهر الحديث يدل على ما قاله العامة؛ لأن صوم كل يوم عبادة منفردة، فيقتضي نية على حدة.

    وذهب أصحاب الرأي إلى أن أداء رمضان، والنذر المعين يجوز بنية من النهار قبل الزوال.

    أما صوم التطوع، فذهب أكثر العلماء إلى أنه يجوز بنية من النهار قبل الزوال، وروي أن حذيفة بدا له الصوم بعدما زالت الشمس، فصام.

    وقال جابر بن زيد: لا يجوز صوم التطوع إلا بنية من الليل كالفرض.

    وروي عن ابن عمر أنه كان لا يصوم تطوعاً حتى يجمع من الليل. انتهى

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/ 358): قوله: «ويصح النفل بنية من النهار قبل الزوال أو بعده» أي: يصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال أو بعده، وهذا مقابل قوله: «يجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب»؛ فصيام النفل يصح بنية أثناء النهار، ولكن بشرط ألا يأتي مفطِّراً من بعد طلوع الفجر، فإن أتى بمفطر فإنه لا يصح. انتهى والله أعلم 

    وانظر المغني لابن قدامة (3/ 109)، والمجموع للنووي(6/ 302).

    تنبيه: قال ابن تيمية: وكذلك نية الصيام في رمضان لا يجب على أحد أن يقول: أنا صائم غداً، باتفاق الأئمة؛ بل يكفيه نية قلبه. انتهى مجموع الفتاوى (22/ 219). 


    ([1]) أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).

    ([2]) « مجموع الفتاوى» لابن تيمية (25/ 120).

    ([3]) أخرجه أحمد (26457)، وأبو داود (2454)، والترمذي (730)، والنسائي (2331).

    ([4]) أخرجه مسلم (1154).

    ([5]) انظر لهذه المسألة الفتوى رقم (1670).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم