• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم المضمضة للصائم
  • رقم الفتوى: 1819
  • تاريخ الإضافة: 25 شعبان 1440
  • السؤال
    ما حكم المضمضة للصائم لغير وضوء؟ وما حكم الماء الباقي في الفم من أثر الوضوء؟ هل يجب التفل أكثر من مرة للخلاص منه؟
  • الاجابة

    لا مانع من المضمضة للصائم في الوضوء ومن غير وضوء، ولكن العلماء قالوا بكراهته لغير حاجة، قالوا: المضمضة لغير وضوء قد تكون جائزة إذا احتاج إليها الصائم كجفاف فمه ويبسه مثلاً فيتمضمض لترطيبه، وقد تكون مكروهة إذا كانت على سبيل العبث واللعب.

    أما تفل الماء المتبقي في الفم من أثر المضمضة في الوضوء؛ فلا يلزم التفل بعد المج، فيكفيك أن تضع الماء في فمك وتحركه وتمجه فقط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرنا بالتفل، والأثر الباقي مما خفف فيه. والله أعلم 

    قال ابن قدامة في المغني (3/ 123): فصل: ولا يفطر بالمضمضة بغير خلاف، سواء كان في الطهارة أو غيرها، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عمر سأله عن القبلة للصائم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم؟ قلت: لا بأس. قال: فمه» ؟ . ولأن الفم في حكم الظاهر، فلا يبطل الصوم بالواصل إليه، كالأنف والعين. وإن تمضمض، أو استنشق في الطهارة، فسبق الماء إلى حلقه من غير قصد ولا إسراف، فلا شيء عليه. وبه قال الأوزاعي، وإسحاق، والشافعي في أحد قوليه. وروي ذلك عن ابن عباس وقال مالك، وأبو حنيفة: يفطر؛ لأنه أوصل الماء إلى جوفه ذاكراً لصومه، فأفطر، كما لو تعمد شربه.
    ولنا أنه وصل إلى حلقه من غير إسراف ولا قصد، فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه، وبهذا فارق المتعمد. فأما إن أسرف فزاد على الثلاث، أو بالغ في الاستنشاق، فقد فعل مكروهاً؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للقيط بن صبرة: «وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً» . حديث صحيح. ولأنه يتعرض بذلك لإيصال الماء إلى حلقه، فإن وصل إلى حلقه؛ فقال أحمد: يعجبني أن يعيد الصوم. وهل يفطر بذلك؟ على وجهين: أحدهما، يفطر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المبالغة حفظاً للصوم، فدل على أنه يفطر به، ولأنه وصل بفعل منهي عنه، فأشبه التعمد.
    والثاني، لا يفطر به؛ لأنه وصل من غير قصد، فأشبه غبار الدقيق إذا نخله.

    فأما المضمضة لغير الطهارة؛ فإن كانت لحاجة، كغسل فمه عند الحاجة إليه ونحوه فحكمه حكم المضمضة للطهارة، وإن كان عبثاً، أو تمضمض من أجل العطش، كره.

    وسئل أحمد عن الصائم يعطش فيتمضمض ثم يمجه. قال: يرش على صدره أحب إلي. فإن فعل، فوصل الماء إلى حلقه، أو ترك الماء في فيه عابثاً، أو للتبرد، فالحكم فيه كالحكم في الزائد على الثلاث؛ لأنه مكروه.

    ولا بأس أن يصب الماء على رأسه من الحر والعطش؛ لما روي عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش، أو من الحر» . رواه أبو داود. انتهى

    وقال ابن عثيمين رحمه الله: واعلم أن المضمضة للصائم تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم واجب، وهو إذا ما كان في وضوء أو غسل. وقسم جائز، وهو ما إذا احتاج الصائم إليها لِنَشف ريقه ويُبسِ فمه، فإنه يجوز حينئذ أن يتمضمض ليبل فمه بهذا الماء من غير أن يبتلعه. وقسم ثالث مكروه، وهو إذا كان عبثاً ولعباً، فإنه يكره للصائم أن يتمضمض؛ لأن ذلك لا حاجة له، فهو كذوق الطعام، لا ينبغي، أو يكره للصائم إلا لحاجة. انتهى من فتاوى نور على الدرب http://binothaimeen.net/content/6911

    وقال النووي في المجموع (6/ 327): قال المتولي وغيره: إذا تمضمض الصائم لزمه مج الماء ولا يلزمه تنشيف فمه بخرقة ونحوها، بلا خلاف. قال المتولي: لأن في ذلك مشقة، قال: ولأنه لا يبقى في الفم بعد المج إلا رطوبة لا تنفصل عن الموضع إذ لو انفصلت لخرجت في المج. والله تعالى أعلم. انتهى

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/ 423): وعلم من كلام المؤلف أنه لو بلع ريقه بلا جمع، فإنه لا كراهة في ذلك وهو ظاهر، وعليه فلا يجب التفل بعد المضمضة، ولا بعد شرب الماء عند أذان الفجر، ولا عند تجمع الريق بسبب القراءة، فإنه لم يعهد عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فيما نعلم ـ أن الإنسان إذا شرب عند طلوع الفجر، يتفل حتى يذهب طعم الماء، بل هذا مما يسامح فيه، لكن لو بقي طعم طعام كحلاوة تمر، أو ما أشبه ذلك فهذا لا بد أن يتفله ولا يبتلعه. انتهى

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم