• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: عورة المرأة في الصلاة
  • رقم الفتوى: 2484
  • تاريخ الإضافة: 4 ذو القعدة 1440
  • السؤال
    ما هي حدود عورة المرأة في الصلاة؟
  • الاجابة

    الصحيح أنه لا فرق بين عورة المرأة أو الرجل في الصلاة وخارجها.

    والصحيح في عورة المرأة ما عليه جمهور أهل العلم، أنها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، هذا قول مالك والشافعي، ورواية عن أحمد، والأوزاعي وأبي ثور، وهو قول جمهور العلماء.

    وزاد بعض أهل العلم القدمين أيضاً، فقالوا ليسا عورة. وفي رواية عن أحمد أن المرأة كلها عورة.

     وسبب هذا الاختلاف، فهم معنى قوله تبارك وتعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} فقوله هنا {إلا ما ظهر منها}، هل المقصود به الثياب الظاهرة كما قال ابن مسعود، فيكون المقصود ما لا يملك ظهوره، أم الوجه والكفان كما قال ابن عباس، فيكون المقصود أعضاء معينة؟

    وقول الجمهور هو الصواب، والدليل عليه أن بعض النساء كن يكشفن وجوههن في عهد النبي ﷺ ولم ينكر عليهن.

    من ذلك حديث الخثعمية في الحج، عن عبد الله بن عباس أنه قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله ﷺ فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله ﷺ يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت يا رسول الله: إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال: «نعم ». وذلك في حجة الوداع ([1]) ، وقد كان هذا بعد نزول الحجاب.

    والمرأة منهية عن لبس القفازين والنقاب وهي محرمة؛ فيجوز كشف الوجه والكفين.

     والحاجة تدعو إلى كشف الوجه والكفين لتسهيل البيع والشراء والأخذ والإعطاء، وغير ذلك من المعاملات.

     والدليل على أن القدمين عورة، قول النبي ﷺ: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» قالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال «يرخين شبراً»، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: «فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه »، رواه ابن عمر وأم سلمة ([2])، قال البيهقي في السنن الكبرى(4/ 216): وفي هذا دليل على وجوب ستر قدميها. والله أعلم. 

    قال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 364): "وقد أجمعوا أنه من صلى مستور العورة فلا إعادة عليه، وإن كانت امرأة فكل ثوب يغيب ظهور قدميها ويستر جميع جسدها وشعرها فجائز لها الصلاة فيه؛ لأنها كلها عورة إلا الوجه والكفين، على هذا أكثر أهل العلم.

    وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام.

    وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم، وهو قول الأوزاعي وأبي ثور: على المرأة أن تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها. وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها".

    وقال: "قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به، وأجمعوا على أنها لا تصلي متنقبة ولا عليها أن تلبس فقازين في الصلاة، وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة، وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة". انتهى

    وانظر الأوسط لابن المنذر (5/ 53).  

    وقال ابن قدامة في المغني (1/ 430):  وقال أبو حنيفة: القدمان ليسا من العورة؛ لأنهما يظهران غالباً، فهما كالوجه، وإن انكشف من المرأة أقل من ربع شعرها أو ربع فخذها أو ربع بطنها لم تبطل صلاتها.
    وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة؛ لأن ابن عباس قال في قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: 31] قال: الوجه والكفين. ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب.» ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء. وقال بعض أصحابنا-يعني الحنابلة-: المرأة كلها عورة؛ لأنه قد روي في حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المرأة عورة» . رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. ولكن رخص لها في كشف وجهها وكفيها؛ لما في تغطيته من المشقة، وأبيح النظر إليه لأجل الخطبة؛ لأنه مجمع المحاسن. وهذا قول أبي بكر الحارث بن هشام قال: المرأة كلها عورة حتى ظفرها.
    والدليل على وجوب تغطية القدمين ما روت «أم سلمة، قالت: قلت: يا رسول الله، أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ قال: نعم، إذا كان سابغا يغطي ظهور قدميها» . رواه أبو داود، وقال: وقفه جماعة على أم سلمة، ووقفه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار. وروى ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله إلى من جر ذيله خيلاء. فقالت أم سلمة: كيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبراً. فقالت: إذن تنكشف أقدامهن. قال: فيرخينه ذراعا، لا يزدن عليه» . رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين، ولأنه محل لا يجب كشفه في الإحرام؛ فلم يجب كشفه في الصلاة، كالساقين" . انتهى باختصار. والله أعلم 


    ([1]) أخرجه مسلم (1335).

    ([2]) أخرجه الترمذي (1731)، والنسائي (5336)، حديث ابن عمر رواه عنه جمع ومنهم نافع، ورواه عن نافع جمع في الصحيحين وغيرهما، لم يذكر قول أم سلمة فيه سوى أيوب عن نافع، وله متابعة لا يفرح بها عند البيهقي في السنن الكبرى.

    واختلف فيه على أيوب، فمرة زادها، ومرة لم يزدها، ومرة قال: قال نافع: فأنبئت أن أم سلمة قالت: فكيف بنا؟، قال: «شبرا» ، قالت: إذن تبدو أقدامنا، قال: «ذراعا لا تزدن عليه».

    ودل على أن ذكر حكاية أم سلمة في حديث ابن عمر وهم؛ رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» قال: وأخبرني سليمان بن يسار، أن أم سلمة ذكرت النساء فقال: «ترخي شبرا» ، قالت: إذن تنكشف، قال «فذراعاً لا يزدن عليه».

    فذكر ابن عمر في الحديث خطأ بين. قال فيه ابن عبد البر في التمهيد(24/ 148): "وهذا الإسناد عندي خطأ". والله أعلم 

    وأما حديث أم سلمة فرواه نافع، واختلف عليه فيه، في عدة روابات منها ما تقدم، 
    1- ومرة روي عنه فجُعل من مسند ابن عمر كما تقدم.
    2 - ومرة عنه قال: نبئت عن أم سلمة كما تقدم في رواية أيوب.

    3- عنه عن أم سلمة مباشرة.

    4- عنه عن أم سلمة مرسلة.
    5 -عنه عن صفية بنت أبي عبيد عنها.

    6- عنه عن بعض نسوتنا عنها.
    7 - عنه عن سليمان بن يسار مرسلة. 

    8- عنه عن سليمان بن يسار عن أم سلمة.

     وأصح هذه الطرق طريق سليمان ين يسار الموصولة، وصفية.

    رواية سليمان رواها عن نافع عبيد الله بن عبد الله بن عمر من أثبت الناس في نافع، واختلف عليه في وصلها وإرسالها، والوصل أصح.

    ورواية صفية، رواها عن نافع ثلاثة: أيوب بن موسى، وأبو بكر بن نافع، ومحمد بن إسحاق.

    روى ابن عبد البر في التمهيد (24/ 148) حديث محمد بن إسحاق في شرحه لحديث مالك عن أبي بكر بن نافع، وقال: "وهذا هو الصواب عندنا في هذا الإسناد كما قال مالك. والله أعلم".

    أكثر هذه الروايات في مسند أحمد والسنن الكبرى للنسائي(8/ 443- 9650 فما بعده).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم