• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الإهلال وحكمه
  • رقم الفتوى: 2568
  • تاريخ الإضافة: 13 ذو القعدة 1440
  • السؤال
    ما هو الإهلال في الحج؟ وما حكمه ؟
  • الاجابة

    الإهلال هو أمر زائد على نية الدخول في النسك، نية الدخول في النسك: الإحرام، وأما الإهلال: فهو رفع الصوت بالتلبية، فيقول:«لبيك بحج» أو «بعمرة» أو «بعمرة وحجّ» حسب النسك الذي يريده.

     ودليله ما أخرجه الشيخان عن النبي  من حديث أنس قال: سمعت النبي ﷺ « يُلَبّي بالحج والعمرة جميعاً »([1])، وفي أحد ألفاظه قال: «كانوا يصرخون بذلك»([2])، أي: يرفعون أصواتهم به.

     وحكم الإهلال، الاستحباب؛ لفعل النبي له، وهو ذكر من أذكار الحجّ، ويصح الإحرام بدونه؛ لأنه ذكر من الأذكار، حكمه كحكم بقية الأذكار ، ويستحب رفع الصوت به، ثم يستمر بعد ذلك برفع الصوت بالتلبية: « لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك »([3]) ، والله أعلم.

    قال النووي في شرح صحيح مسلم (8/ 89): قال العلماء: الإهلال رفع الصوت بالتلبية عند الدخول في الإحرام.

    وأصل الإهلال في اللغة: رفع الصوت، ومنه استهل المولود أي صاح، ومنه قوله تعالى {وما أهل به لغير الله} أي رفع الصوت عند ذبحه بغير ذكر الله تعالى، وسمي الهلال هلالاً لرفعهم الصوت عند رؤيته. انتهى

    وقال ابن عبد البر في الاستذكار (4/ 46): وقال الشافعي: تكفي النية في الإحرام بالحج من أن يسمي حجاً أو عمرة.
    قال: وإن لبى حجاً أو عمرة لحجه يريد عمرة فهي عمرة، وإن لبى بحج يريد عمرة فهي عمرة، وإن لبى بحج يريد عمرة فهو حج، وإن لبى ليس يريد حجاً ولا عمرة فليس بحج ولا عمرة، وإن لبى ينوي الإحرام ولا ينوي حجاً ولا عمرة فله الخيار يجعله أيهما شاء، وإن لبى وقد نوى أحدهما فنسي فهو قارن لا يجزئه غير ذلك. هذا قول الشافعي. انتهى 

    وقال ابن رشد في بداية المجتهد (2/ 102): واتفقوا على أن الإحرام لا يكون إلا بنية، واختلفوا هل تجزئ النية فيه من غير التلبية؟ فقال مالك والشافعي: تجزئ النية من غير التلبية. وقال أبو حنيفة: التلبية في الحج كالتكبيرة في الإحرام بالصلاة، إلا أنه يجزئ عنده كل لفظ يقوم مقام التلبية، كما يجزئ عنده في افتتاح الصلاة كل لفظ يقوم مقام التكبير، وهو كل ما يدل على التعظيم. انتهى 

    وقال ابن قدامة في المغني (3/ 270):  التلبية في الإحرام مسنونة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها، وأمر برفع الصوت بها، وأقل أحوال ذلك الاستحباب، وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - «أي الحج أفضل؟ قال: العج، والثج» . وهذا حديث غريب. ومعنى العج رفع الصوت بالتلبية، والثج إسالة الدماء بالذبح والنحر. وروى سهل بن سعد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم يلبي، إلا لبى ما عن يمينه من حجر أو شجر أو مدر، حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا» . رواه ابن ماجه.

     وليست واجبة، وبهذا قال الحسن بن حي، والشافعي.

    وعن أصحاب مالك أنها واجبة، يجب بتركها دم.

    وعن الثوري، وأبي حنيفة، أنها من شرط الإحرام، لا يصح إلا بها، كالتكبير للصلاة؛ لأن ابن عباس، قال في قوله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج} [البقرة: 197] ، قال ابن عباس: الإهلال. وعن عطاء، وطاوس، وعكرمة: هو التلبية. ولأن النسك عبادة ذات إحرام وإحلال، فكان فيها ذكر واجب، كالصلاة.

    ولنا، أنها ذكر، فلم تجب في الحج، كسائر الأذكار. وفارق الصلاة، فإن النطق يجب في آخرها؛ فوجب في أولها، والحج بخلافه.

    ويستحب البداية بها إذا استوى على راحلته؛ لما روى أنس، وابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لما ركب راحلته، واستوت به، أهل» . رواهما البخاري.
    وقال ابن عباس: أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإحرام حين فرغ من صلاته، فلما ركب راحلته، واستوت به قائمة، أهل. يعني لبى.

     ومعنى الإهلال رفع الصوت بالتلبية، من قولهم: استهل الصبي. إذا صاح. والأصل فيه أنهم كانوا إذا رئي الهلال صاحوا. فيقال: استهل الهلال. ثم قيل لكل صائح مستهل، وإنما يرفع الصوت بالتلبية. انتهى

    وانظر المجموع للنووي (7/ 224- دار الفكر).


    ([1]) أخرجه البخاري (1551)، ومسلم (1232).

    ([2]) أخرجه البخاري (2951).

    ([3]) أخرجه البخاري (5915)، ومسلم (1184).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم