• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: تحديد النسك عند الإحرام
  • رقم الفتوى: 2569
  • تاريخ الإضافة: 13 ذو القعدة 1440
  • السؤال
    هل يجب تعيين النسك المراد عند الإحرام ؟ أعني هل يجب أن أعين التمتع أو القران أو الإفراد؟
  • الاجابة

    الصحيح في هذه المسألة، أن الحجّ ينعقد بإحرامٍ من غير تعيين إفراد أو قران أو تمتع - بأن يقصد نية النسك فقط أو يحرم كإحرام فلان وهو لا يعلم بما أحرم فلان - وله أن يمضي في ذلك الإحرام ثم يجعله أي وجه شاء من الأوجه الثلاثة، ودليله حديث «الصحيحين»: «أن النبي ﷺ سَأل علياً: « بم أهللت؟ » قال: بإهلال كإهلال النبي ﷺ»([1]) ، ولم يكن علي رضي الله عنه يَعلم بما أهل به النبي ﷺ، فلم يُعين نوع النسك. وكما حصل مع أبي موسى الأشعري([2]) ، فدلَّ ذلك على أن الإهلال بنُسك مُبهم، صحيح ويصرفه صاحبه إلى أيّ نوع من الأنواع الثلاثة قبل الطواف، والأفضل أن يعين نوع النسك عند الإحرام.  والله أعلم .

    قال النووي في حديث علي وأبي موسى: "وفي هذين الحديثين دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه: أنه يصح الإحرام معلقاً؛ بأن ينوي إحراماً كإحرام زيد، فيصير هذا المعلق كزيد، فإن كان زيد محرماً بحج كان هذا بالحج أيضاً، وإن كان بعمرة فبعمرة، وإن كان بهما فبهما، وإن كان زيد أحرم مطلقاً صار هذا محرماً إحراماً مطلقاً، فيصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة ولا يلزمه موافقة زيد في الصرف". انتهى من شرح صحيح مسلم (8/ 165).

    وقال ابن حجر في فتح الباري (3/ 416): "فجاز الإحرام على الإبهام؛ لكن لا يلزم منه جواز تعليقه إلا على فعل من يتحقق أنه يعرفه، كما وقع في حديثي الباب. وأما مطلق الإحرام على الإبهام فهو جائز ثم يصرفه المحرم لما شاء؛ لكونه صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ذلك، وهذا قول الجمهور، وعن المالكية لا يصح الإحرام على الإبهام، وهو قول الكوفيين". انتهى 

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (7/ 252): "فيجوز للإنسان أن يحرم إحراماً مطلقاً، فيقول: «لبيك اللهم لبيك» ولا يعين لا عمرة ولا حجاً، لكن لا يجوز أن يطوف حتى يعين؛ لأن الإحرام المطلق صالح للعمرة وحدها، وللحج وحده، ولهما جميعاً؛ فلا بد أن يعين واحداً من ذلك ليتعين له الطواف.
    ومن الإحرام المطلق، وإن كان فيه شيء من التقييد أن يقول: أحرمت بما أحرم به فلان، أو لبيك بما أحرم به فلان، ويتصور هذا في الرجل عنده شيء من الجهل، ويعرف أن فلاناً من أهل العلم والمعرفة قد حج، فيقول: لبيك بما أحرم به فلان، وفلان هذا قد يكون أحرم بعمرة، أو بحج، أو بحج وعمرة، فنقول: إحرامك هذا صحيح، لكن لا بد أن تعلم بماذا أحرم فلان قبل أن تطوف، ليقع طوافك بعد تعيين النسك الذي أردت.
    ويدل لهذه المسألة الأخيرة أعني أن ينوي الإحرام بما أحرم به فلان: «أن علي بن أبي طالب وأبا موسى بعثهما النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقدما مكة والرسول صلى الله عليه وسلم قد قدم قبلهما للحج، وكلاهما قال: أحرمت بما أحرم به رسولك، فلبوا بما أحرم به الرسول صلى الله عليه وسلم، أما علي فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «بم أهللت؟ قال: بما أهل به رسول الله، فقال: فإن معي الهدي فلا تحل»، فأشركه في هديه؛ لأن معه الهدي؛ ومن ساق الهدي فلا يمكن أن يحل.
    وأما أبو موسى فقال له: اجعلها عمرة، مع أن إحرامه حين أهل بما أهل به رسول الله ينعقد قراناً، لكن أبا موسى لم يكن معه هدي.
    فنأخذ من هذا أن الإنسان يجوز له أن يحرم بما أحرم به غيره، ولكن لا بد أن يعين قبل الطواف؛ ليقع طوافه في نسك معلوم، ولهذا قال المؤلف هنا: «أو نسكه»". انتهى


    ([1]) أخرجه البخاري(4352)، ومسلم (1216).

    ([2]) أخرجه البخاري(1559)، ومسلم (1221).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم