• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: أفضل أنواع النسك
  • رقم الفتوى: 2601
  • تاريخ الإضافة: 17 ذو القعدة 1440
  • السؤال
    ما هو أفضل أنواع النسك في الحج؟ هل هو التمتع أم القران أم الإفراد ؟
  • الاجابة

    في المسألة خلاف، والصحيح من أقوال أهل العلم، أنّه التمتع؛ لأن النبي أمر الصحابة حين فرغوا من الطواف والسعي أن يُحلوا ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي. متفق عليه([1]) .

    فاستدل أهل العلم بهذا على أفضلية التمتع. والله أعلم.

    قال ابن المنذر في الإشراف (3/ 198):  ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليهل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل".

    واختلف أهل العلم أي ذلك أفضل، فاستحب مالك، والشافعي، وأبو ثور؛ الإفراد.
    وكان ابن عمر، وجابر، وعائشة؛ يرون إفراد الحج.
    وكان الثوري، وأصحاب الرأي: يستحبون القران، وذكر إسحاق أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان قارناً.
    وكان أحمد بن حنبل: يرى أن التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل، ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً، واحتج من رأى التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل بقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى، ولجعلتها عمرة".
    ولمّا أباح لهم النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يهلوا بما أحبوا من الإقران والإفراد والتمتع جاز أن يقال: إن النبى -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك؛ كما يقال: رجم النبي-صلى الله عليه وسلم -ماعزاً، وقطع في مجن، والنبي- صلى الله عليه وسلم- لم يحضر رجم ماعز.

     وفي هذا الباب كلام كثير وقد بينته في المختصر الكبير، وكتاب الأوسط. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (3/ 260):  وأجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء، واختلفوا في أفضلها، فاختار إمامنا التمتع، ثم الإفراد، ثم القران.
    وممن روي عنه اختيار التمتع ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وعائشة، والحسن، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وجابر بن زيد، والقاسم، وسالم، وعكرمة. وهو أحد قولي الشافعي.

    وروى المروذي عن أحمد: إن ساق الهدي، فالقران أفضل، وإن لم يسقه فالتمتع أفضل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن حين ساق الهدي ومنع كل من ساق الهدي من الحل حتى ينحر هديه. وذهب الثوري، وأصحاب الرأي إلى اختيار القران؛ لما روى أنس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أهل بهما جميعاً: لبيك عمرة وحجاً، لبيك عمرة وحجاً» . متفق عليه.
    وحديث الصبي بن معبد، حين لبى بهما، ثم أتى عمر فسأله فقال: «هديت لسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -.» وروي عن مروان بن الحكم، قال: كنت جالسا عند عثمان بن عفان، فسمع عليا يلبي بعمرة وحج، فأرسل إليه، فقال: ألم نكن نهينا عن هذا؟ قال: بلى، ولكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يلبي بهما جميعا، فلم أكن أدع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقولك» . رواه سعيد. ولأن القران مبادرة إلى فعل العبادة، وإحرام بالنسكين من الميقات، وفيه زيادة نسك هو الدم، فكان أولى.
    وذهب مالك، وأبو ثور، إلى اختيار الإفراد. وهو ظاهر مذهب الشافعي. وروي ذلك عن عمر، وعثمان، وابن عمر، وجابر، وعائشة، لما روت عائشة، وجابر، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج» . متفق عليهما. وعن ابن عمر وابن عباس مثل ذلك. متفق عليهما. ولأنه يأتي بالحج تاماً من غير احتياج إلى جبر، فكان أولى.
    قال عثمان: ألا إن الحج التام من أهليكم، والعمرة التامة من أهليكم. وقال إبراهيم: إن أبا بكر، وعمر، وابن مسعود، وعائشة، كانوا يجردون الحج.

    ولنا، ما روى ابن عباس، وجابر، وأبو موسى، وعائشة، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه لما طافوا بالبيت، أن يحلوا، ويجعلوها عمرة». فنقلهم من الإفراد والقران إلى المتعة، ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل. وهذه الأحاديث متفق عليها
    ولم يختلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما قدم مكة، أمر أصحابه أن يحلوا، إلا من ساق هدياً، وثبت على إحرامه، وقال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة» . قال جابر: حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ساق البدن معه، وقد أهلوا بالحج مفرداً، فقال لهم: «أحلوا من إحرامكم، بطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم أقيموا حلالاً، حتى إذا كان يوم التروية، فأهلوا بالحج، واجعلوا التي قدمتم بها متعة. فقالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟ فقال: افعلوا ما أمرتكم به، فلولا أني سقت الهدي، لفعلت مثل الذي أمرتكم به» . وفي لفظ: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «قد علمتم أني أتقاكم لله، وأصدقكم، وأبركم، ولولا هديي لحللت كما تحلون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما أهديت. فحللنا، وسمعنا، وأطعنا» ، متفق عليهما. فنقلهم إلى التمتع، وتأسف إذ لم يمكنه ذلك، فدل على فضله.

    ولأن التمتع منصوص عليه في كتاب الله تعالى بقوله: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} [البقرة: 196] دون سائر الأنساك.
    ولأن المتمتع يجتمع له الحج والعمرة في أشهر الحج مع كمالهما، وكمال أفعالهما على وجه اليسر والسهولة، مع زيادة نسك، فكان ذلك أولى.

     فأما القران فإنما يؤتى فيه بأفعال الحج، وتدخل أفعال العمرة فيه، والمفرد فإنما يأتي بالحج وحده، وإن اعتمر بعده من التنعيم، فقد اختلف في إجزائها عن عمرة الإسلام، وكذلك اختلف في إجزاء عمرة القران، ولا خلاف في إجزاء التمتع عن الحج والعمرة جميعاً، فكان أولى.
    فأما حجتهم، فإنما احتجوا بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والجواب عنها من أوجه:...ثم ذكرها. انتهى مختصراً


    ([1]) أخرجه البخاري (1568)، ومسلم (1213).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم