• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: إحرام أهل مكة ومن كان دون الميقات
  • رقم الفتوى: 2622
  • تاريخ الإضافة: 18 ذو القعدة 1440
  • السؤال
    من كان دون الميقات أي لا يمر بميقات من المواقيت التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أقرب إلى مكة منها؛ كأهل جدة مثلاً وأهل مكة، فهل يرجع إلى ميقات حتى يحرم ؟
  • الاجابة

    أخرج الشيخان في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: « وقَّت لنا رسول ﷺ لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجُحْفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يَلَمْلَم، قال: « فهنَّ لهُنَّ، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمن أهله، وكذا كذلك حتى أهل مكة يهلون منها» أخرجه البخاري (1524)، ومسلم (1181).

    فمن كان يقيم في مكان هو أقرب إلى مكة من الميقات- هذا لا يمر في سفره إلى مكة بهذه المواقيت أصلاً، لقربه من مكة، فهو يقيم بين الميقات ومكة - هذا ميقاته نفس مكانه من بيته، لا يلزمه أن يرجع إلى الميقات ثم بعد ذلك يُحرم من هناك، بل ميقاته من البلد الذي هو فيه، حتى أهل مكة يُحرمون من مكة، لكن هذا بالنسبة لأهل مكة في الحج، أما في العمرة فأهل مكة يلزمهم أن يخرجوا إلى أدنى الحل، يحرمون من هناك؛ كما فعلت عائشة رضي الله عنها، فإنها خرجت إلى أدنى الحل وهو التنعيم، فأحرمت من هناك([1])، فمن كان في مكة سواء كان مقيماً أو زائراً وأراد العمرة فلابد أن يخرج إلى الحل ويحرم من هناك. والله أعلم.

    قال ابن  قدامة في المغني (3/ 248): مسألة: قال: (ومن كان منزله دون الميقات، فميقاته من موضعه) يعني إذا كان مسكنه أقرب إلى مكة من الميقات، كان ميقاته مسكنه. هذا قول أكثر أهل العلم. وبه يقول مالك، وطاوس، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

    وعن مجاهد، قال: يهل من مكة. ولا يصح؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث ابن عباس: «فمن كان دونهن، مهله من أهله» . وهذا صريح، والعمل به أولى. انتهى

    وقال (3/ 246):  مسألة: قال: (وأهل مكة إذا أرادوا العمرة، فمن الحل، وإذا أرادوا الحج، فمن مكة) أهل مكة، من كان بها، سواء كان مقيماً بها أو غير مقيم؛ لأن كل من أتى على ميقات كان ميقاتاً له، فكذلك كل من كان بمكة فهي ميقاته للحج؛ وإن أراد العمرة فمن الحل. لا نعلم في هذا خلافاً. ولذلك «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم» . متفق عليه. وكانت بمكة يومئذ، والأصل في هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حتى أهل مكة يهلون منها» يعني للحج.
    وقال أيضا: (ومن كان أهله دون الميقات فمن حيث ينشئ، حتى يأتي ذلك على أهل مكة) . وهذا في الحج.

    فأما في العمرة فميقاتها في حقهم الحل، من أي جوانب الحرم شاء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعمار عائشة من التنعيم، وهو أدنى الحل إلى مكة.
    وقال ابن سيرين: بلغني «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل مكة التنعيم» . وقال ابن عباس: يا أهل مكة، من أتى منكم العمرة، فليجعل بينه وبينها بطن محسر. يعني إذا أحرم بها من ناحية المزدلفة.

    وإنما لزم الإحرام من الحل، ليجمع في النسك بين الحل والحرم، فإنه لو أحرم من الحرم، لما جمع بينهما فيه؛ لأن أفعال العمرة كلها في الحرم، بخلاف الحج، فإنه يفتقر إلى الخروج إلى عرفة، فيجتمع له الحل والحرم، والعمرة بخلاف ذلك. ومن أي الحل أحرم جاز.
    وإنما أعمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة من التنعيم؛ لأنها أقرب الحل إلى مكة. وقد روي عن أحمد، في المكي، كلما تباعد في العمرة فهو أعظم للأجر، هي على قدر تعبها.

    وأما إن أراد المكي الإحرام بالحج، فمن مكة؛ للخبر الذي ذكرنا، ولأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فسخوا الحج، أمرهم فأحرموا من مكة. قال جابر: «أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حللنا، أن نحرم إذا توجهنا من الأبطح» . رواه مسلم. وهذا يدل على أنه لا فرق بين قاطني مكة وبين غيرهم ممن هو بها، كالمتمتع إذا حل، ومن فسخ حجه بها. انتهى باختصار. 


    ([1]) أخرجه البخاري (1556)، ومسلم (1211).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم