• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: قطع شجر الإذحر وما أنبته الآدميون من الحرم
  • رقم الفتوى: 2759
  • تاريخ الإضافة: 6 ذو الحجة 1440
  • السؤال
    ما حكم قطع الإذخر في الحرم؟ وهل على من قطع شجراً من مكة جزاء ؟
  • الاجابة

    الإذخر: نبات له رائحة طيبة استثناه النبي ﷺ من تحريم قطع أشجار مكة؛ لأنهم ينتفعون به، جاء عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح - فتح مكة - «لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا». وقال يوم الفتح - فتح مكة - «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها»، فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر، فإنه لقينهم ولبيوتهم، فقال: «إلا الإذخر» أخرجه البخاري (1349)، ومسلم (1353).

    اتفق العلماء على تحريم قطع أشجار مكة التي لا يستنبتها الآدميون في العادة، وعلى تحريم قطع خلاها - وهو الرطب من عشبها-، واختلفوا فيما يستنبته الآدميون، أي الذي يعمل الآدميون على إنباته ويزرعونه هم بأنفسهم.

     وأما مسألة الجزاء، أي هل على من قطع شيئاً من أشجار مكة جزاء؟ الصحيح في هذه المسألة أنّه لا جزاء عليه، ولكنّه يأثم بفعله هذا، والمسألة محل خلاف.

    قال ابن المنذر في الإشراف (3/ 400):  وأجمع أهل العلم على تحريم قطع شجرها.
    واختلفوا فيما يجب على من قطع شجرة من شجر الحرم، فقال مالك، وأبو ثور: لا يجب عليه إلا الاستغفار.
    وقال الشافعي: من قطع شجرة من شجر الحرم شيئاً، جزاءه حلالاً كان أو محرماً في الشجرة الكبيرة بقرة، وقال: في الخشبة وما أشبهه، فيه قيمته بالغاً ما بلغ دماً كان أو طعاماً.
    وقال أصحاب الرأي: فيها قيمتها، والمحرم والحلال في ذلك سواء فإن بلغ هدياً كان هدياً، وإلا قوم طعاماً فأطعم كل مسكين نصف صاع.

    قال أبو بكر: لا أجد دلالة أوجب فيها في شجر الحرم فرضاً من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، وأقول كما قال مالك: يستغفر الله. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (3/ 320): أجمع أهل العلم على تحريم قطع شجر الحرم، وإباحة أخذ الإذخر، وما أنبته الآدمي من البقول والزروع والرياحين. حكى ذلك ابن المنذر، والأصل فيه ما روينا من حديث ابن عباس. وروى أبو شريح، وأبو هريرة نحوا من حديث ابن عباس، وكلها متفق عليها.

    وفي حديث أبي هريرة: «ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يختلى شوكها، ولا يعضد شجرها» . وفي حديث أبي شريح، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح، قال: «إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً، ولا يعضد بها شجرة» . وروى الأثرم حديث أبي هريرة، في (سننه) ، وفيه: «لا يعضد شجرها، ولا يحتش حشيشها، ولا يصاد صيدها» . فأما ما أنبته الآدمي من الشجر، فقال أبو الخطاب، وابن عقيل: له قلعه من غير ضمان، كالزرع.

    وقال القاضي: ما نبت في الحل، ثم غرس في الحرم، فلا جزاء فيه، وما نبت أصله في الحرم. ففيه الجزاء بكل حال. وقال الشافعي: في شجر الحرم الجزاء بكل حال، أنبته الآدميون، أو نبت بنفسه؛ لعموم قوله - عليه السلام -: «لا يعضد شجرها» . ولأنها شجرة نابتة في الحرم، أشبه ما لم ينبته الآدميون.

    وقال أبو حنيفة: لا جزاء فيما ينبت الآدميون جنسه، كالجوز واللوز والنخل ونحوه، ولا يجب فيما ينبته الآدمي من غيره، كالدوح والسلم والعضاه؛ لأن الحرم يختص تحريمه ما كان وحشياً من الصيد، كذلك الشجر. وقول الخرقي: (وما زرعه الإنسان) يحتمل اختصاصه بالزرع دون الشجر، فيكون كقول الشافعي.

    ويحتمل أن يعم جميع ما يزرع، فيدخل فيه الشجر، ويحتمل أن يريد ما ينبت الآدميون جنسه.

    والأولى الأخذ بعموم الحديث في تحريم الشجر كله، بقوله - عليه السلام -: «لا يعضد شجرها.» إلا ما أنبته الآدمي من جنس شجرهم، بالقياس على ما أنبتوه من الزرع، والأهلي من الحيوان، فإننا إنما أخرجنا من الصيد ما كان أصله إنسياً، دون ما تأنس من الوحشي، كذا هاهنا. انتهى 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم