• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الذكار الطواف
  • رقم الفتوى: 2771
  • تاريخ الإضافة: 5 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    هل يشرع للطواف حول البيت ذكر مخصوص ؟
  • الاجابة

    لم يرد في ذلك حديث صحيح، وكل ما ورد في هذا ضعيف لا يصحّ.

    ومن ذلك حديث يحيى بن عبيد عن أبيه عن عبد الله بن السائب: سمعت رسول الله ﷺ يقول بين الركن اليماني والحجر: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»([1]).

    في سنده عبيد مولى السائب مجهول.

    قال الحافظ في « الإصابة »: « عبيد تابعي ما روى عنه إلا ابنه يحيى».

    وقال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام(4/ 285): والد يحيى هذا لا تعرف حاله، ولا يعرف بغير رواية ابنه يحيى عنه.
    وابنه يحيى أيضاً لا يعرف روى عنه غير ابن جريج، ولكن قد قال فيه النسائي: إنه ثقة، فالله أعلم إن كان كذلك، فإن تعديل غير المعاصر وتجريحه فيه نظر، فاعلم ذلك. انتهى

    وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (3/ 508): ويحيى بن عبيد: وثَّقه النَّسائيُّ وابنُ حِبَّان، وأبوه: وثَّقه ابن حِبَّان، وكلاهما ليس بذاك المشهور. انتهى

    ولكن صحَّ عن عائشة أنها قالت: « إنمّا جُعِل الطواف بالبيت وبالصّفا والمروة لإقامة ذكر الله »([2])، فله أنْ يذكر الله سبحانه وتعالى ويدعوه بما شاء .

    ويجوز فيه أيضاً قراءة القرآن، إذ لم يصحّ دليل في تحريم قراءة القرآن في هذا الموضع، وهو أفضل الذكر، وصح عن بعض الصحابة القراءة فيه.

    قال ابن المنذر في الإشراف (3/ 275): جاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنما جعل الطواف بالبيت وبين
    الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله".
    وروينا عنه أنه قال: "الطواف صلاة، إلا أن الله أحل لكم فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير".
    وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "بين ركن بني جمح والركن الأسود {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
    واختلفوا في قراءة القرآن في الطواف، فكان عطاء يقول: أحب إليّ أن يدع الحديث كله إلا ذكر الله والقرآن.
    وكان مجاهد يعرض عليه القرآن في الطواف.
    وقال ابن المبارك: ليس شيء أفضل من قراءة القرآن في الطواف.
    وكذلك قال الثوري، وقال الشافعي: استحب قراءة القرآن، والقرآن أفضل ما يتكلم به المرء. وكان أبو ثور: يرى القراءة في الطواف، وبه قال أصحاب الرأي: إذا قرأه فيما بينه وبين نفسه.
    وكره الحسن البصري، وعروة بن الزبير، ومالك: قراءه القرآن في الطواف.
    قال أبو بكر: الأول أولى.
    وكان عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف يقولان: في الطواف: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
    وروينا عن عبد الرحمن أنه كان يقول: في الطواف: رب قني شحّ نفسي.
    وروينا عن ابن عمر أنه كان يقول في الطواف: لا إله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير" ثم قال: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار" فقيل له: فقال: أثنيث على ربي، وشهدت شهادة حق، وسألت من خير الدنيا والآخرة.
    وروينا عن عروة بن الزبير أنه كان يقول حول البيت: "اللهم لا إله إلا أنت، أو أنت تحينا بعد ما أمتنا، قال: وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون ذلك. انتهى 

    وقال ابن قدامة في المغني (3/ 343): ولا بأس بقراءة القرآن في الطواف. وبذلك قال عطاء، ومجاهد، والثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

    وعن أحمد أنه يكره. وروي ذلك عن عروة، والحسن، ومالك.

    ولنا، أن عائشة روت، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان يقول في طوافه: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} [البقرة: 201] » . وكان عمر وعبد الرحمن بن عوف يقولان ذلك في الطواف، وهو قرآن، ولأن الطواف صلاة، ولا تكره القراءة في الصلاة. قال ابن المبارك: ليس شيء أفضل من قراءة القرآن.

    ويستحب الدعاء في الطواف، والإكثار من ذكر الله تعالى؛ لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال، ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى. ويستحب أن يدع الحديث، إلا ذكر الله تعالى، أو قراءة القرآن، أو أمرا بمعروف، أو نهياً عن منكر، أو ما لا بد منه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الطواف بالبيت صلاة، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير» . ولا بأس بالشرب في الطواف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب في الطواف. رواه ابن المنذر، وقال: لا أعلم أحداً منع منه. انتهى

    وقال ابن تيمية: ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى ويدعوه بما يُشرع، وإن قرأ القرآن سراً فلا بأس، وليس فيه ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له.

    وكان النبي صلى الله عليه وسلم يختم طوافه بين الركنين بقوله: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} كما كان يختم سائر دعائه بذلك وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة. انتهى من مجموع الفتاوى (26/ 122)


    ([1]) أخرجه أحمد (24/118)، وأبو داود (1892)، وغيرهما.

    ([2]) أخرجه أحمد (41/17)، وأبو داود (1888)، والترمذي (902).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم