• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: متى يقطع الحاج التلبية
  • رقم الفتوى: 2781
  • تاريخ الإضافة: 11 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    متى يقطع الحاج التلبية ؟
  • الاجابة

    إذا بدأ برمي جمرة العقبة، توقف عن التلبية، لما روى الفضل بن عباس عن النبي ﷺ: «أنه لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة»([1])، متفق عليه، وفي رواية عند مسلم قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة»، فالحاج إذا بدأ بالرمي تحول من التلبية إلى التكبير، فيكبِّر.

    وفي المسألة خلاف بين الصحابة والعلماء، ذكر أقوالهم ابن عبد البر في التمهيد(13/ 80)، وقال: "وفيها قول رابع: أن المحرم بالحج يلبي أبداً حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول: عمر وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وميمونة، وبه قال: عطاء بن أبي رباح وطاوس وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي. وهو قول جمهور فقهاء الأمصار وأهل الحديث.

    وممن قال بذلك منهم: سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى والحسن بن حي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وداود بن علي والطبري وأبو عبيد؛ إلا أن هؤلاء اختلفوا في شيء من ذلك، فقال الثوري والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وأبو ثور: يقطعها في أول حصاة يرمي بها من جمرة العقبة.

    وقال أحمد وإسحاق وطائفة من أهل النظر والأثر: لا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة بأسرها..." إلى أن قال: "قال أبو عمر: من اعتبر الآثار المرفوعة في هذا الباب، مثل: حديث محمد بن أبي بكر الثقفي عن أنس، وحديث عمر، وحديث ابن عباس، وغيرها؛ استدل على الإباحة في ذلك، ولهذا اختلف السلف فيه هذا الاختلاف، ولم ينكر بعضهم على بعض، ولمّا كان ذلك مباحاً؛ استحب كل واحد منهم ما ذكرنا عنه ومال إليه، استحباباً لا إيجاباً والله أعلم انتهى باختصار 

    وقال النووي عند شرح حديث الفضل: قوله (لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة) دليل على أنه يستديم التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة غداة يوم النحر، وهذا مذهب الشافعي وسفيان الثوري وأبي حنيفة وأبي ثور، وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار ومن بعدهم، وقال الحسن البصري: يلبي حتى يصلي الصبح يوم عرفة ثم يقطع، وحكي عن علي وابن عمر وعائشة ومالك وجمهور فقهاء المدينة أنه يلبي حتى تزول الشمس يوم عرفة، ولا يلبي بعد الشروع في الوقوف، وقال أحمد وإسحاق وبعض السلف يلبي حتى يفرغ من رمي جمرة العقبة.

    ودليل الشافعي والجمهور هذا الحديث الصحيح مع الأحاديث بعده، ولا حجة للآخرين في مخالفتها فيتعين اتباع السنة.

    وأما قوله في الرواية الأخرى (لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة) فقد يحتج به أحمد وإسحاق لمذهبهما ويجيب الجمهور عنه بأن المراد حتى شرع في الرمي ليجمع بين الروايتين. انتهى من شرح صحيح مسلم (9/ 27).


    ([1]) أخرجه البخاري (1544)، ومسلم (1281).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم