• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: التحلل الأول
  • رقم الفتوى: 2785
  • تاريخ الإضافة: 18 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    متى يكون التحلل الأول في الحج؟
  • الاجابة

    الحج له تحللان من الإحرام، التحلل الأول والتحلل الثاني.

    التحلل الأول يجيز له كل شيء حرم عليه بعد الإحرام إلا النساء، والتحلل الثاني يجيز له كل شيء حتى النساء.

    بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير، وإن لم يذبح على الصحيح، يحلُّ له كل شيء حَرُم عليه بسبب الإحرام إلّا النّساء جِماعاً ومباشرة، فيَحرُم عليه جماع النساء ومباشرتهنَّ، أمّا بقية ما حُرِّم عليه من أجل إحرامه؛ فيَحِل له بعد أن يحلق أو يُقَصِّر.

     وقال البعض: يتحلل بعد رمي جمرة العقبة، وإن لم يحصل منه حلق ولا تقصير، فبمجرد رمي جمرة العقبة يَتحلل التحلل الأول، ولكنّه قول ضعيف مبني على حديث ضعيف.

     ودليلنا قول عائشة: «كنت أُطيِّب النبي ﷺ لإحرامه قبل أن يُحرِم، ولِحِلِّه قبل أن يطوف بالبيت»([1]) متفق عليه، والشاهد منه، أنه لو كان يحل بالرمي فقط، لقالت: ولِحِلِّه قبل أن يَحلق، لكنها قالت: لِحِلِّه قبل أن يطوف بالبيت، فالظاهر والله أعلم والأصح دليلاً، هو أنّه لا يتحلل التحلل الأول إلا بعد الحلق أو التقصير. والله أعلم 

    روى الترمذي (917) حديث عائشة  قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت، بطيب فيه مسك.

    وقال: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يرون: أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة يوم النحر، وذبح، وحلق أو قصر، فقد حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: حل له كل شيء إلا النساء والطيب، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم، وهو قول أهل الكوفة. انتهى

    قال النووي في شرح صحيح مسلم(8/ 99): "وقولها في الرواية الأخرى (ولحله حين حل قبل أن يطوف بالبيت) فيه تصريح بأن التحلل الأول يحصل بعد رمي جمرة العقبة والحلق قبل الطواف، وهذا متفق عليه". انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (3 / 390): فصل: ظاهر كلام الخرقي هاهنا، أن الحل، إنما يحصل بالرمي والحلق معاً.
    وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وقول الشافعي، وأصحاب الرأي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رميتم، وحلقتم، فقد حل لكم كل شيء، إلا النساء» . وترتيب الحل عليهما دليل على حصوله بهما، ولأنهما نسكان يتعقبهما الحل، فكان حاصلاً بهما، كالطواف والسعي في العمرة.

    وعن أحمد: إذا رمى الجمرة، فقد حل، وإذا وطئ بعد جمرة العقبة، فعليه دم. ولم يذكر الحلق. وهذا يدل على أن الحل بدون الحلق. وهذا قول عطاء، ومالك، وأبي ثور. وهو الصحيح، إن شاء الله تعالى؛ لقوله في حديث أم سلمة: «إذا رميتم الجمرة، فقد حل لكم كل شيء، إلا النساء» . وكذلك قال ابن عباس. قال بعض أصحابنا: هذا يبنى على الخلاف في الحلق، هل هو نسك أو لا؟ فإن قلنا: نسك؛ حصل الحل به، وإلا فلا.

    وقال (3 /389): وجملة ذلك أن المحرم، إذا رمى جمرة العقبة، ثم حلق، حل له كل ما كان محظوراً بالإحرام، إلا النساء. هذا الصحيح من مذهب أحمد - رحمه الله -.
    نص عليه، في رواية جماعة، فيبقى ما كان مُحرماً عليه من النساء، من الوطء، والقبلة، واللمس لشهوة، وعقد النكاح، ويحل له ما سواه. هذا قول ابن الزبير، وعائشة، وعلقمة، وسالم، وطاوس، والنخعي، وعبيد الله بن الحسين، وخارجة بن زيد، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وروي أيضاً عن ابن عباس...انتهى

    وقال ابن عثيمين ف يالشرح الممتع (7/ 331): وقوله: «ثم قد حل له كل شيء»، ظاهره أنه لا يحل هذا الحل إلا بعد الرمي والنحر والحلق أو التقصير؛ أي: فعل الثلاثة، والظاهر أن اشتراط النحر غير مراد، وأنه يحل التحلل الأول بدونه، والحكمة من ذلك- والله أعلم- أن النحر لا يجب على كل حاج، فلا يجب على المفرد ولا على القارن والمتمتع إذا عدماه، وظاهر كلامه ـ أيضاً ـ أنه لا يحل بمجرد الرمي، وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم:
    فقال بعض العلماء: إنه يحل بالرمي، أي رمي جمرة العقبة، سواء حلق أم لم يحلق. وهذا رواية عن الإمام أحمد.
    واستدلوا لذلك بأن الإنسان يقطع التلبية إذا شرع في الرمي، وهذا يعني أن نسكه انتهى، ولكن هذا التعليل فيه نظر لأننا نقول إن المعتمر يقطع التلبية إذا شرع في الطواف، ومع ذلك لم يشرع في التحلل، وبأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم تعليق الحل بالرمي فقط. ولكن الذي يظهر لي أنه لا يحل إلا بعد الرمي والحلق وهي الرواية الثانية عن الإمام أحمد؛ لحديث: «إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء»، ولكن الزيادة هذه «حلقتم» في ثبوتها نظر؛ لأن فيها الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف عندهم، ولحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت»، ولو كان يحل بالرمي لقالت: ولحله قبل أن يحلق، فهي ـ رضي الله عنها ـ جعلت الحل ما بين الطواف والذي قبله، والذي قبله هو الرمي والنحر والحلق، لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن معي الهدي فلا أحل حتى أنحر».
    فالاستدلال بحديث عائشة على ظاهره صحيح، ولكن إذا علمنا أن السبب في ذلك أنه حصل خلاف، هل يجوز للمحرم إذا حل التحلل الأول أن يتطيب قبل أن يطوف؟ فأرادت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن تبين جواز التطيب قبل الطواف فيكون سبب اقتصارها على الطواف أنه محل الخلاف؛ وذلك أن الطيب مما يعطي النفس نشوة ورغبة في النكاح، والنكاح ممنوع بعد التحلل الأول، فكره بعض السلف أن يتطيب الإنسان قبل أن يطوف بالبيت، فأرادت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن تبين أن هذه الكراهة لا وجود لها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتطيب قبل أن يطوف. ..انتهى 

    وقال ابن حزم في الإجماع (ص 45): "واتفقوا على أن من طاف طواف الإفاضة يوم النحر أو بعده، وكان قد أكمل مناسك حجه ورمى؛ فقد حل له الصيد، والنساء، والطيب، والمخيط، والنكاح، والإنكاح، وكل ما كان امتنع بالاحرام". انتهى ونقل الإجماع هذا أيضاً ابن عبد البر في التمهيد (19/ 309).


    ([1]) متفق عليه ، البخاري (1539) ومسلم (1189) .

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم