• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم حلق الحاج عند الشروع بالتحلل
  • رقم الفتوى: 2787
  • تاريخ الإضافة: 18 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    ما حكم حلق الحاج بعد رمي جمرة العقبة ؟
  • الاجابة

    حلق شعر الرأس أو تقصيره نسك في الحج والعمرة، أي عبادة من أفعالهما، وحكمه الوجوب على الرجال، وأما المرأة فعليها التقصير فقط ولا يجوز لها الحلق، ومن ترك الحلق أو التقصير في الحج أو العمرة فعليه دم على الصحيح، ويحلق أو يقصر جميع الرأس ولا يجزئ بعضه.

    والحلق أفضل للرجال إلا في عمرة المتمتع، انظر الفتوى رقم (2786).

    فقد دعا النبي ﷺ للمُحَلِّقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة([1])، كما جاء في الحديث المتفق عليه.

    وهذا يدلّ على أن الحلق أفضل من التقصير للرجال.

     والحلق: إزالة الشعر بالكامل، وهو حكم خاص بالرجال، أمّا النِّساء فكما قال النبي ﷺ: « ليس على النساء حلق، وإنّما على النساء التقصير»([2]) ، فتأخذ المرأة بشعرها وتجمعه ثم تقص منه قدر أنملة، أي تقريباً ثلاثة سم فقط من آخره. والله أعلم 

    قال ابن قدامة في المغني (3/ 387): "فصل: والحلق والتقصير نسك في الحج والعمرة، في ظاهر مذهب أحمد، وقول الخرقي، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، والشافعي. وعن أحمد أنه ليس بنسك، وإنما هو إطلاق من محظور كان محرماً عليه بالإحرام، فأطلق فيه عند الحل، كاللباس والطيب وسائر محظورات الإحرام.
    فعلى هذه الرواية لا شيء على تاركه، ويحصل الحل بدونه..."

    إلى أن قال: "والرواية الأولى أصح، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به، فروى ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يكن معه هدي، فليطف بالبيت، وبين الصفا والمروة، وليقصر، وليحلل» . وعن جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحلوا من إحرامكم بطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقصروا» . وأمره يقتضي الوجوب.

    ولأن الله تعالى وصفهم به، بقوله سبحانه: {محلقين رءوسكم ومقصرين} [الفتح: 27] . ولو لم يكن من المناسك لما وصفهم به، كاللبس وقتل الصيد، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترحم على المحلقين ثلاثاً، وعلى المقصرين مرة، ولو لم يكن من المناسك، لما دخله التفضيل، كالمباحات، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فعلوه في جميع حجهم وعمرهم، ولم يخلوا به، ولو لم يكن نسكاً لما داوموا عليه، بل لم يفعلوه إلا نادراً، لأنه لم يكن من عادتهم فيفعلوه عادة، ولا فيه فضل، فيفعلوه لفضله..." انتهى باختصار.

    وقال ابن المنذر في الإشراف (3/ 355): وقد أجمع أهل العلم على أن التقصير يجزئ، إلا شيئاً ذُكر عن الحسن أنه كان يوجب الحلق في أول حجة يحجها الإنسان.
    قال أبو بكر: يجزئ ذلك.

    وقال (3/ 357):  أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الأصلع يمر على رأسه الموسى وقت الحلق، روينا ذلك عن علي، وابن عمر، وبه قال مسروق، وسعيد بن جبير، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
    واختلفوا في قدر ما يجزئ من التقصير، فكان الشافعي، وأبو ثور يقولان: يجزئ ثلاث شعرات فصاعداً.
    وقال أصحاب الرأي: يجزيه أن يقصر من رأسه النصف، فإن قصر أقل من النصف يجزيه، ولا يجب عليه أن يفعل.
    وقيل لابن القاسم: قصر بعض شعره وأبقى بعضه؟ قال: لا يجزيه في قول مالك.

    وقال (3/ 358- 360): باب من نسي الحلق حتى مضت أيام مني، ومن نسي الحلق أو تركه حتى رجع إلى بلده، وتقصير المرأة وقدر ما تقصر من رأسها
    واختلفوا فيمن نسى الحلق حتى مضت أيام مني، فقال أبو ثور، ويعقوب، ومحمد: لا شيء عليه وهو يشبه مذهب الشافعي.
    وقال أحمد: إن جاء بدم فلا بأس، وإن لم يجيء فأرجو أن لا يكون عليه شيء.
    وقال النعمان: عليه دم، ويحلق أو يقصر.
    قال أبو بكر: لا شيء عليه.
    واختلفوا فيمن نسي الحلق أو تركه حتى جاء بلده، فقال عطاء: لا شيء عليه، وبه قال أبو ثور، ويعقوب، وحكى أبو ثور ذلك عن الشافعي، وكذلك قال أحمد: إذا حلق خارج الحرم.

    وأوجب عليه الثوري، وإسحاق بن راهويه، والنعمان، ومحمد: دماً وكذلك قال مالك فيمن نسي الحلق حتى يرجع إلى بلده؛ أنه يحلق وعليه الهدي.
    قال أبو يكر: لا شيء عليه.
    وقد روينا عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس على النساء حلق، إنما عليهن التقصير".
    وأجمع أهل العلم على القول به، [في محفوظ ذلك](3) عن ابن عمر، وعطاء، وعمرة، وحفصة بنت سيرين، وعطاء الخرساني،
     ومالك، والثوري، وسائر أهل الكوفة من أصحاب الرأي، وغيرهم، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وسائر أهل العلم.
    ورأت جماعة: أن حلقها رأسها من المثلة.
    واختلفوا في قدر ما تقصر من رأسها، فكان ابن عمر، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور يقولون: تقصر من رأسها من كل قرن مثل الأنملة.
    وذكر ابن الحسن قول ابن عمر هذا.
    وروينا عن عطاء أنه قال: تأخذ قدر ثلاث أصابع مقبوضة، أو أربع أصابع.
    وعن النخعي أنه قال: قدر مفصلين.
    وقال قتادة: تقصر الثلث أو الربع.

    وقالت حفصة بنت سيرين: المرأة التي قعدت تأخذ نحو الربع، وفي السبّابة أشارت بأنملتها تأخذ وتقلل.
    وقال مالك: تأخذ من جميع قرون رأسها، وما أخذت من ذلك فهو يكفيها، ولا يجزئ عنده أن تأخذ من بعض القرون وتبقى بعضاً.
    قال أبو بكر: يجزئ ما وقع عليه اسم تقصير، والأحوط: أن تأخذ من جميع القرون قدر أنملة. انتهى


    ([1]) أخرجه البخاري (1728)، ومسلم (1302).

    ([2]) أخرجه أبو داود (1984)، والدارمي (1946)، وغيرهما

    ([3]) كذا في المطبوع.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم