• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: أعمال الحج يوم النحر وحكم ترتيبها
  • رقم الفتوى: 2788
  • تاريخ الإضافة: 19 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    ما هي أعمال الحج في يوم النحر؟ وما هو ترتيبها الصحيح ؟ وهل يجوز التقديم والتأخير فيها ؟
  • الاجابة

    أعمال يوم النحر أربعة:

    الأول: رمي جمرة العقبة.

    الثاني: نحر الهَدي.

    الثالث: حلق الرأس أو تقصيره.

    الرابع : الطواف بالبيت.

    ومن أجل أن تحفظها اختصرها في جملة (رن حط) ر: الرمي، ون: النحر، وح: الحلق، وط: الطواف. 

    فهذه الأعمال الأربعة التي تُعمل يوم النحر، مرتبة على الترتيب الذي ذكرناه، هذه السنة؛ لكن إذا قدَّم أو أخر أحد الأعمال على الآخر متعمداً أو ناسياً أو جاهلاً؛ جاز؛ لأن النبي ﷺ عندما سُئل عن التقديم والتأخير، قال: «افعل ولا حرج»([1]) ، لكنّ السنة - كما ذكرنا - أن تُرَتب على النحو الذي ذكرناه، لكن إن حصل من شخص نسيان أو جهل فقَدَّم أو أخر، فلا حرج عليه ، وقد قيد بعض أهل العلم الجواز هنا بالنسيان أو الجهل، وأطلقه البعض، فقال: يجوز التقديم والتأخير في أعمال يوم النحر للجميع، وهو الصحيح إن شاء الله. والله أعلم 

    أخرج البغوي في شرح السنة (7/ 213) حديث ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى، فيقول: «لا حرج»، فسأله رجل، فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: «اذبح ولا حرج»، قال: رميت بعدما أمسيت؟ فقال: «لا حرج».
    فقال: "هذا حديث صحيح. ترتيب أعمال يوم النحر سنة، وهو أن يرمي، ثم يذبح، ثم يحلق، ثم يطوف، فلو قدم منها نسكاً على نسك، لا شيء عليه عند أكثر أهل العلم، وإليه ذهب مجاهد، وطاوس، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق". انتهى

    وقال الترمذي (916): "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وهو قول أحمد، وإسحاق.
    وقال بعض أهل العلم: إذا قدم نسكاً قبل نسك فعليه دم". انتهى

    قال أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار (4/ 394- ح242): ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في حجته رمى الجمرة يوم النحر، ثم نحر بدنه، ثم حلق رأسه.
    وأجمع العلماء أن هذه سنة الحاج: أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر، ثم ينحر هدياً إن كان معه، ثم يحلق رأسه، فمن شاء قدم شيئاً من ذلك عن رتبته، فللعلماء في ذلك ما أصفه إن شاء الله.
    قال مالك: من حلق قبل أن يرمي جمرة العقبة؛ فعليه الفدية.
    قال أبو عمر: لأنه حرام عليه أن يمس من شعره شيئاً، أو يلبس، أو يمس طيباً، حتى يرمي جمرة العقبة، وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على من حلق رأسه قبل محله من ضرورة بالفدية، فكيف من غير ضرورة؟
    وقال ابن القاسم: وقال مالك: من حلق قبل أن يذبح فلا شيء عليه. قال : وكذلك إن ذبح قبل أن يرمي يجزئه، ولا شيء عليه؛ لأن الهدي قد بلغ محله، وذلك يوم النحر، كما لو نحر المعتمر بمكة هدياً ساقه قبل أن يطوف بعمرته.
    وقال ابن عبد الحكم عن مالك فيمن طاف طواف الإفاضة قبل أن يرمي الجمرة يوم النحر: أنه يرمي ثم يحلق رأسه ثم يعيد الطواف.
    قال: ومن رمى ثم طاف قبل الحلاق حلق رأسه وأعاد الطواف.
    قال أبو عمر: روي عن إبراهيم وجابر بن زيد مثل قول مالك في إيجاب الفدية على من حلق قبل أن يرمي وهو قول الكوفيين.
    وقال الشافعي وأبو ثور وأحمد بن حنبل وإسحاق وداود والطبري: لا شيء على من حلق قبل أن يرمي، ولا على من قدم شيئاً أو أخره من رمي أو نحر أو حلاق أو طواف ساهياً - مما يفعل يوم النحر.
    وحجتهم حديث عبد الله بن عمرو المذكور في أول هذا الباب؛ قوله: فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج".
    وحديث عطاء عن ابن عباس: أن النبي عليه السلام سئل يوم النحر عن رجل حلق قبل أن يذبح أو ذبح قبل أن يرمي أو أشباه هذا، فأكثروا في التقديم والتأخير، فما سئل عن شيء من هذا إلا قال: "لا حرج لا حرج".
    وقال عطاء: من قدم نسكاً على نسك فلا حرج.
    وروي ذلك عن سعيد بن جبير وطاوس ومجاهد وعكرمة وقتادة.
    وأما اختلافهم فيمن حلق قبل أن يذبح؛ فجمهور العلماء على أنه لا شيء عليه.
    كذلك قال عطاء وطاوس وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن وقتادة.
    وهو قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وداود وإسحاق والطبري.
    وقال النخعي: من حلق قبل أن ينحر أهراق دماً. وبه قال أبو حنيفة، قال: وإن كان قارناً فعليه دمان دم للقران ودم للحلاق.
    وقال زفر: عليه ثلاثة دماء للقران، ودمان للحلاق قبل النحر.
    وقال جابر بن زيد: من حلق قبل أن ينحر عليه الفدية.
    قال أبو عمر: لا أعلم خلافاً فيمن نحر قبل أن يرمي أنه لا شيء عليه. وذلك -والله أعلم- لأن الهدي قد بلغ محله، ولأنه منصوص عليه في الحديث: نحرت قبل أرمي؟ فقال رسول الله: "ارم ولا حرج".

    قال أبو عمر: روى ابن عيينة عن الزهري عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو حديث هذا الباب، فلم يقل فيه: لم أشعر.
    وقد ذكره مالك، وهي لفظة فيها من الفقه: أن الرجل فعل ذلك ساهياً، فقيل له: "لا حرج".
    وقد جاء معمر بمعنى هذه اللفظة في معنى هذا الحديث، فقال فيه بإسناده عن عبد الله بن عمرو قال: رأيت رسول الله واقفاً على راحلته بمنى، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله، إني كنت أرى أن الذبح قبل الرمي فذبحت؟ قال: "ارم ولا حرج". فما سئل عن شيء قدمه رجل قبل شيء إلا قال: "افعل ولا حرج".
    قال أبو عمر: ولا أعلم لأهل العلم جواباً في المُتعمِّد في ذلك، ولو كان مخالفاً للجاهل والساهي لفرقوا بينه في أجوبتهم وفي كتبهم. والله أعلم
    إلا أن ابن عباس روي عنه أنه قال: من قدم من نسكه شيئاً أو أخره فليهرق لذلك دماً، ولم يفرق بين ساه ولا عامد، وليست الرواية عنه بذلك بالقوية.
    وعن سعيد بن جبير وقتادة مثل ذلك.
    وقد ذكرنا مذهبهم فيمن قدم الإفاضة قبل الرمي والحلق: أنه تلزمه إعادة الطواف.
    وقال الشافعي ومن تابعه: لا إعادة في الطواف.
    وقال الأوزاعي: إن من طاف للإفاضة قبل أن يرمي جمرة العقبة، ثم واقع أهله؛ أهراق دماً.
    وقد ذكرنا هذه المسألة، وما كان مثلها، في موضعها من كتابنا هذا والحمد لله. انتهى 


    ([1]) أخرجه البخاري (124)، ومسلم (1306).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم