• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: النيابة في الرمي
  • رقم الفتوى: 2791
  • تاريخ الإضافة: 19 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    هل تجوز النيابة عن ذوي الأعذار في رمي الجمرات ؟ وما حكم من يستنيب في رميها وهو قادر على ذلك ؟
  • الاجابة

    خلاصة الفتوى لا يجوز التوكيل في رمي الجمرات للقادر، ويجوز لغير القادر العاجز عنه؛ كالمريض والمرأة الحامل والشيخ الكبير العاجز والصغير الذي لا يقدر على الرمي. والله أعلم

    قال ابن المنذر في الإجماع (ص 59): وأجمعوا على أن على الصبي الذي لا يطيق الرمي أنه يُرمى عنه. انتهى

    وقال في الإشراف (3/ 329): واختلفوا في رمي المريض والرمي عنه، فقال النخعي: يوضع الحصى في يده فإن استطاع أن يرمي رمى بها، وإن لم يستطع رمي بها من كفه.
    وقال أصحاب الرأي: يوضع الحصى في كفه، ثم يرمى به، وإن رمي به عنه أجزأه.
    قال أبو بكر: يوضع الحصى في يده ليرمي، فإن لم يقدر فأمر من يرمي عنه أجزأه.
    وقال الحسن، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: يرمي عن المريض.
    وقال مالك: يرمي عن المريض والصبي، ويتحرى المريض حين رمى يكبّر سبع تكبيرات لكل جمرة وعليه الهدي.

    فأما الصبي الذي لا يقدر على الرمي فكل من حفظت عنه من أهل العلم يرى الرمي عنه، وكان ابن عمر يفعل ذلك، وبه قال عطاء، والزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (3/ 427): فصل: إذا كان الرجل مريضاً، أو محبوساً، أو له عذر، جاز أن يستنيب من يرمي عنه. قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: إذا رمي عنه الجمار، يشهد هو ذاك أو يكون في رحله؟ قال: يعجبني أن يشهد ذاك إن قدر حين يرمى عنه. قلت: فإن ضعف عن ذلك، أيكون في رحله ويرمي عنه؟ قال: نعم.
    قال القاضي: المستحب أن يضع الحصى في يد النائب، ليكون له عمل في الرمي. وإن أغمي على المستنيب، لم تنقطع النيابة، وللنائب الرمي عنه، كما لو استنابه في الحج ثم أغمي عليه.

    وبما ذكرنا في هذه المسألة قال الشافعي، ونحوه قال مالك، إلا أنه قال: يتحرى المريض حين رميهم، فيكبر سبع تكبيرات. انتهى

    وقال ابن عثيمين رحمه الله: أولاً وقبل أن أجيب على هذا السؤال، أود أن أنبه على مسألة التوكيل في الرمي، فإن الناس استهانوا بها استهانة عظيمة، حتى صارت عندهم بمنزلة الشيء الذي لا يؤبه له، ورمي الجمرات أحد واجبات الحج التي يجب على من تلبس بالحج أن يقوم بها بنفسه؛ لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ) وهذا الأمر يقتضي للإنسان أن يتم جميع أفعال الحج بدون أن يوكل فيها أحداً، ولكن مع الأسف الشديد أن بعض الناس صار يتهاون في هذا الأمر، حتى إنك تجد الرجل الجلد الشاب يوكل من يرمي عنه، أو المرأة التي تستطيع أن ترمي بنفسها توكل من يرمي عنها، وهذا خطأ عظيم، وإذا وكل الإنسان أحداً يرمي له وهو قادر على الرمي فإنه لا يجزئه.
    يقول بعض الناس: إن النساء يحتجن إلى التوكيل من أجل الزحام، والاختلاط بالرجال.
    فنقول: هذا لا يبيح لهن التوكيل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأذن لسودة بنت زمعة- رضي الله عنها- إحدى نسائه وكانت ثقيلة، لم يأذن لها أن توكل، بل أذن لها أن تدفع من مزدلفة في آخر الليل قبل زحمة الناس، ولو كان التوكيل جائزًا لأمرها أن تبقى في مزدلفة حتى تصلي الفجر ثم تتبعه وتوكل على الرمي لو كان التوكيل جائزاً، ثم نقول: مسألة الزحام واردة حتى في الطواف وفي السعي، بل هي في الطواف والسعي أخطر وأعظم؛ لأن الناس في الرمي ليس اتجاههم واحداً، فهذا يأتي، وهذا يذهب، ثم إنهم يكونون على وجه عجل ليس فيه وقوف ولا تأمل، بخلاف الطواف
    فإنه اتجاههم واحدًا، ويكون مشيهم رويداً رويداً فالفتنة فيه أخطر، ومع ذلك ما قال أحد: إن المرأة مع الزحام في الطواف توكل من يطوف عنها، وعلى هذا فيجب على الحاج أن يرمي بنفسه، فإن كان عاجزاً كامرأة حامل، أو مريض، أو شيخ كبير لا يستطيع؛ فإنه يوكل في هذه الحال، ولولا أنه روي عن الصحابة- رضي الله عنهم- أنهم كانوا يرمون عن الصبيان، لقلنا: إنه إذا كان عاجزاً لا
    يوكل، بل يسقط عنه، لأن الواجبات تسقط بالعجز، لكن لما جاء التوكيل في أصل الحج لمن كان عاجزاً عجزاً لا يرجى زواله، وروي عن الصحابة- رضي الله عنهم- إن كانوا يرمون عن الصبيان ، قلنا: بجواز التوكيل في الرمي لمن كان عاجزاً عنه، وأما من يشق عليه الرمي من الزحام، فإن ذلك ليس عذراً له في التوكيل، بل
    نقول له: ارم بنفسك في النهار إن كنت تستطيع المزاحمة، وإن كانت المزاحمة تشق عليك فارم في الليل، فإن الأمر في ذلك واسع، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام وقت في أيام التشريق أول الرمي ولم يوقت آخره فدل على أنه آخره يمتد إلى الفجر فيرمي الإنسان حسب ما تيسر له ولو في الليل، والذين أذن لهم الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل كانوا يرمون إذا وصلوا كما روي عن أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنها- أنها كانت ترمي ثم تصلي الفجر، وهذا دليل على أن الأمر في ذلك واسع، فما حدده الشرع التزمناه، وما أطلقه فإن هذا من سعة الله سبحانه وتعالى وكرمه.

     نعم لو فرض أن الإنسان بعيد منزله ويشق عليه أن يتردد كل يوم إلى الجمرات فله أن يجمع ذلك إلى آخر يوم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن لرعاة الإبل أن يرموا يوماً، ويدعو يوماً، ثم يرموا في اليوم الثالث لليومين، فإذا قدر أن من الناس من منزله بعيد ويشق عليه أن يأتي كل يوم، فله أن يجمع، وأما مع عدم المشقة فلا يجوز له أن يؤخر رمي كل يوم إلى اليوم الذي يليه.

    وأما الإجابة عن السؤال وهو: هل يجوز أن يتوكل من ليس بمحرم في رمي الجمرات؟ فإن الفقهاء- رحمهم الله- قالوا: لا يصح أن يوكل إلا من حج ذلك العام، والله الموفق. انتهى من مجموع الفتاوى (23/ 102).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم