• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم السعي بين الصفا والمروة
  • رقم الفتوى: 2794
  • تاريخ الإضافة: 27 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    ما حكم السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة؟ وماذا على من تركه عمداً أو نسياناً؟
  • الاجابة

    خلاصة الفتوى: السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة مستحب، ومن تركه فلا شيء عليه على الصحيح، سواء تركه عمداً أو نسياناً، ولا ينصح بتركه، ولو ذبح إذا تركه لكان أفضل. انتهى

    وأما التفصيل؛ فاختلف أهل العلم من السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم، في حكم السعي بين الصفا والمروة على ثلاثة أقوال: القول الأول: قالوا: السعي بين الصفا والمروة مستحب في الحج والعمرة، والقول الثاني: واجب، والقول الثالث: ركن. وهي ثلاث روايات عن الإمام أحمد.

    وكلها أقوال قوية، وأقربها عندي الاستحباب، والقول بالوجوب قريب؛ لقول الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}. وأما حديث: «اسعوا، فإن الله عز وجل كتب عليكم السعي» فضعيف لا يصح. والله أعلم 

    قال النووي في المجموع (8/ 77): في مذاهب العلماء في حكم السعي: مذهبنا أنه ركن من أركان الحج والعمرة، لا يتم واحد منهما إلا به، ولا يجبر بدم، ولو بقي منه خطوة لم يتم حجه ولم يتحلل من إحرامه. وبه قالت عائشة ومالك واسحاق وأبو ثور وداود وأحمد في رواية.
    وقال أبو حنيفة: هو واجب ليس بركن، بل ينوب عنه.
    وقال أحمد في رواية: ليس هو بركن، ولا دم في تركه. والأصح عنه أنه واجب ليس بركن فيجبر بالدم.

    وقال ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وابن الزبير وأنس وابن سيرين: هو تطوع ليس بركن ولا واجب، ولادم في تركه.

    وحكى ابن المنذر عن الحسن وقتادة والثوري: أنه يجب فيه الدم، وعن طاوس أنه قال: من ترك من السعي أربعة أشواط لزمه دم، وإن ترك دونها لزمه لكل شوط نصف صاع، وليس هو بركن. وهو مذهب أبي حنيفة.
    وعن عطاء رواية: أنه تطوع لا شيء في تركه، ورواية: فيه الدم.

    قال ابن المنذر: إن ثبت حديث بنت أبي تجراة الذي قدمناه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" فهو ركن، قال الشافعي: وإلا فهو تطوع. قال: وحديثها رواه عبد الله بن المؤمل وقد تكلموا فيه. انتهى 

    وقال ابن تيمية في شرح العمدة (2/ 632): وقد اختلفت الرواية عن أحمد فيه ؛ فروي عنه: أنه ركن لا يتم الحج والعمرة إلا به، قال - في رواية الأثرم - فيمن انصرف، ولم يسع: يرجع فيسعى وإلا فلا حج له.
    وقال - في رواية ابن منصور - إذا بدأ بالصفا والمروة يرجع قبل البيت لا يجزئه.
    وقال - في رواية أبي طالب - في معتمر طاف فواقع أهله قبل أن يسعى: فسدت عمرته وعليه مكانها، ولو طاف وسعى ثم وطئ قبل أن يحلق أو يقصر فعليه دم، إنما العمرة الطواف والسعي والحلاق.
    وروي عنه: أنه سنة، قال - في رواية أبي طالب -: فيمن نسي السعي بين الصفا والمروة، أو تركه عامداً، فلا ينبغي له أن يتركه، وأرجو أن لا يكون عليه شيء.
    وقال - في رواية الميموني -: السعي بين الصفا والمروة تطوع، والحاج والقارن والمتمتع عند عطاء واحد إذا طافوا ولم يسعوا.
    وقال - في رواية حرب - فيمن نسي السعي بين الصفا والمروة حتى أتى منزله لا شيء عليه.
    وقال القاضي في المجرد ... وغيره: هذا واجب يجبره دم، هذا هو الذي ذكره الشيخ في كتابه. 

    فمن قال: إنه تطوع احتج بقوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم} [البقرة: 158] فأخبر أنهما من شعائر الله، وهذا يقتضي أن الطواف بهما مشروع مسنون، دون زيادة على ذلك، إذ لو أراد زيادة لأمر بالطواف بهما كما قال: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام} [البقرة: 198] ثم قال: {فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: 158]، ورفع الجناح وإن كان لإزالة الشبهة التي عرضت لهم في الطواف بهما - كما سيأتي إن شاء الله -: فإن هذه الصيغة تقتضي إباحة الطواف بهما. وكونهما من شعائر الله يقتضي استحباب ذلك. فعلم أن الكلام خرج مخرج الندب إلى الطواف بهما، وإماطة الشبهة العارضة. فأما زيادة على ذلك: فلا. ثم قال تعالى: {ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم} [البقرة: 158] وإذا ندب الله إلى أمر وحسنه، ثم ختم ذلك بالترغيب في التطوع، كان دليلاً على أنه تطوع، وإلا لم يكن بين فاتحة الآية وخاتمتها نسبة.
    وعن عطاء عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: (أن لا يطوف بهما).
    وعن عطاء في قراءة ابن مسعود، أو في مصحف ابن مسعود، (أن لا يطوف بهما) رواهما أحمد في الناسخ والمنسوخ.وعن أنس قال: «كانت الأنصار يكرهون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، حتى نزلت: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: 158]» متفق عليه، لفظ مسلم، ولفظ البخاري: عن عاصم بن سليمان قال: " سألت أنس بن مالك عن الصفا والمروة؟ قال: كنا نرى من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: 158]، فذكر إلى " بهما ".
    فهذا أنس بن مالك: قد علم سبب نزول الآية، وقد كان يقول: " إنه تطوع " فعلم أنه فهم من الآية أنها خرجت مخرج الندب والترغيب في التطوع. انتهى 

    وذكر أدلة القائلين بالركنية والوجوب. والله أعلم  

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم