• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: إسبال الثوب
  • رقم الفتوى: 2981
  • تاريخ الإضافة: 11 صَفَر 1441
  • السؤال
    ما حكم إسبال الثوب؟
  • الاجابة

    الإسبال، هو أن يرخي أو يطيل إزاره أو ثوبه أو سراويله حتى يجاوز الكعبين، قال أهل العلم: : المسبل: الذي يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى. وخلاصة الفتوى: أن جر الإزار أو الثوب أو القميص أو السراويل للخيلاء - أي تكبراً- كبيرة من كبائر الذنوب، ولغير الخيلاء مكروه كراهة تنزيهية. هذا الحكم خاص بالرجال، وأما المرأة فتطيل حتى تغطي قدميها، وجر ثوبها أفضل لها وأستر. والله أعلم

    وقد وردت فيه أحاديث تحرمه وأخرى تجيزه، منها: حديث أبي هريرة: عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ»(1). ومنها: حديث ابن عمر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي، إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلاَءَ»(2)، ومنها: حديث أبي بكرة  قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى المَسْجِدِ وَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، فَانْجَلَتِ الشَّمْسُ...الحديث (3)، ومنها: حديث أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل من ذلك ففي النار، ما أسفل من ذلك ففي النار، لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً» (4)

    هذه الأحاديث وغيرها بعضها جاء مطلقاً من غير تقييد بالخيلاء، وبعضها جاء مقيداً بالخيلاء، وبعضها مانعاً وبعضها مبيحاً، فاختلف أهل العلم في طريقة الجمع بينها، وأصح الأقوال في المسألة أن جر الثوب سواء كان إزاراً أو غيره للخيلاء كبيرة من كبائر الذنوب، نقل البعض الإجماع على ذلك، ولغير الخيلاء مكروه كراهة تنزيهية، عزا هذا القول البعض للجمهور.

    أقوال العلماء في المسألة:

    سيأتي قول الإمام الشافعي في كلام النووي.

    وفي مسائل الإمام أحمد وإسحاق للكوسج(3349): قلت: جر الإزار وإسبال الثوب في الصلاة؟
    قال -أي الإمام أحمد-: إذا لم يرد به الخيلاء فلا بأس به. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من جر ثوبه من الخيلاء". قال إسحاق: كما قال. انتهى

    وبوب الإمام البخاري في صحيحه على التفريق بين جره للخيلاء ولغير الخيلاء(5).

    قال بدر الدين الحنفي في شرحه لتبويب البخاري (21/ 295):

    (باب من جر إزاره من غير خيلاء) أي: هذا باب في بيان حكم من جر إزاره من غير قصد التخييل، فإنه لا بأس به من غير كراهة، وكذلك يجوز لدفع ضرر يحصل له، كأن يكون تحت كعبيه جراح أو حكة أو نحو ذلك، إن لم يغطها تؤذيه الهوام كالذباب ونحوه بالجلوس عليها، ولا يجد ما يسترها به إلا إزاره أو ردائه أو قميصه، وهذا كما يجوز كشف العورة للتداوي وغير ذلك من الأسباب المبيحة للترخص. وقال شيخنا زين الدين: وأما جوازه لغير ضرورة لا لقصد الخيلاء، فقال النووي: إنه مكروه وليس بحرام، وحكي عن نص الشافعي، رضي الله عنه التفرقة بين وجود الخيلاء وعدمه، وهذه الترجمة سقطت لابن بطال رحمه الله. انتهى

     وقال ابن قدامة في المغني (1/ 418): ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر برفع الإزار. فإن فعل ذلك على وجه الخيلاء حرم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه» . متفق عليه.
    وروى أبو داود عن ابن مسعود، قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله جل ذكره في حل ولا حرام». انتهى

    وقال النووي في المجموع (4/ 454): "يحرم إطالة الثوب والإزار والسراويل على الكعبين للخيلاء، ويكره لغير الخيلاء، نص عليه الشافعي في البويطي، وصرح به الأصحاب، وقد بيناه في باب ستر العورة، ويستدل له بالأحاديث الصحيحة المشهورة..." فذكر الأحاديث، وقال: "للمرأة إرسال الثوب على الأرض لحديث ابن عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال:" ترخين شيراً" قالت: إذاً تنكشف أقدامهن؟ قال: فترخينه ذراعاً، لا تزدن عليه " رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن". انتهى

    وقال في شرح صحيح مسلم (14 /62): وذكرنا هناك-أي في كتاب الإيمان- الحديث الصحيح: أن الإسبال يكون في الإزار والقميص والعمامة، وأنه لايجوز إسباله تحت الكعبين إن كان للخيلاء، فإن كان لغيرها فهو مكروه. وظواهر الأحاديث في تقييدها بالجر خيلاء تدل على أن التحريم مخصوص بالخيلاء، وهكذا نص الشافعى على الفرق كماذكرنا. وأجمع العلماء على جواز الإسبال للنساء، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الإذن لهن في إرخاء ذيولهن ذراعاً. والله أعلم. وأما القدر المستحب فيما ينزل إليه طرف القميص والإزار فنصف الساقين، كما فى حديث ابن عمر المذكور، وفي حديث أبي سعيد: إزارة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لاجناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل من ذلك فهو في النار، فالمستحب نصف الساقين، والجائز بلا كراهة ماتحته إلى الكعبين، فما نزل عن الكعبين فهو ممنوع، فإن كان للخيلاء فهو ممنوع منع تحريم، والا فمنع تنزيه. وأما الأحاديث المطلقة بأن ماتحت الكعبين في النار؛ فالمراد بها ما كان للخيلاء؛ لأنه مطلق فوجب حمله على المقيد. والله أعلم. قال القاضي: قال العلماء: وبالجملة يكره كل مازاد على الحاجة والمعتاد في اللباس من الطول والسعة. والله أعلم. انتهى

    وانظر توضيح الأحكام للبسام (7/ 313)


    (1) أخرجه البخاري (5787).

    (2) أخرجه البخاري (3665)، ومسلم (4085).

    (3) أخرجه البخاري (1063).

    (4) أخرجه مالك في الموطأ (2/ 914)، وأحمد (11010)، وأبو داود (4093)، وغيرهم.

    (5) أول حديث في الباب برقم (5783 ).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم