• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الصلاة في الثوب المغصوب والحرير
  • رقم الفتوى: 2982
  • تاريخ الإضافة: 11 صَفَر 1441
  • السؤال
    ما حكم الصلاة في ثوب حرير؟ وكذلك الثوب المغصوب والأرض المغصوبة ؟
  • الاجابة

    لبس ثوب الحرير محرم على الذكور خاصة إلا من عذر، وكذلك الغصب، ومن فعل ذلك في الصلاة أو خارجها فهو آثم، وعليه رد المغصوب إلى صاحبه، والتوبة، والصلاة صحيحة في الثوب الحرير والثوب المغصوب والأرض المغصوبة في قول أكثر أهل العلم. والله أعلم.

    أقوال أهل العلم في المسألة وذكر الأدلة:

    قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 67): ذكر الصلاة في الحرير
    وذكر بإسناده عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها»
    وقد اختلف فيمن يصلي في ثياب الحرير، فقالت طائفة: تكره الصلاة فيها، «ولا إعادة على من صلى في الحرير»، كذلك قال الشافعي، وأبو ثور، وقال عبد الرحمن بن القاسم فيمن صلى في ثوب حرير: «يعيد مادام في الوقت إذا وجد ثوباً غيره»، قال: «وكذلك بلغني عن مالك في الثوب الحرير؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير».
    وقال آخر: إذا صلى في ذهب أو حرير وهو يعلم أن ذلك غير جائز بطلت صلاته، وذكر حديث أبي موسى.

    قال أبو بكر -ابن المنذر-: " لا يجوز لبس ثياب الحرير بحال، إلا لعلة تكون بالإنسان، ينفعه لبس ثياب الحرير لتلك العلة، فإن صلى مصل في ثياب الحرير لغير علة كان عاصياً، ولا إعادة عليه للصلاة؛ لأني لا أعلم حجة توجب عليه إعادة الصلاة.

    وذكر بإسناده عن أنس، قال: «رخص لعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام في الحرير»
    قال أبو بكر: يقال: إن ذلك لعلة كانت بهما. انتهى 

    وقال النووي في المجموع (3/ 180): قد ذكرنا أن مذهبنا صحة الصلاة في ثوب حرير، وثوب مغصوب، وعليهما، وبه قال جمهور العلماء، وقال أحمد في أصح الروايتين: لا يصح، وقد يحتج لهم بما رواه أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: من اشترى ثوباً بعشرة دراهم، وفيه درهم حرام؛ لم تقبل له صلاة مادام عليه" ثم أدخل أصبعه في أذنيه، وقال: صمتا إن لم أكن سمعت النبي صلى الله عليه يقوله. وهذا الحديث ضعيف في رواته رجل مجهول، ودليلنا ما سبق في مسألة الصلاة في الدار المغصوبة. والله أعلم

    وقال (3/ 164): الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع، وصحيحة عندنا وعند الجمهور من الفقهاء وأصحاب الأصول، وقال أحمد بن حنبل والجبائي وغيره من المعتزلة: باطلة، واستدل عليهم الأصوليون بإجماع من قبلهم...انتهى

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (2/ 248):  قوله: «ومغصوب»، أي: ولا تصح الصلاة في مغصوب، والمغصوب: كل ما أخذ من مالكه قهراً بغير حق، سواء أخذ بصورة عقد أو بدون صورة عقد.
    فمثلاً: لو جاء إنسان لآخر وغصب منه أرضاً وصلى فيها؛ فصلاته لا تصح؛ لأنها مغصوبة.
    ولو جاء إنسان إلى آخر وقال: بعني أرضك، قال: لا أبيعها، قال: بعها وإلا قتلتك، فباعها إكراهاً، وصلى فيها المكره فلا تصح؛ وإن كانت مأخوذة بصورة عقد.
    ولا أعلم دليلاً أثريا يدل على عدم صحة الصلاة في الأرض المغصوبة، لكن القائلين بذلك عللوا بأن الإنسان منهي عن المقام في هذا المكان؛ لأنه ملك غيره، فإذا صلى فصلاته منهي عنها؛ والصلاة المنهي عنها لا تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»، ولأنها مضادة للتعبد، فكيف يتعبد لله بمعصيته؟
    والقول الثاني في المسألة: أنها تصح في المكان المغصوب مع الإثم؛ لأن الصلاة لم ينه عنها في المكان المغصوب، بل نهي عن الغصب، والغصب أمر خارج، فأنت إذا صليت فقد صليت كما أمرت، وإقامتك في المغصوب هي المحرمة.
    وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، فلا دليل فيه على عدم صحة الصلاة في المكان المغصوب إلا لو قال: لا تصلوا في الأرض المغصوبة، فلو قال ذلك لقلنا: إن صليت في مكان مغصوب، فصلاتك باطلة، لكنه قال في النهي عن الغصب: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء: 29]، وهذا يدل على تحريم الغصب لا على بطلان الصلاة في المغصوب. والقول الثاني في هذه المسألة هو الراجح. انتهى 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم