• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم التوجه في الصلاة
  • رقم الفتوى: 3151
  • تاريخ الإضافة: 22 صَفَر 1441
  • السؤال
    ما هو التوجه في الصلاة؟ وهل هو واجب؟
  • الاجابة

     المراد بالتوجّه: دعاء الاستفتاح الذي يكون بعد تكبيرة الإحرام، يقال له التوجّه؛ لأن من الأدعية المذكورة فيه: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ» ([1]).

    وهو سنة مستحب، وليس واجباً .

    وردت فيه أدعية وأذكار مختلفة، إذا صحّ عندك واحد منها فلك أن تستفتح به، فهو من اختلاف التنوع.

    أصحّها ما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة: قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً - قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ: هُنَيَّةً - فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: " أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ »([2]).

    وأما إذا أردت دعاءً قصيراً، فقل: «الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً»([3]) .

    أو «الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه»([4]).

    وأنصح بالتركيز على أحاديث الصحيحين، فهي أصح من غيرها. والله أعلم. هذه خلاصة الفتوى.

    سئل ابن تيمية رحمه الله: في استفتاح الصلاة هل هو واجب؟ أو مستحب؟ وما قول العلماء في ذلك؟
    الجواب: الاستفتاح عقب التكبير مسنون عند جمهور الأئمة، كأبي حنيفة والشافعي وأحمد. كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة: مثل حديث أبي هريرة المتفق عليه في الصحيحين. قال: «قلت: يا رسول الله، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني» وذكر الدعاء. فبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسكت بين التكبير والقراءة سكوتاً يدعو فيه.
    وقد جاء في صفته أنواع، وغالبها في قيام الليل، فمن استفتح بقوله: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك» فقد أحسن، فإنه قد ثبت في صحيح مسلم أن عمر كان يجهر في الصلاة المكتوبة بذلك، وقد روي ذلك في السنن مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    ومن استفتح بقوله: «وجهت وجهي..» إلخ فقد أحسن، فإنه قد ثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستفتح به، وروي أن ذلك كان في الفرض. وروي أنه في قيام الليل، ومن جمع بينهما، فاستفتح: بـ «سبحانك اللهم وبحمدك» إلى آخره. و «وجهت وجهي» ، فقد أحسن. وقد روي في ذلك حديث مرفوع.
    والأول: اختيار أبي حنيفة وأحمد. والثاني: اختيار الشافعي. والثالث: اختيار طائفة من أصحاب أبي حنيفة، ومن أصحاب أحمد. وكل ذلك حسن بمنزلة أنواع التشهدات، وبمنزلة القراءات السبع التي يقرأ الإنسان منها بما اختار.

    وأما كونه واجباً: فمذهب الجمهور أنه مستحب، وليس بواجب. وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وهو المشهور عن أحمد، وفي مذهبه قول آخر يذكره بعضهم رواية عنه أن الاستفتاح واجب، والله أعلم. انتهى مجموع الفتاوى (22/ 403)

    وقال النووي في المجموع (3/ 321): في مذاهب العلماء في الاستفتاح، وما يسنفتح به: أما الاستفتاح فقال باستحبابه جمهور العلماء من الصاحبة والتابعين فمن بعدهم، ولا يعرف من خالف فيه الا مالكاً رحمه الله، فقال: لا يأتي بدعاء الاستفتاح ولا بشيء بين القراءة والتكبير أصلاً؛ بل يقول: الله أكبر، الحمد لله رب العالمين.. إلى آخر الفاتحة.

    وقال: "وأما ما يستفتح به: فقد ذكرنا أنه يستفتح بـ"وجهت وجهي.." إلى آخره، وبه قال علي بن أبي طالب، وقال عمر بن الخطاب وابن مسعود والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه واسحق وداود: يستفتح بـ"سبحانك اللهم.." إلى آخره، ولا يأتي بـ"وجهت وجهي.." وقال أبو يوسف: يجمع بينهما ويبدأ بأيهما شاء، وهو قول أبي إسحق المروزي، والقاضي أبي حامد من أصحابنا كما سبق.

    قال ابن المنذر: "أي ذلك قال أجزأه".

    وأنا إلى حديث:" وجهت وجهي.." أميل، دليلنا أنا قدمنا أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستفتاح بـ"سبحانك اللهم شيء، وثبت:" وجهت وجهي.." فتعين اعتماده والعلم به. والله أعلم" انتهى كلامه 

    قلت: فيما رجحه النووي إهمال لبعض ما صح في السنة، والعمل بكل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم مقدم، فالقول الذي قاله ابن تيمية هو الصواب، إلا أنني لا أرى الجمع بينها في صلاة واحدة؛ لعدم ثبوت ذلك في السنة . والله أعلم.

    وقال بجواز الاستفتاح بكل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الإمام أحمد وابن المنذر.

    وقال البغوي في شرح السنة (3/ 39): وقد روي غير هذا من الذكر في افتتاح الصلاة، وهو من الاختلاف المباح، فبأيها استفتح جاز. انتهى 

    وانظر الأوسط لابن المنذر (3/ 224)، والمغني لابن قدامة (1/ 341)، وفتح الباري لابن رجب الحنبلي(6/ 376).

    ([1]) أخرجه مسلم (771) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

    ([2]) أخرجه البخاري (744)، ومسلم (598) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

    ([3]) أخرجه مسلم (601) عن ابن عمر رضي الله عنه.

    ([4]) أخرجه مسلم (600) عن أنس رضي الله عنه.  

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم