• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الاستعاذة لقراءة القرآن
  • رقم الفتوى: 3156
  • تاريخ الإضافة: 23 صَفَر 1441
  • السؤال
    هل التعوذ واجب من واجبات قراءة القرآن في الصلاة وخارجها ؟
  • الاجابة

    الاستعاذة مستحبة قبل القراءة في الصلاة وخارجها؛ لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]، والصارف لهذا الأمر عن الوجوب؛ ما ثبت عن النبي ﷺ من أنه قرأ سورة الكوثر ولم يتعوذ([1])، وفي الصلاة حديث المسيء صلاته.

    ولفظها : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم » وتكون في الصلاة قبل البسملة وقراءة الفاتحة، ولم يصحّ عن النبي ﷺ لفظ خاص بالصلاة في التعوذ، وأما اللفظ الذي ذكرناه فقد صح عن النبي ﷺ في غير الصلاة(2)، وهو قول أكثر أهل العلم.

    ويستحب تكرارها في كل ركعة؛ فالقراءة الثانية منفصلة عن الأولى بأذكار وأفعال، فليست قراءة واحدة.

    وتكون الاستعاذة سرًّا لا جهرًا، فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم الجهر بها، وهو قول أكثر أهل العلم، كما في فتح الباري (6/ 430) لابن رجب الحنبلي.

    والمأموم يتعوذ إذا قرأ فقط؛ لأن التعوذ للقراءة. فإذا جهر الإمام لا يتعوذ، كما قال ابن تيمية. مجموع الفتاوى(23/ 280). والله أعلم هذه الخلاصة.

    قال النووي في المجموع (3/ 325): في مذاهب العلماء في التعوذ، ومحله، وصفته، والجهر به، وتكراره في الركعات، واستحبابه للمأموم ، وأنه سنة أم واجب.

    أما أصله فاستحبه للمصلي جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ومنهم: ابن عمر وأبو هريرة وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وابن سيرين والنخعي والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأى وأحمد وإسحق وداود وغيرهم، وقال مالك: لا يتعوذ أصلاً لحديث: " المسيء صلاته ". ودليل الجمهور الآية، واستدلوا بأحاديث ليست بثابتة فالآية أولى.

    وأما محله، فقال الجمهور: هو قبل القراءة، وقال أبو هريرة وابن سيرين والنخعي: يتعوذ بعد القراءة، وكان أبو هريرة يتعوذ بعد فراغ الفاتحة لظاهر الآية. وقال الجمهور: معناها إذا أردت القراءة فاستعذ، وهو اللائق السابق إلى الفهم.

    وأما صفته، فمذهبنا أنه يستحب أن يقول (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وبه قال الأكثرون، قال القاضي أبو الطيب: وقال الثوري: يستحب أن يقول (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم)، وقال الحسن ابن صالح: يقول (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)، ونقل الشاشي عن الحسن بن صالح: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم)، وحكى صاحب الشامل هذا عن أحمد بن حنبل.

    واحتج بقول الله تعالى {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم} وحديث أبي سعيد.

     واحتج أصحابنا بقول الله تعلى {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} فقد امتثل الأمر.

    وأما الجواب عن الآية التي احتج بها، فليست بياناً لصفة الاستعاذة، بل أمر الله تعالى بالاستعاذة، وأخبر أنه سميع الدعاء عليم، فهو حث على الاستعاذة، والآية التي أخذنا بها أقرب إلى صفة الاستعاذة، وكانت أولى.

    وأما حديث أبي سعيد رضي الله عنه فسبق أنه ضعيف(3).

    وأما الجهر بالتعوذ في الجهرية فقد ذكرنا أن الراجح في مذهبنا أنه لا يجهر، وبه قال ابن عمر وأبو حنيفة، وقال أبو هريرة: يجهر، وقال ابن ليلى: الإسرار والجهر سواء وهما حسنان.

    وأما استحبابه في كل ركعة فقد ذكرنا أن الأصح في مذهبنا استحبابه في كل ركعة، وبه قال ابن سيرين، وقال عطاء والحسن والنخعي والثوري وأبو حنيفة: يختص التعوذ بالركعة الأولى.

    وأما استحبابه للمأموم فمذهبنا أنه يستحب له كما يستحب للإمام والمنفرد، وقال الثوري وأبو حنيفة: لا يتعوذ المأموم؛ لأنه لا قراءة عليه عندهما.

    وأما حكمه فمستحب ليس بواجب، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، ونقل العبدري عن عطاء والثوري أنهما أوجباه، قال: وعن داود روايتان: إحداهما وجوبه قبل القراءة، ودليله ظاهر الآية، ودليلنا حديث " المسيء صلاته " والله أعلم. انتهى 

    وانظر فتح الباري لابن رجب الحنبلي (6/ 428)


    ([1]) أخرجه مسلم (400) عن أنس رضي الله عنه. 

    ([2]) عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ، مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " فَقَالُوا لِلرَّجُلِ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ. أخرجه البخاري (6115)، ومسلم(2610).

    ([3]) حديث أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك»، ثم يقول: «لا إله إلا الله» ثلاثاً، ثم يقول: «الله أكبر كبيراً» ثلاثاً، «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه، ونفخه، ونفثه»، ثم يقرأ.

    أخرجه أبو داود فقال: وهذا الحديث، يقولون هو عن علي بن علي، عن الحسن مرسلاً، الوهم من جعفر. انتهى

    وقال الترمذي (242): وقد تُكلم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي "، وقال أحمد: «لا يصح هذا الحديث». انتهى وانظر فتح الباري لابن رجب الحنبلي (6/ 430).

     

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم