• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الصلاة في حق الصغير دون سن البلوغ
  • رقم الفتوى: 3325
  • تاريخ الإضافة: 12 ربيع الأول 1441
  • السؤال
    هل تجب الصلاة على الصغير الذي لم يبلغ؟
  • الاجابة

    لا تجب عليه قبل أن يبلغ، فالعبادات يشترط لوجوبها البلوغ؛ لقول النبي ﷺ: «رفع القلم عن ثلاث» ومنهم «الصبي حتى يحتلم»(1) ، ولكن إن فعلها وهو مميِّز قبل البلوغ صحّت منه وأُجِر عليها، وانظر سن البلوغ في الفتوى رقم(1041).

    ويجب على الوالدين أن يحرصا على تعليمه الصلاة ومداومته عليها؛ كي يعتادها، ولا يتركها عندما يبلغ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها، وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع»(2). والله أعلم

    قال ابن حجر في فتح الباري (2 / 345): لم يقل بظاهره إلا بعض أهل العلم، قالوا : تجب الصلاة على الصبي للأمر بضربه على تركها، وهذه صفة الوجوب، وبه قال أحمد في رواية، وحكى البندنيجي أن الشافعي أومأ إليه، وذهب الجمهور إلى أنها لا تجب عليه إلا بالبلوغ، وقالوا: الأمر بضربه للتدريب. وجزم البيهقي بأنه منسوخ بحديث رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم؛ لأن الرفع يستدعي سبق وضع. انتهى

    وقال النووي في المجموع (3/ 10- 11): واعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم " مروا أولادكم بالصلاة " ليس أمراً منه صلى الله عليه وسلم للصبي، وإنما هو أمر للولي، فأوجب على الولي أن يأمر الصبي.

    وهذه قاعدة معروفة في الأصول: [أن الأمر بالأمر بالشيء ليس أمراً بالشيء، ما لم يدل عليه دليل]؛ كقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة}.

    أما حكم المسألة: فمن لا تلزمه الصلاة لا يؤمر بفعلها لا إيجاباً ولا ندباً إلا الصبي والصبية فيؤمران بها ندباً، إذا بلغا سبع سنين وهما مميزان، ويضربان على تركها إذا بلغا عشر سنين، فإن لم يكونا مميزين لم يؤمرا؛ لأنها لا تصح من غير مميز.

    وقد اقتصر المصنف على الصبي، ولو قال الصبي والصبية لكان أولى، وأنه لا فرق بينهما بلا خلاف، صرح به أصحابنا؛ لحديث عمرو بن شعيب الذي ذكرناه.

    وهذا الأمر والضرب واجب على الولي، سواء كان أباً أو جداً أو وصياً أو قيماً من جهة القاضي، صرح به أصحابنا، منهم: صاحبا الشامل والعدة وآخرون. ذكره صاحب العدة في آخر باب موقف الامام والمأموم ، وهناك ذكره المزني عن الشافعي في المختصر.

    ودليل هذه القاعدة قوله تعالي {وأمر أهلك بالصلاة} وقوله تعالى {قو أنفسكم وأهليكم ناراً} وقوله صلى الله عليه وسلم " وإن لولدك عليك حقاً " رواه مسلم في صحيحه في كتاب الصيام من رواية ابن عمرو بن العاص، وقوله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته " رواه البخاري ومسلم.

    قال الشافي في المختصر: " وعلى الآباء والأمهات أن يؤدبوا أولادهم، ويعلموهم الطهارة والصلاة، ويضربوهم على ذلك إذا عقلوا ".

    قال أصحابنا: ويأمره الولي بحضور الصلوات في الجماعة وبالسواك وسائر الوظائف الدينية، ويعرفه تحريم الزنا واللواط والخمر والكذب والغيبة وشبهها.

    قال الرافعي: قال الأئمة: يجب على الآباء والأمهات تعليم أولادهم الطهارة والصلاة والشرائع بعد سبع سنين، وضربهم على تركها بعد عشر سنين، وأجرة تعليم الفرائض في مال الصبي، فإن لم يكن له مال فعلى الأب، فإن لم يكن فعلى الأم...انتهى باختصار 

    وقال (7/ 42): قال أصحابنا وغيرهم: يكتب للصبي ثواب ما يعمله من الطاعات؛ كالطهارة والصلاة والصوم والزكاة والاعتكاف والحج والقراءة والوصية والتدبير - إذا صححناهما- وغير ذلك من الطاعات، ولا يكتب عليه معصية بالإجماع، ودليل هذه القاعدة الأحاديث الصحيحة المشهورة؛ كحديث: "ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر"، وحديث السائب بن يزيد، وحديث جابر، وغيرها مما سبق هنا، وحديث صلاة ابن عباس مع النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث تصويم الصبيان يوم عاشوراء، وهو في الصحيحين، وحديث: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع" وهو صحيح، وسبق بيانه، وحديث إمامة عمرو بن سلمة وهو ابن سبع سنين، وهو في البخاري. واشباه ذلك. انتهى

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (2/ 12): والتكليف يتضمن وصفين هما: البلوغ والعقل. فمعنى مكلف أي: بالغ عاقل، فغير البالغ وغير العاقل لا تلزمه الصلاة بالدليل الأثري والنظري.
    أما الأثري: فقوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون 
    حتى يفيق، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ».
    وأما النظر: فلأنهما ليسا أهلا للتكليف؛ إذ إن قصدهم قاصر مهما كان، ولهذا يختلف غير المكلف عن المكلف في بعض الأمور؛ فأبيح للصبي من اللعب واللهو ما لم يبح لغيره، ووسع للصبي في الواجبات ما لم يوسع لغيره، حتى إن الشيء الذي يكون جريمة في البالغ لا يكون جريمة في الصغير؛ لأن نظره قاصر، وكذا قصده، والمجنون من باب أولى، فالمجنون البالغ غير مكلف. والصغير العاقل غير مكلف.
    فإن قلت: إذا لم يجب على الصبي صلاة؛ أفليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أوجب على الإنسان أن يأمر ابنه أو ابنته بالصلاة لسبع، ويضربه عليها لعشر؟ وهل يضرب الإنسان على شيء لا يجب عليه؟
    فالجواب على ذلك أن نقول: إنما ألزم الوالد بأمر أولاده وضربهم؛ لأن هذا من تمام الرعاية والقيام بالمسؤولية التي حملها، والأب أهل للمسؤولية. لا لأن الصبي تجب عليه الصلاة، ولذلك لا يلزمه قضاؤها لو تركها. ولو كان الصبي له ست سنوات؛ لكنه فطن وذكي، فظاهر الحديث أنه لا يأمره؛ لأن الشارع حدها بالسبع؛ لأن الغالب أنه يكون بها التمييز، والنادر لا حكم له.
    فإن قلنا: إن التمييز ليس محدوداً بسن وإنما هو بالمعنى، وأن التمييز هو: أن يفهم الخطاب، ويرد الجواب، كما يدل عليه الاشتقاق، فهل يجعل الحكم في أمره بالصلاة منوطاً به؛ ولو كان دون السبع أم لا؟ هذا محل نظر، قد يقال: إننا نجعل الحكم منوطاً بالتمييز، وقد نقول: إنه منوط بالسبع كما جاء في السنة. والشارع أحكم منا، فيتقيد أمره بالصلاة وضربه عليها بما جاءت به السنة. انتهى

    وانظر جامع الترمذي (407)، والأوسط لابن المنذر (4/ 447- الفلاح)، والمغني لابن قدامة (1/ 441- مكتبة القاهرة). 


    (1) أخرجه أبو داود 4398)، والنسائي (3432)، وابن ماجه (2041) عن عائشة رضي الله عنها.

    (2) أخرجه أحمد (6689)، وأبو داود (495). 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم