• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الصلاة في مكان فيه صور أو شيء يلهي المصلي
  • رقم الفتوى: 3417
  • تاريخ الإضافة: 29 ربيع الأول 1441
  • السؤال
    ما حكم الصلاة في مكان أو ثوب فيه تصاوير تشغل المصلي عن الصلاة أو أي شيء آخر؟
  • الاجابة

    تكره الصلاة في ثوب أو أي شيء يشغل المصلي عن صلاته، أو في مكان فيه تصاوير أو كتابة أو غير ذلك تكون أمامه فتشغله عن صلاته؛ لحديث عائشة: «أن النبي  صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي الجهم، وأتوني بأنبجانيّة أبي جهم، فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي»([1]).

    والخميصة: نوع من الثياب، والأعلام: خطوط ملوّنة في الثوب، والإنبجانيّة: ثوب غليظ لا خطوط له.

    قال البغوي في شرح السنة (3/ 256): فيه دليل على كراهية تنقيش مواضع الصلاة، والصلاة على المصلى المنقوش، وفيه أن من استثبت خطاً مكتوباً وهو في الصلاة، لم تفسد صلاته، وذلك أنه لا يشغله علم الخميصة عن صلاته حتى يتأمله بالنظر إليه، وفيه أن التفكر في الشيء لا يبطل الصلاة. انتهى

    وأخرج البخاري في «صحيحه» (374) عن أنس بن مالك، قال: كان قِرامٌ لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي ﷺ: «أميطي عنا قِرامَك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي» ، والقِرام: ستر رقيق من صوف ذو ألوان ونقوش. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال ابن رجب الحنبلي في فتح الباري (2/ 428): "وفيه: دليل على أن المصلي لا ينبغي أن يترك بين يديه ما يشغله النظر إليه عن صلاته.
    وفي سنن أبي داود: عن عثمان بن طلحة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني نسيت أن آمرك أن تخمر القرنين؛ فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي".
    وخرجه الإمام أحمد من حديث أم عثمان بنت سفيان، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له في هذا الحديث: "أنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يلهي المصلين".
    والمراد بالقرنين: قرنا الكبش الذي فدي به إسماعيل عليه السلام؛ فإنه ما كانا في الكعبة إلى أن أحرقا عند حريق البيت في زمن ابن الزبير.
    وفي الحديث: دليل على جواز الصلاة في الكعبة.

    وقد نص أحمد على كراهة أن يكون في القبلة شيء معلق من مصحف أو غيره.
    وروي عن النخعي، قال: كانوا يكرهون ذلك.
    وعن مجاهد، قال: لم يكن ابن عمر يدع شيئاً بينه وبين القبلة إلا نزعه: سيفاً ولا مصحفاً.
    ونص أحمد على كراهة الكتابة في القبلة لهذا المعنى، وكذا مذهب مالك. 

    وقد ذكر البخاري تعليقاً عن عمر، أنه أمر ببناء المسجد، وقال: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. وسيأتي في موضعه - أن شاء الله تعالى".

    وقال: "وأما الصلاة في ثوب فيه تصاوير ففيه قولان للعلماء، بناء على أنه: هل يجوز لبس ذلك أم لا؟
    فرخص في لبسه جماعة، منهم أحمد في رواية الشالنجي، وكذلك قال أبو خيثمة، وسليمان بن داود الهاشمي، واستدلوا بالحديث الذي جاء فيه: "إلا رقما في ثوب".
    وقد خرجه البخاري في كتاب: اللباس من حديث أبي طلحة. وخرجه الإمام أحمد، والنسائي، والترمذي وصححه من حديث أبي أيوب وسهل بن حنيف، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    وكان كثير من السلف يلبس خاتماً عليه صورة حيوان منقوشة في فصه.
    وقالت طائفة: يكره ذلك، وهو قول مالك والثوري، وطائفة من أصحابنا.
    وقالت طائفة: يحرم لبسه، وهو رواية عن أحمد، أختارها القاضي أبو يعلى وغيره.
    وروى وكيع في كتابه عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عمران بن حطان، عن عائشة، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرى في ثوب تصاوير إلا نقضه.
    وقد خرجه البخاري في كتابه هذا عن طريق هشام، عن يحيى، ولفظه: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه.
    وظاهر تبويب البخاري يدل على كراهة الصلاة فيه استدلالاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي". ولكن هذا لا ينافي فيما فيه تصاوير في موضع لا يقع بصره عليه في الصلاة.
    وصرح أصحابنا بكراهة استصحابه في الصلاة، وسواء قلنا: يجوز لبسه أو لا.
    ومذهب مالك: أنه لا يلبس خاتم فيه تماثيل، ولا يصلى به، ويلبس ثوب فيه تصاوير.
    وأما الصلاة على بساط فيه تصاوير، فرخص فيه أكثر العلماء، ونص عليه أحمد وإسحاق؛ لأنهم أجازوا استعمال ما يوطأ عليه من الصور.
    وكره ذلك طائفة قليلة، ومنهم: الجوزجاني، وروى عن الزهري.
    وذكر ابن أبي عاصم في كتاب اللباس له: باب: من قال: لا بأس بالصلاة على البساط إذا كان فيه صور: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم: ثنا روح بن عبادة: ثنا شعبة، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على الخمرة، وفيها تصاوير.
    وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث شعبة بدون هذه الزيادة.
    وسيأتي بسط هذه المسائل في موضعها من الكتاب - أن شاء الله تعالى.
    وقد بوب البخاري في كتاب: اللباس على كراهة الصلاة في التصاوير، وأعاد فيه حديث عائشة الذي خرجه هاهنا، وظاهر ذلك يدل على أنه يكره الصلاة في ثوب فيه صورة، وعلى بساط عليه صورة؛ فإن ذلك كله يعرض للمصلي في صلاته.
    وبوب هناك - أيضاً - على الرخصة فيما يوطأ من الصورة، وعلى كراهة ذلك - أيضاً -، فأشار إلى الاختلاف فيه. انتهى 


    ([1]) أخرجه البخاري (373)، ومسلم (556) عن عائشة رضي الله عنها.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم