• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: مشروعية صلاة الضحى
  • رقم الفتوى: 3464
  • تاريخ الإضافة: 4 ربيع الآخر 1441
  • السؤال
    هل صلاة الضحى مشروعة ؟ وما هو وقتها؟ وكم عدد ركعاتها؟
  • الاجابة

    نعم صلاة الضحى مستحبة؛ للأحاديث الواردة فيها وفي فضلها، قال ابن أبي ليلى: «ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي ﷺ صلى الضحى غير أم هانئ ذكرت أن النبي ﷺ يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، فصلى ثماني ركعات، فما رأيته صلى صلاة أخف منها غير أنه يُتم الركوع والسجود» متفق عليه([1]) .

    وفي رواية عند مسلم: «سبحة الضحى» أي: نافلة الضحى.

    وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: «أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت، صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر» متفق عليه([2]) .

    وفي رواية مسلم: «وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد».

    وتستحب المداومة عليها لحديث أبي هريرة هذا، وأما ترك النبي صلى الله عليه وسلم لها؛ فخشية أن تفرض على أمته صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث عائشة(3).

    ووقتها من بعد طلوع الشمس بقدر ربع ساعة تقريباً إلى استواء الشمس، أي قبل دخول وقت الظهر بعشر دقائق تقريباً، وأفضله آخر وقتها.

    وأما عدد ركعاتها؛ فأقلها ركعتان، أو أربع ركعات؛ ركعتان ركعتان، أو ست ركعات، بعد كل ركعتين تسليم، أو ثمان ركعات بعد كل ركعتين تسليم، وهذه أكمل صورها. هذه خلاصة الفتوى والأدلة ستأتي في كلام أهل العلم، وانظر الفتوى رقم (3465). والله أعلم 

    قال النووي في المجموع (4/ 40): وهذا الذي ذكرناه من كون الضحى سنة هو مذهبنا ومذهب جمهور السلف، وبه قال الفقهاء المتأخرون كافة، وثبت عن ابن عمر أنه يراها بدعة، وعن ابن مسعود نحوه.

    دليلنا الأحاديث المذكورة، ويتأول قوله بدعة؛ على أنه لم يبلغه الأحاديث المذكورة، أو أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليها، أو أن إظهارها في المساجد ونحوها بدعة، وإنما سنة النافلة في البيت. وقد بسطت جوابه في شرح صحيح مسلم رحمه الله تعالى. انتهى

     أما حكم المسألة فقال أصحابنا: صلاة الضحى سنة مؤكدة، وأقلها ركعتان، وأكثرها ثمان ركعات، هكذا قاله المصنف والأكثرون.

    وقال الروياني والرافعي وغيرهما: أكثرها اثنتي عشرة ركعة، وفيه حديث فيه ضعف سنذكره إن شاء الله تعالى.

    وأدنى الكمال أربع، وأفضل منه ست، قال أصحابنا: ويسلم من كل ركعتين من الضحى.

     ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال، قال صاحب الحاوي: وقتها المختار: إذا مضى ربع النهار؛ لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الأوابين حين تَرمَض الفِصال" رواه مسلم، ترمض بفتح التاء والميم، والرمضاء: الرمل الذي اشتدت حرارته من الشمس، أي حين يبول الفصلان من شدة الحر في أخفافها. انتهى

    قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (4/ 88): وقت صلاة الضحى، من خروج وقت النهي، والمؤلف رحمه الله لم يبين وقت النهي هنا، لكن سيبينه ـ إن شاء الله ـ في آخر الباب.
    ووقت النهي: من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح، أي: بعين الرائي، وإلا فإن هذا الارتفاع قيد رمح بحسب الواقع أكثر من مساحة الأرض بمئات المرات، لكن نحن نراه بالأفق قيد رمح، أي: نحو متر.
    وبالدقائق المعروفة: حوالي اثنتي عشرة دقيقة، ولنجعله ربع ساعة خمس عشرة دقيقة؛ لأنه أحوط فإذا مضى خمس عشرة دقيقة من طلوع الشمس، فإنه يزول وقت النهي، ويدخل وقت صلاة الضحى. وقوله: «إلى قبيل وقت الزوال». «قبيل» تصغير قبل، أي: قبل زوال الشمس بزمن قليل حوالي عشر دقائق؛ لأن ما قبيل الزوال وقت نهي ينهى عن الصلاة فيه؛ لأنه الوقت الذي تسجر فيه جهنم، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلى فيه، قال عقبة بن عامر رضي الله عنه: «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب».
    وقائم الظهيرة يكون قبيل الزوال بنحو عشر دقائق، فإذا كان قبيل الزوال بعشر دقائق دخل وقت النهي.
    إذا؛ وقت صلاة الضحى من زوال النهي في أول النهار إلى وجود النهي في وسط النهار.
    وفعلها في آخر الوقت أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال» وهذا في «صحيح مسلم».
    ومعنى «ترمض» أي: تقوم من شدة حر الرمضاء، وهذا يكون قبيل الزوال بنحو عشر دقائق. انتهى 

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 97): النوع الثالث: صلوات معينة سوى ذلك، منها صلاة الضحى، وهي مستحبة؛ لما روى أبو هريرة قال: «أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد» . متفق عليه. وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: «أوصاني حبيبي بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وأن لا أنام حتى أوتر» . وروى أبو ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» . رواهما مسلم.

    فأقلها ركعتان لهذا الخبر، وأكثرها ثمان في قول أصحابنا؛ لما روت أم هانئ، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل بيتها يوم فتح مكة، وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها، غير أنه يتم الركوع والسجود» . متفق عليه.

    ووقتها إذا علت الشمس واشتد حرها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال» . رواه مسلم.

    قال بعض أصحابنا: لا تستحب المداومة عليها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يداوم عليها، «قالت عائشة: ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى قط» . متفق عليه. وعن عبد الله بن شقيق، قال: «قلت لعائشة: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه» . رواه مسلم.
    وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: «ما حدثني أحد أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى إلا أم هانئ، فإنها حدثت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل بيتها يوم فتح مكة، فصلى ثماني ركعات، ما رأيته قط صلى صلاة أخف منها، غير أنه كان يتم الركوع والسجود» . متفق عليه. ولأن في المداومة عليها تشبيها بالفرائض.

    وقال أبو الخطاب: تستحب المداومة عليها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بها أصحابه. وقال: «من حافظ على شفعة الضحى غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر» . قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث النهاس بن قهم. ولأن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه. انتهى والله أعلم 


    ([1]) أخرجه البخاري (1103)، ومسلم (336).

    ([2]) أخرجه البخاري (1178)، ومسلم (721).  

    ([3]) أخرجه البخاري (1128)، ومسلم (718) عن عائشة، أنها قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها"، زاد مسلم: "وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به، خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم».

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم