• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: إمامة النساء
  • رقم الفتوى: 3529
  • تاريخ الإضافة: 12 ربيع الآخر 1441
  • السؤال
    ما حكم إمامة النساء في الصلاة ؟
  • الاجابة

    إمامة النساء للرجال في الصلاة لا تجوز في الفرائض بالاتفاق([1]).

    وأما في النوافل، فالصحيح أنها لا تجوز أيضاً، فلم يرد في السنة ما يدلّ على جواز إمامتها للرجال، وقد جاءت الشريعة بالتفريق بين الرجال والنساء في التقديم والتأخير في الصلاة، فجعلت النساء خلف الرجال، فلا يجوز تقديمهن إلا بدليل صحيح خاص بهنّ.

    ثم إن النبي ﷺ قال: « لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة »([2]) ، والصلاة من أمرنا، ومن ائتم بالمرأة فقد ولّاها أمر صلاته.

    وأما الذين قالوا بجواز إمامة النساء بالرجال في النوافل، فقد استدلّوا بحديث أم ورقة: « أن النبي ﷺ أمرها أن تؤم أهل دارها، وفيهم رجال»([3]) . وهو حديث ضعيف لا يصح الاستدلال به.

    وللمرأة أن تؤم النساء وتقف وسطهن كما فعلت عائشة رضي الله عنها([4]). هذه خلاصة الفتوى . والله أعلم 

    قال ابن قدامة في المغني (2/ 147): وأما المرأة فلا يصح أن يأتم بها الرجل بحال، في فرض ولا نافلة، في قول عامة الفقهاء، وقال أبو ثور: لا إعادة على من صلى خلفها. وهو قياس قول المزني.

    وقال بعض أصحابنا: يجوز أن تؤم الرجال في التراويح، وتكون وراءهم؛ لما روي عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث، «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها.» رواه أبو داود. وهذا عام في الرجال والنساء.

    ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تؤمن امرأة رجلاً» ، ولأنها لا تؤذن للرجال، فلم يجز أن تؤمهم، كالمجنون.

    وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها، كذلك رواه الدارقطني. وهذه زيادة يجب قبولها، ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الخبر عليه؛ لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض، بدليل أنه جعل لها مؤذنا، والأذان إنما يشرع في الفرائض، ولا خلاف في أنها لا تؤمهم في الفرائض، ولأن تخصيص ذلك بالتراويح واشتراط تأخرها تحكم يخالف الأصول بغير دليل، فلا يجوز المصير إليه، ولو قدر ثبوت ذلك لأم ورقة، لكان خاصاً بها، بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة، فتختص بالإمامة لاختصاصها بالأذان والإقامة. انتهى

    وقال النووي في المجموع (4/ 255): حديث جابر -يعني حديث: «لا تؤمن امرأة رجلاً»- رواه ابن ماجه والبيهقي بإسناد ضعيف، واتفق أصحابنا على أنه لا تجوز صلاة رجل بالغ ولا صبي خلف امرأة، حكاه عنهم القاضي أبو الطيب والعبدري، ولا خنثى خلف امرأة ولا خنثى؛ لما ذكره المصنف، وتصح صلاة المرأة خلف الخنثى، وسواء في منع إمامة المرأة للرجال صلاة الفرض والتراويح وسائر النوافل، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف رحمهم الله، وحكاه البيهقي عن الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وسفيان وأحمد وداود، وقال أبو ثور والمزني وابن جرير: تصح صلاة الرجال وراءها، حكاه عنهم القاضى أبو الطيب والعبدري، وقال الشيخ أبو حامد: مذهب الفقهاء كافة أنه لا تصح صلاة الرجال وراءها إلا أبا ثور. والله أعلم. انتهى

    وقال ابن عثيمين: قوله: «ولا امرأة»، أي: لا تصح صلاة الرجل خلف امرأة.
    والدليل: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تؤمن امرأة رجلا»، وهذا الحديث ضعيف، لكن يؤيده في الحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، والجماعة قد ولوا أمرهم الإمام فلا يصح أن تكون المرأة إماما لهم.
    ودليل آخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ... خير صفوف النساء آخرها». وهذا دليل على أنه لا موقع لهن في الأمام، والإمام لا يكون إلا في الأمام، فلو قلنا بصحة إمامتهن بالرجال لانقلب الوضع، فصارت هي المتقدمة على الرجل، وهذا لا تؤيده الشريعة.
    ولأنه قد تحصل فتنة تخل بصلاة الرجل إذا كانت إلى جنبه أو بين يديه. انتهى 

    وأما إمام المرأة النساء فقال ابن قدامة في المغني (2/ 148): اختلفت الرواية، هل يستحب أن تصلي المرأة بالنساء جماعة؟ فروي أن ذلك مستحب، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء عائشة، وأم سلمة، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور. وروي عن أحمد - رحمه الله - أن ذلك غير مستحب وكرهه أصحاب الرأي، وإن فعلت أجزأهن. وقال الشعبي، والنخعي، وقتادة: لهن ذلك في التطوع دون المكتوبة. وقال الحسن، وسليمان بن يسار: لا تؤم في فريضة ولا نافلة. وقال مالك: لا ينبغي للمرأة أن تؤم أحداً؛ لأنه يكره لها الأذان، وهو دعاء إلى الجماعة، فكره لها ما يراد الأذان له.
    ولنا حديث أم ورقة ولأنهن من أهل الفرض، فأشبهن الرجال، وإنما كره لهن الأذان لما فيه من رفع الصوت، ولسن من أهله. إذا ثبت هذا، فإنها إذا صلت بهن قامت في وسطهن، لا نعلم فيه خلافاً بين من رأى لها أن تؤمهن، ولأن المرأة يستحب لها التستر، ولذلك لا يستحب لها التجافي، وكونها في وسط الصف أستر لها؛ لأنها تستتر بهن من جانبيها، فاستحب لها ذلك كالعريان، فإن صلت بين أيديهن احتمل أن يصح؛ لأنه موقف في الجملة، ولهذا كان موقفا للرجل، واحتمل أن لا يصح؛ لأنها خالفت موقفها، أشبه ما لو خالف الرجل موقفه. انتهى والله أعلم 


    ([1]) قال ابن حزم: «واتفقوا أن المرأة لا تؤم الرجال وهم يعلمون أنها امرأة، فإن فعلوا فصلاتهم فاسدة بإجماع». «مراتب الإجماع» (ص27).

    ([2]) أخرجه البخاري (4425) عن أبي بكرة رضي الله عنه .

    ([3]) أخرجه أحمد في «مسنده» (27283)، وأبو داود (592) عن أم ورقة بنت عبد الله بن نوفل الأنصارية.

    وهو معلّ بالاضطراب والجهالة.

    وقد حقق القول فيه ابن الملقّن في « البدر المنير » (4/ 389).

    ([4]) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/202)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (3/141) والحاكم في «المستدرك » (1/320) وغيرهم.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم